وضع مأساوي خلف القضبان.. سجينات عراقيات بين غياب الرقابة وانعدام التأهيل
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 25-12-2024
 
   
طريق الشعب

تعيش السجينات العراقيات وأطفالهن أوضاعًا مأساوية خلف القضبان، نتيجة لغياب المعايير الإنسانية والدولية في السجون والإصلاحيات. وبينما تتنوع أسباب الاعتقال بين التسول والمخدرات والخيانة الزوجية والدعارة، فإن الظروف التي تواجهها النساء بعد دخولهن السجن تبقى قاسية، وتمتد لتشمل أطفالهن الذين يُجبرون على العيش مع أمهاتهم في بيئة غير صحية ومناسبة.

اكتظاظ بنسبة ٣٠٠ بالمئة!

يقول المتحدث باسم وزارة العدل، أحمد اللعيبي، إن "الوزير وجه بإيلاء اهتمام خاص لقسم النساء، سواء كانت النساء نزيلات أجنبيات أو عراقيات"، مبينا ان أعداد النزيلات في أقسام الإصلاحية، تتراوح بين 1000 الى 2000 نزيلة، بين عراقيات وعرب وأجانب، بعقوبات ومدة سجنية متنوعة، مع مراعاة التصنيف حسب الخطورة مثل القتل والإرهاب".

ويؤكد اللعيبي في حديث خص به "طريق الشعب"، وجود "اكتظاظ في الأقسام الإصلاحية للرجال والنساء بنسبة تصل إلى حوالي 300 في المائة. شرعنا في بناء أقسام إصلاحية جديدة لاستيعاب الأعداد وتوسيع أقسامنا وافتتاح أقسام جديدة، بما في ذلك الأقسام الخاصة بالنساء".

ويشير إلى أن "هناك العديد من الأطفال المصاحبين لأمهاتهم من الجنسيات الإفريقية والعربية، والذين ولدوا داخل السجون ومرافقين لأمهاتهم. لدينا أكثر من 85 طفلاً مصاحباً من جنسيات مختلفة أوروبية وعربية. ولتسهيل نقلهم إلى بلدانهم، شرعنا في تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل وعضوية الوكيل الأقدم للوزارة ومستشار دولة رئيس الوزراء لحقوق الإنسان. ستعمل اللجنة على إبرام اتفاقيات ومذكرات تعاون مع هذه الدول، باستخدام غطاء دبلوماسي عبر وزارة الخارجية للتواصل مع سفراء هذه الدول لتسهيل تسلّم الأطفال".

غياب البرامج التأهيلية والنفسية

ووفقا للحقوقي شوان صابر مصطفى، رئيس مجلس إدارة شبكة العدالة للسجناء، فإن أسباب اعتقال النساء في العراق تختلف باختلاف الزمان والمكان والبيئة الاجتماعية. ومع ذلك، تُعد جرائم التسوّل الأكثر شيوعًا بين النساء، حيث تعكس هذه الجريمة أوضاع الفقر المدقع وغياب شبكات الأمان الاجتماعي.

وفي السنوات الأخيرة، ارتفعت بشكل ملحوظ نسب جرائم المخدرات والخيانة الزوجية والدعارة، ما يعكس تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

ويبيّن شوان لـ"طريق الشعب"، أنّ "السجينات تعاني من غياب البرامج التأهيلية والنفسية التي تهدف إلى إصلاح السلوك وإعادة دمجهن في المجتمع"، عازيا ذلك إلى نقص الكوادر المتخصصة، مثل الباحثين الاجتماعيين والنفسيين، فضلًا عن الاكتظاظ الكبير داخل السجون"، على سبيل المثال، في أحد الإصلاحيات التي تضم 5,000 سجين، لا يتوفر سوى خمسة باحثين اجتماعيين، ما يعني أن السجين قد ينتظر عاما كاملا قبل أن يلتقي بباحث اجتماعي مسؤول عن ملفه. هذا الوضع يُعيق أي محاولات جادة للإصلاح والتأهيل وفق المعايير الدولية.

ويبيّن أن يكفل القانون العراقي للسجينات الحصول على محام للدفاع عنهن خلال المحاكمة. إلا أن هذا الحق غالبًا ما يُمارس بشكل محدود، حيث يقتصر وجود المحامي على جلسات المحكمة، في حين يُفترض أن يكون حاضرًا منذ لحظة التحقيق لضمان عدالة الإجراءات.

ويجد أنّ "أحد أكثر الجوانب مأساوية في السجون العراقية هو معاناة الأطفال المصاحبين لأمهاتهم. وتضطر المحاكم أحيانًا إلى إبقاء الأطفال مع أمهاتهم السجينات، خاصة في سنوات الرضاعة الأولى، تحت مبدأ “مصلحة الطفل الفضلى”. لكن هذه المصلحة تُنتهك في ظل غياب أبسط مقومات الحياة للأطفال داخل السجون.

ويضيف، ان "الأطفال يعيشون ظروفًا قاسية، حيث يتقاسمون الزنازين مع أمهاتهم ويأكلون من طعام السجينات، الذي لا يكفي لتلبية احتياجاتهم الغذائية. كما تفتقر السجون إلى الرعاية الصحية اللازمة وتوفير الحليب والملابس، ما يجعل حياتهم أشبه بعقوبة على جرائم لم يرتكبوها".

وتابع بالقول ان "أحد أبرز التحديات التي تواجه السجون العراقية هو التشتت الإداري بين الوزارات المختلفة، مثل وزارة العدل، ووزارة الداخلية، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان. هذا التشتت يُعرقل توفير الخدمات الضرورية للسجينات وأطفالهن".

ويؤكد، ان "السجون تعاني من نقص التمويل اللازم لتوفير الرعاية الصحية والغذائية، فضلًا عن ضعف البنية التحتية التي لا تتناسب مع أعداد السجناء المتزايدة".

ويطالب بضرورة معالجة هذا الوضع المأساوي ووضع إصلاحات جذرية تشمل تعديل القوانين لحماية حقوق النساء والأطفال، وتوفير بدائل عقابية مثل العمل المجتمعي بدلًا من السجن في الجرائم غير الخطرة. كما يجب تحسين التنسيق بين الجهات المسؤولة عن إدارة السجون، وتخصيص ميزانيات كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للسجينات وأطفالهن.

رغم الجهود المبذولة، تظل أوضاع النساء والأطفال في السجون العراقية بعيدة عن التحسن. ومع استمرار الاكتظاظ وضعف البنية التحتية، تصبح الحاجة إلى حلول سريعة وفعالة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالأطفال الذين يكبرون خلف القضبان ليسوا مجرد أرقام في الإحصائيات، بل ضحايا مجتمع لم يتمكن من حماية أضعف حلقاته.

أوضاع مقلقة

ويحذر د. علي البياتي، رئيس منظمة "استختنك دفندرز" لحقوق الإنسان، من أوضاع مقلقة للغاية في مراكز احتجاز النساء في العراق، حيث تتفشى انتهاكات حقوق الإنسان بشكل منهجي. وأشار البياتي إلى تقارير عديدة تفيد بوجود احتجاز غير قانوني، وسوء معاملة، وتعذيب، بما في ذلك التهديد بالاعتداء الجنسي، في ظل غياب الرقابة والمساءلة.

وأوضح البياتي لـ "طريق الشعب"، أن "العديد من النساء يقبعن في السجون لشهور أو حتى سنوات دون توجيه تهم رسمية أو المثول أمام القضاء. وتُقدّر الإحصائيات عدد النساء المحتجزات في السجون ومراكز الاحتجاز العراقية بأكثر من 1000 امرأة، يعاني معظمهن من انتهاكات جسيمة أثناء فترة الاحتجاز".

ويشير إلى، أن "النساء المحتجزات يتعرضن لضغوط نفسية وتعذيب جسدي، بما في ذلك الضرب، والصدمات الكهربائية، والتهديد أو الاعتداء الجنسي أثناء جلسات الاستجواب. كما تستند العديد من الإدانات إلى اعترافات انتُزعت بالإكراه أو تحت وطأة التعذيب، مما يثير مخاوف جدية حول نزاهة الإجراءات القضائية في العراق".

أكد البياتي أن غياب الرقابة عن مراكز الاحتجاز يؤدي إلى تفاقم الانتهاكات، حيث لا توجد آليات فاعلة للتحقيق أو محاسبة المتورطين في جرائم التعذيب وسوء المعاملة. "المساءلة تكاد تكون معدومة"، يقول البياتي، مضيفًا أن نظام العدالة الجنائية في العراق بحاجة ماسة إلى إصلاح شامل لضمان احترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة.

ممارسات وانتهاكات صادمة

ويكشف عمر العلواني، رئيس مؤسسة "حق" لحقوق الإنسان، عن ممارسات صادمة وانتهاكات في سجون النساء بالعراق، تعكس غياب المعايير الإنسانية في التعامل مع النزيلات. وتتراوح هذه الانتهاكات بين المعاملة المهينة، والاكتظاظ في السجون، وصولًا إلى ممارسات مثل فحص العذرية الإجباري.

أشار العلواني في حديث لـ "طريق الشعب"، إلى أن "النزيلات يتعرضن لتجاوزات لفظية من قبل بعض الحارسات أو الباحثات الاجتماعيات". وذكر أن هذا النوع من الانتهاكات يتمثل في مناداتهن بطريقة مهينة وغير إنسانية، مما يعكس عدم احترام كرامتهن كسجينات.

وأضاف العلواني أن السجون المخصصة للنساء تعاني من اكتظاظ شديد بسبب تصميمها الذي لا يراعي مساحة التهوية أو عدد النزيلات. وأوضح أن هذه السجون غالبًا تكون بسيطة وصغيرة مقارنة بسجون الرجال، مما يؤدي إلى ظروف صحية ونفسية قاسية.

وعن أحد أكثر الانتهاكات إثارة للجدل هو إخضاع النزيلات لفحص العذرية عند نقلهن من مراكز التحقيق إلى المحاكم أو بين المؤسسات السجنية. وأوضح العلواني أن هذا الفحص يتم بهدف التحقق مما إذا كانت النزيلة قد تعرضت للاغتصاب، لكن المشكلة الأكبر تكمن في أن هذا الإجراء يتم غالبًا بواسطة رجال، وليس نساء.

واكد العلواني ان هذه الممارسة مسكوت عنها، مؤكدًا أن فحص العذرية ليس فقط انتهاكًا لخصوصية السجينات، بل يُجرى بطريقة متكررة وغير إنسانية، تصل في بعض الأحيان إلى مرتين يوميًا، مما يزيد من معاناتهن الجسدية والنفسية.اختتم العلواني بمطالبة الجهات المعنية بإيقاف هذه الممارسات المهينة، مشددًا على ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية في معاملة النزيلات.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced