أعلنت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، اليوم الخميس، أن حالات التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة من المتهمين تزداد في المراكز الأمنية، ودعت المتضررين إلى رفع شكواهم إليها. جاء ذلك بعد أسبوع من وفاة مهندس عراقي في العقد الثالث من العمر داخل مركز شرطة بمحافظة بابل جنوب بغداد، والذي قال ذووه إنه تعرّض لتعذيب خلال التحقيق، وتحدثوا عن آثار واضحة لكدمات على جسده.
وقالت اللجنة في بيان: "نتابع بقلق بالغ التقارير المتزايدة التي تشير إلى تصاعد التعذيب في المراكز الأمنية، حيث تُنتزع الاعترافات بالقوة وبطرق تنتهك أبسط معايير حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية. هذه الممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً للدستور العراقي الذي يضمن حماية كرامة الإنسان، والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب".
وذكرت اللجنة أن "الانتهاكات لا تساهم إلا في إضعاف الثقة بين المواطنين والدولة، وتظهر صورة سلبية عن النظام القانوني العراقي على المستويين المحلي والدولي". تابعت: "سنستقبل كل الملفات ونتابعها بشكل دقيق مع الجهات المختصة لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وإنصاف الضحايا".
ودعت اللجنة البرلمانية الحكومة ووزارة الداخلية والجهات القضائية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة لوقف "الممارسات غير القانونية"، وتعزيز آليات مراقبة المراكز التحقيقية، وتفعيل دور لجان التحقيق المستقلة لضمان محاسبة الجناة بحسب القانون. ولوّح البيان بـ"استجواب مسؤولين، ومتابعة الملفات أمام القضاء والضغط نحو تشديد معاقبة من يثبت تورطهم في التعذيب".
وقال الناشط والمحامي أحمد السامرائي لـ"العربي الجديد": "تعتبر ظاهرة التعذيب بهدف انتزاع الاعترافات إحدى الظواهر الأكثر انتشاراً في سجون العراق، وتتسبب في وفاة معتقلين أسبوعياً. وهي تؤدي أيضاً إلى انتزاع اعترافات من المعتقلين تُفضي إلى محاكمات مشوّهة وغير عادلة تنتهي بوجود أبرياء كثيرين في السجون. ويحصل التعذيب بعلم السلطات، ويصل إلى حدّ ابتزاز المعتقلين بأسرهم للحصول على اعترافات يضطر المعتقل إلى التوقيع عليها في نهاية المطاف وتلاوتها، ما يجعل السجون مكاناً مليئاً بقصص عن ظلم أبرياء".
والشهر الماضي، نظّمت عشرات من زوجات وأمهات المعتقلين احتجاجات في ساحة التحرير وسط بغداد، وحملن صوراً لأبنائهن وأزواجهن وأشقائهن مع لافتات كتبت عليها عبارات تندد بعمليات الإعدام الأخيرة التي نفذتها السلطات العراقية، وطاولت عشرات المعتقلين وفقاً لتقرير منظمات حقوقية وسياسية عراقية، ورفعن شعارات تندد باعتماد مخبرين سريين واعترافات أدلى بها أبناؤهن تحت التعذيب، وطالبن بتحقيق العدالة عبر إقرار قانون العفو الذي يراوح مكانه في البرلمان منذ نحو عامين، ويتضمن بنوداً مهمة من بينها إعادة محاكمة من يثبت تعرضهم لتعذيب خلال التحقيق، وأيضاً ضحايا المخبرين السرّيين الذين تسببوا في زجّ آلاف في السجون خلال السنوات الماضية.
ومنذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً رغم وجود اتفاق سياسي على تشريعه. وأشار مراقبون إلى أن أطرفاً داخل "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق تعمل لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للقوى والأطراف السنية لضمان مشاركتها في الحكومة الجديدة.
ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية، والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني. ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.