طالبت منظمات مدنية تونسية بتسهيل وصول النساء من ذوات الإعاقة ضحايا العنف إلى حقوق الإحاطة والرعاية في المراكز المتخصصة، خصوصاً مع تصاعد نسب العنف ضد هذه الفئة من الضحايا، وذلك تزامناً مع الحملة الأممية "16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف ضدّ المرأة" التي تنطلق سنوياً يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني الموافق لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي تختتم فعالياته يوم 10 ديسمبر/كانون الأول تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وتأتي حملة هذا العام تحت شعار "كل 10 دقائق تقتل إمرأة، لاعذر"، وهو شعار يعكس الواقع المأساوي الذي تعيشه كل دول العالم بسبب تنامي ظاهرة العنف وقتل النساء. وقالت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، راضية الجربي إن "المنظمة تسجل بكل أسف ضعف نفاذ أصحاب وصاحبات الإعاقة إلى الحياة العامة، وإلى الخدمات، من صحّة جنسية وإنجابية وتعليم ونقل آمن وتشغيل، وعدم احترام مواطنتهم ومعطياتهم الشخصية وتعرّضهم للعنف والوصم والإقصاء والتهميش والتمييز".
وأكدت الجربي لـ"العربي الجديد" أن "منظومة التعهد بالنساء ضحايا العنف لاستقبال النساء ذوات الإعاقة لا تزال تحتاج إلى جهد كبير لتأهيلها وتسهيل نفاذ هذه الفئة إلى حقوقها في الحماية من العنف أو المرافقة القانونية لتتبع مرتكبيه"، مشيرة إلى أن "النساء حاملات الإعاقة هنّ ضحايا عنف مركّب ويتعرّضن لأنواع مختلفة من الإقصاء، ما يجعلهن بعيدات كل البعد عن الحماية في ظل صعوبات لوجستية تسهل نفاذهن إلى الخدمات التي تحصل عليها بقية النساء". وأعلنت الجربي "تسجيل آلاف من إشعارات العنف للنساء حاملات الإعاقة التي ترتكب في الفضاء العام أو المحيط الأسري، أو حتى داخل مراكز عملهن"، معتبرة أن "التبليغات التي تُرصَد قد تكون جزءاً ضعيفاً من منسوب العنف المسلط على النساء ذوات الحاجيات الأساسية الذي يسكت عنه المجتمع"، موضحة أنه "تحاول المنظمة عبر رابطتها الخاصة بالنساء حاملات الإعاقة على تعريفهن بحقوقهن الأساسية وطرق التصدي القانوني للعنف عبر ترجمة بنود القانون الأساسي لمكافحة العنف ضد المرأة إلى لغتي الإشارة والبرايل، بما يسمح لحاملات الإعاقة البصرية والسمعية بالاطلاع على فحوى القانون".
وأشارت في سياق متصل إلى أن النساء ضحايا العنف من ذوات الإعاقة يفتقرن إلى مراكز إيواء خاصة بهنّ، مشيرة إلى أن هذه المراكز المتخصصة يجب أن تراعي في هندستها المعمارية خصوصيات الحركة لحاملات الإعاقة الجسدية، مؤكدة أن القانون 58 لسنة 2017 المناهض للعنف ضد المرأة غير معروف في أوساط النساء ذوات الإعاقة، فضلاً عن الصعوبات التي تلاقيها المرأة المعنّفة في الولوج إلى مراكز الأمن وإسماع صوتها أو الاتصال بمراكز النداء والخط الأخضر الذي تخصصه وزارة المرأة لتلقي التبليغات أو مراكز إيواء النساء ضحايا العنف.
وفي عام 2016 وجهت مجموعة من النساء ذوات الإعاقة دعوة إلى مختلف منظمات المجتمع المدني وهياكل الدولة والأحزاب السياسية من أجل العمل على تيسير نفاذهن إلى الحياة العامة، ودعت هؤلاء النسوة الحاملات لإعاقات متنوعة (بصرية أو سمعية أو حركية) ومن فئات اجتماعية مختلفة إلى أن يكون التعامل معهنّ ضمن علاقة تشاركية لا علاقة فوقية مثل ما هو حاصل، حسب تقديرهنّ، مشيرات إلى أن أغلبية الاستراتيجيات الموجودة، التي تهمّ هذه الفئة لم تُبنَ من طريق تشريك أصحاب القضية، بل عبر عدد من الخبراء، أو بالاعتماد على تجارب دول أخرى.
من جانبه، يدين الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بشدّة تواصل ارتفاع منسوب جرائم قتل النساء، معتبراً أنّ تنامي هذه الظاهرة بشكل مرعب في صفوف النساء يعود إلى خلل في تطبيق القانون 58 لسنة 2017، المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، بسبب طول إجراءات التقاضي، وتكريس الإفلات من العقاب. وقالت المنظمة في بيان لها صدر أمس الاثنين إن "عدم توفير الحماية القانونية اللازمة للنساء المعنفات بما يكفل أمنهنّ وسلامتهنّ، وغياب خطة وطنية شاملة وتشاركية تجمع مختلف الوزارات ذات الصلة من أجل نشر ثقافة تحترم كرامة النساء وحقهنّ في مواطنة كاملة، كلها عوامل زادت في انتشار عقلية ذكورية مطبّعة مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، عقلية مستخفّة بتقدير مخاطر العنف" .