منذ أواسط عام 2017، لم تعد المؤسسات الأمنية والخدمية التابعة للحكومة الاتحادية العراقية أو لحكومة إقليم كردستان إلى قضاء سنجار بالتمام، بسبب منع الفصائل المنضوية في تنظيمات الحشد الشعبي أو المقربة من حزب العمال الكردستاني ذلك، بدعوى إمكان عودة تنظيم "داعش".
تتخذ الحكومة الاتحادية العراقية قرارات وإجراءات أمنية متتالية لترسيخ الاستقرار في قضاء سنجار الواقع شمال غربي محافظة نينوى (الموصل) والقلق من التطورات السورية، هو الذي يضم خليطاً من العرب والكُرد واليزيديين ويحكمه مزيج من التنظيمات والفصائل المسلحة، من بينها الحشد الشعبي.
وأعلنت الحكومة العراقية أخيراً تعيين 1400 منتسب إلى جهاز الشرطة من سكان المنطقة، ليشكلوا القوة الأمنية الداخلية الرئيسية ضمن القضاء. وهؤلاء جزء من 2500 كادر أمني من المتوقع تعيينهم من سكان القضاء، بحسب "اتفاقية سنجار" الموقعة بين الحكومة المركزية ونظيرتها المحلية في إقليم كردستان، التي أُقرت عام 2020. وهؤلاء الأمنيون، بحسب الاتفاقية، يجب أن يكونوا قوة الأمن الداخلي الوحيدة في القضاء، بينما يدير الجيش العراقي ملف الحماية الخارجية للقضاء.
ومنذ أواسط عام 2017، لم تعد المؤسسات الأمنية والخدمية التابعة للحكومة الاتحادية العراقية أو لحكومة إقليم كردستان إلى قضاء سنجار بالتمام، بسبب منع الفصائل المنضوية في تنظيمات الحشد الشعبي أو المقربة من حزب العمال الكردستاني ذلك، بدعوى إمكان عودة تنظيم "داعش". ولذلك يشهد الإقليم توترات متتالية بين القوى السياسية، وعمليات قصف جوي متتالية من الجيش التركي، الذي يتهم الفصائل المسلحة بإيواء مقاتلي حزب العمال الكردستاني والارتباط التنظيمي به.
ومنذ اندلاع الأحداث الأخيرة في سوريا، يحذر عدد من القادة الميدانيين في قضاء سنجار من امتداد تأثيراتها إلى داخل القضاء، الأكبر على مستوى العراق، والممتد على طول مئات الكيلومترات، والذي تعتبره أغلب التنظيمات المتطرفة هدفاً استراتيجياً ورمزياً لها.
الحكومة الاتحادية العراقية خصصت رواتب لـ2228 فتاة وامرأة يزيدية، من الناجيات من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي. وذكرت مديرية شؤون النساء اليزيديات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية أن المبلغ المخصص هو 800 ألف دينار عراقي لكل ناجية (قرابة 550 دولاراً أميركياً)، وأن الآلية ستشمل قريباً كل الناجيات اليزيديات اللواتي اختطف "داعش" 6417 منهن، ولم يُحرر حتى الآن إلا نصفهن تقريباً.
وفي سياق مشابه، ثبّتت الحكومة الاتحادية 14500 منزل في منطقة سنجار بأسماء مُلاكها اليزيديين، وهو أمر كان ممنوعاً في زمن النظام السابق، كجزء من سياسات التعريب التي كان يتبعها.
مؤسس "بيت التعايش في سنجار"، والناشط المدني البارز الدكتور ميرزا دنايي يشرح في حديث إلى "النهار" أن هذه الخطوات بديهية، وكان لبعضها أن تُتخذ منذ عقود، محدداً خمس خطوات جوهرية لخلق الاستقرار المديد في أكثر أقضية العراق قلقاً: "أولاً لا بد من الإسراع في إتمام الملف الإداري وتعيين المناصب الإدارية بمن دون تأخير، ومنح المسؤولين الإداريين صلاحيات واسعة وفق القانون والدستور كمرحلة انتقالية لحين إجراء الانتخابات، كما يجب الارتقاء بقضاء سنجار إلى مستوى محافظة أو إدارة محلية ذاتية استناداً إلى المادة ١٢٥ من الدستور. كذلك يجب اجتراح حلول واقعية وطنية بعيدة عن أجندة الدول المجاورة من شأنها حلّ الملف الأمني وذلك من خلال تسليم الملف الأمني كاملاً إلى الشرطة المحلية من أبناء المنطقة".
يضيف الناشط الحاصل على جائزة وزارة الخارجية الأميركية لـ"الحريات الدينية" قائلاً: "لا يمكن خلق الاستقرار من دون إعادة إعمار سنجار ووضع موازنة حقيقية تناسب الكارثة في صندوق إعمار سنجار، واللجوء إلى تعاون الشركاء الدوليين. ومعها إغلاق ملف النازحين نهائياً من خلال تسهيل عودتهم الآمنة بعيداً عن الإجراءات الروتينية وعوائق الدوائر المعنية في وزارة الهجرة. وقبل كل هذا يجب تبنّي أجندة وطنية واضحة للعدالة الانتقالية في ما يخص جرائم الإبادة بكل سياقاتها بما فيها عدم الإفلات من العقاب والكشف عن مصير المختطفات والمختطفين وضمان عدم تكرار هذه الجرائم".
خطوات الحكومة العراقية جاءت عقب لقاء جمع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع أمير اليزيدين في العراق والعالم حازم تحسين بك، وقال السوداني أثناء اللقاء إن "أبناء اليزيديين هم من المكونات الأصيلة في بلدنا ونحن ملتزمون رعاية المكوّن اليزيدي عبر إقامة مشاريع خدمية واقتصادية في مناطقه لتأمين إعادة العوائل النازحة إلى محل سكناها".