الإعاقة السمعية في العراق.. صعوبات التمويل وتعقد المناهج الدراسية
نشر بواسطة: mod1
الإثنين 23-12-2024
 
   
طريق الشعب

تواجه شريحة الصم والبكم تحديات عديدة تتعلق بالتمويل ونقص المناهج الدراسية المناسبة، ما يعيق اندماجهم في المجتمع ويحد من فرص تعليمهم ومن توظيفهم.

ووفقاً لمؤشرات المسح الوطني للإعاقة الذي جرى عام 2016، فان هناك 156,959 معاقاً بالسمع في العراق، يشكلون 9.2 في المائة من نسبة ذوي الإعاقة في البلاد.

وبالرغم من ذلك، فإنهم يحصلون على مبلغ شهري مقداره 120 ألف دينار عراقي من الرعاية الاجتماعية، والذي يعتبره العديد منهم غير كافٍ لتغطية تكاليف المعيشة اليومية، خاصة أجور النقل الضرورية للوصول إلى المعاهد التعليمية أو فرص العمل.

ويطالب ذوو الإعاقة من الصم بتوفير مترجمين متخصصين في لغة الإشارة داخل الدوائر الحكومية لإنجاز معاملاتهم بدلاً من الاعتماد على شخص من العائلة يكون وصيّاً عليهم وفقاً للإجراءات المتبعة حالياً، مناشدين الحكومة توسيع فرص الدراسة في معاهد الصم لتشمل أكثر من ثماني مراحل دراسية، حيث يعبر الكثير عن طموحهم في الحصول على شهادات عليا ودخول الجامعات.

وألقت آلاء النعيمي، عضو منتدى النساء ذوات الاحتياجات الخاصة في تجمع معاقين العراقي، الضوء على التحديات التي تواجهها شريحة الإعاقة السمعية في البلاد.

ونوّهت النعيمي في حديث لـ "طريق الشعب"، بأهمية تغيير التسميات والتشريعات المتعلقة بهم، مشيرة إلى أن التسمية الصحيحة هي "ذوي الإعاقة السمعية"، وليس "ذوي الاحتياجات الخاصة" أو "ذوي الهمم". ووفقاً للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي وقعتها الأمم المتحدة، تُستخدم هذه التسمية للتعبير عن جميع أنواع الإعاقات، مثل الحركية والبصرية والذهنية.

وأشارت النعيمي إلى أن تحديات عديدة تواجه شريحة الإعاقة السمعية، وأبرزها ما يتعلق بالتعليم؛ فالقانون العراقي لا يسمح لهم بإكمال التعليم الابتدائي، حيث المدارس الخاصة بهم لا تتجاوز الصف الرابع الابتدائي. ومع الحملات التي يقوم بها تجمع معوقين، بدأت محاولات لتغيير هذا الوضع من خلال التنسيق مع المسؤولين لتوفير أقسام لتعليم لغة الإشارة في الكليات، ما يساعد في تدريب مترجمين معتمدين يلتحقون بالدوائر الحكومية والخاصة.

وتحدثت النعيمي عن التحديات في الحصول على فرص العمل، موضحة أن القطاع العام لا يوفر فرص عمل لهم من دون شهادات جامعية، ما دفعهم للبحث عن فرص عمل في القطاع الخاص.

وعبر تجمع معوقين ومؤسسة مخابز باب الأغا، تم توفير وظائف لخمسة وعشرين شابا وشابة من ذوي الإعاقة السمعية برواتب تتماشى مع الأشخاص من غير ذوي الإعاقة، ما يدل على قدرتهم ومهاراتهم التي تم تطويرها من خلال التدريب المدعوم من منظمات دولية.

وأكدت النعيمي أهمية توفير مترجمين للغة الإشارة في الدوائر الحكومية، حيث تتزايد الحاجة للتواصل في القضاء والمستشفيات، حيث لا يوجد مترجم، مما يؤدي إلى صعوبة في الفهم والتواصل وفقدان المعلومات، ما قد يتسبب في مشكلات صحية وقانونية، داعية إلى مزيد من الدعم لهذه الشريحة، ليتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

واختتمت النعيمي بدعوة المهتمين الى الانضمام لتجمع معاقين، كل يوم سبت في شارع قطر الندى قرب جامع عمر بمنطقة البياع ببغداد، حيث يمكنهم الاطلاع على التحديات من أصحاب الشأن أنفسهم وطرح الأسئلة والاقتراحات البناءة لتغيير الواقع الحالي لهذه الشريحة.

نقص التمويل

وتحدث د. سامر سمعة، مدير دائرة الاحتياجات الخاصة في محافظة الديوانية، عن أبرز التحديات التي تواجه الدائرة في تقديم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة، مسلطا الضوء على قضايا تتعلق بالتمويل والمناهج الدراسية الملائمة.

وقال سمعة لـ "طريق الشعب"، إن "الدائرة تُعنى بتوفير الاحتياجات المدرسية الأساسية مثل القرطاسية والمنظفات اليومية، بالإضافة إلى إجراء صيانة الصفوف والحدائق في المؤسسات التعليمية المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة"، مشيرا إلى أن نقص التمويل، خصوصًا في ظل عدم إطلاق الميزانية التشغيلية لعام 2024 إلا بنسب ضئيلة، شكل عائقًا كبيرًا أمام تحسين الخدمات المقدمة.

وأكد سمعة، أن المناهج الدراسية الحالية غير مخصصة لاحتياجات الطلبة من ذوي الإعاقة، حيث أُعدت في الأساس للطلبة الأسوياء، مشددا على الحاجة إلى تطوير مناهج تعليمية خاصة تنسجم مع الرؤية المدرسية العامة للدولة والاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية حقوق ذوي الإعاقة لعام 2021، التي تفرض استخدام أدوات تعليمية متخصصة مثل لغة الإشارة والوسائل المسموعة.

وأشار إلى أن غياب المناهج الملائمة يعيق دمج الطلبة في النظام التعليمي الرسمي، ما يحرمهم من فرص دخول الامتحانات الوزارية (البكالوريا) والحصول على شهادات معترف بها، تؤهلهم لفرص عمل مستقبلية، معتبرا أن هذه القضايا تعد من أبرز التحديات التي تواجه الدائرة في تحقيق أهدافها.

واختتم الدكتور سمعة حديثه بالتأكيد على ضرورة توفير الموارد المالية والمناهج المناسبة لضمان تقديم خدمات تعليمية أفضل لذوي الاحتياجات الخاصة، ما يسهم في تعزيز فرصهم التعليمية والمهنية ويحقق دمجًا أكثر فعالية لهم في المجتمع.

القانون يتعارض مع التفاهمات الدولية

سالم محمد، عضو فريق تطوعي يهتم بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، قال لـ"طريق الشعب"، ان "اكبر التحديات التي تواجه شريحة الصم في العراق، تقع في القرى والأقضية البعيدة عن المدن الرئيسة". ووفقاً لمحمد، يعيش العديد من هؤلاء الأشخاص حياة العزلة بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المعاهد التعليمية المتخصصة بسبب بُعد المسافة. ويشير إلى أن هذا الانقطاع عن التعليم يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية كثيرة، حيث يصبح هؤلاء الأفراد منعزلين تماماً عن المجتمع، وهو ما يزيد من صعوبة دمجهم في الحياة اليومية.

وطالب سالم عبر "طريق الشعب"، بتعليم وتأهيل وتدريب موظفين في الوزارات، خاصة في وزارة الصحة، على لغة الإشارة لضمان فهم احتياجات الأشخاص الصم، وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم. ولفت إلى أن الأخطاء الطبية الناتجة عن التشخيص الخاطئ لبعض الحالات الصحية كانت سبباً في وفيات عديدة، حيث أن هذه الأخطاء تحدث بسبب عدم وجود مترجمين للغة الإشارة في المستشفيات والمرافق الصحية.

وقال سالم، ان "من الضروري توفير مترجمين للغة الإشارة يغطون الأحداث التي تنقلها القنوات الفضائية العراقية، حيث لا تتجاوز الترجمة المقدمة في قناة العراقية ساعة واحدة، وهو ما لا يكفي لتغطية الأحداث اليومية والتفاعلات التي تتطلب معرفة باللغة الإشارية الدقيقة"، وحث الحكومة على زيادة الاهتمام بلغة الإشارة من خلال توفير برامج تعليمية مستمرة وتدريب المهنيين في هذا المجال.

ويوضح، أن قانون 1959 المدني يتضمن مادة تشير إلى أن الصم والبكم لا يستطيعون التعبير عن إرادتهم، مما يستوجب تعيين وصي لهم من قبل المحكمة. ويرى سالم أن هذه المادة تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعها العراق، ما يجعل من الضروري تعديل القانون لمراعاة حقوق هؤلاء الأشخاص في التعليم والرعاية الصحية والعمل دون تمييز.

وخلص الى ان شريحة الصم في العراق في الستينيات والسبعينيات، كانوا يتخرجون من المعاهد ليدخلوا في دورات تدريبية مهنية، ويجدون فرص عمل في المؤسسات الحكومية، مشددا على ضرورة تدخل الحكومة لتعديل القوانين وإقرار تشريعات جديدة تضمن لهم التعليم المستمر وحقهم في العمل.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced