في فترة حرجة تمر بها المنطقة جراء عدوان الكيان الصهيوني وحرب الإبادة التي يواصلها ضد الشعب الفلسطيني، وبعد اعلان اتفاق وقف اطلاق النار الهش بين لبنان ودولة الاحتلال، وتفاقم التدخلات الخارجية المدانة في شؤون بلدان المنطقة، جاءت التطورات الأخيرة في شمال وشمال غرب سوريا واجتياح مدينة حلب من قبل التنظيمات الإرهابية -لتلقي المزيد من الأضواء على حالة عدم الاستقرار، وتؤشر حقيقة ان المنطقة مهددة بالمزيد من الكوارث، وتتحرك فيها مصالح وإرادات متقاطعة، داخلية وخارجية، بالضد من توق شعوبها الى الحرية والسلام.
هذه التطورات الخطيرة وما يحصل حاليا في سوريا، واستمرار العدوان الصهيوني والتهديدات التي اطلقها ويطلقها مجرم الحرب نتنياهو بدعم سافر من الولايات المتحدة، تسبب المزيد من القلق لشعوب المنطقة، بضمنها شعبنا العراقي.
وواضح تماما ان المنطقة لن تستقر ما لم تعالج أسباب التوتر والحروب أساسا. ولعل في مقدمة ذلك الإقرار والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، ووقف التدخلات الخارجية جميعا، والاقرار بحق شعوبنا في الحياة والتقدم والازدهار، ما يعني ويتطلب إقامة أنظمة وطنية وديمقراطية حقة، تضع مصالح بلدانها وشعوبها فوق كل اعتبار.
وفيما يخص بلدنا العراق، تبرز الحاجة ملحة الى التعامل بيقظة وحذر شديدين مع مجمل التطورات والاحداث الداهمة، ووضع مصلحة العراق وشعبه في المقدمة، بعيدا عن أية اجندات أخرى لا ناقة لشعبنا فيها ولا جمل، وبعيدا عن الارتهان لإرادات اجنبية، إقليمية ودولية.
ان الأوضاع الحرجة الراهنة تتطلب من الحكومة والسلطات كافة النأي ببلادنا عنها وتجنيبها مخاطرها وتداعياتها، والعمل على تقوية وتعزيز الوضع الداخلي وتوسيع دائرة اتخاذ القرار الوطني، والابتعاد عن كل ما من شانه ان يشظي المجتمع، ويثير الحساسيات والنعرات الضيقة، ويحفز التجاوز على حقوق وحريات المواطنين.
وقد غدت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لتفعيل ما جاء في الدستور بشأن حالة الحرب والسلم، وان لا يكون بلدنا ممرا لإرادات خارجية، فيما أصبح ملحا تنفيذ مطلب حصر السلاح بيد الدولة، وتوحيد سلطة اتخاذ القرار العسكري والأمني، واعتماد كافة الإجراءات لمنع عودة نشاط المنظمات الإرهابية وبضمنها داعش، ما يوجب تعزيز الرقابة والسيطرة على حدود بلادنا، وتعزيز موقفها الأمني.
ومن جديد نشدد على وقف العدوان الصهيوني وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، والوقف الكامل للعدوان على لبنان وشعبه، ووقف التدخلات الخارجية في سوريا واحترام خيارات شعبها وحقه في التمتع بالاستقرار والأمان والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة، والحفاظ على وحدة بلده واستقلاله وسيادته.
ان شعوبنا، ومنها شعبنا العراقي، ذاقت الامرّين على يد الإرهابيين القتلة أعداء الإنسان والحياة، ولذا لابد من تضافر كل الجهود لمنع تمدد منظمات القتل والجريمة من جديد، وتحت أيّ مسمى او ذريعة.
ان شعوب المنطقة وقواها الحية والمحبة للسلم والتقدم لا بد لها من تفعيل دورها وفرض اراداتها، لشل يد العدوان ومنعه من العبث بمقدراتها ومصائرها، ومواصلة السعي لفرض أنظمة وطنية ديمقراطية تستجيب لمصالح شعوبها، وذات قدرة على حماية السيادة والاستقلال الوطنيين.