بغداد تبقى تختنق برائحة الكبريت.. و{البيئة}: مؤسسات حكومية خارج إطار الاستدامة
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 08-01-2025
 
   
طريق الشعب

عادت مشكلة التلوث الجوي لتتصدر المشهد البيئي في العاصمة بغداد، حيث تشهد المدينة موجة خانقة من الانبعاثات السامة، أبرزها رائحة الكبريت التي أصبحت تملأ الأجواء، لا سيما في أوقات المساء، ما يثير قلق السكان بشأن صحتهم.

وتشير الإحصائيات البيئية إلى تصاعد مقلق في مستوى التلوث الهوائي، مع استمرار انبعاث الغازات الضارة من مصادر متعددة، مثل معامل الطابوق، المصافي النفطية، ومحطات توليد الطاقة، إضافة إلى عمليات حرق النفايات غير الشرعية. ومع تصدر بغداد قائمة المدن العالمية في نسب التلوث وفق مؤشر جودة، أصبح الوضع البيئي في العاصمة أشبه بجرس إنذار يستدعي تدابير عاجلة.

وكشفت وزارة الداخلية في 22 تشرين الأول العام الماضي، عن إغلاق 69 مشروعا مخالفا، وإجراء كشف موقعي على 97 مشروعا، بالتعاون مع وزارة البيئة، بما في ذلك معامل الطابوق ومعامل صناعية متعددة النشاطات.

المؤسسات الحكومية تتجاهل

المتحدث باسم وزارة البيئة، لؤي المختار، قال لـ "طريق الشعب"، أن "تلوث الهواء في بغداد ما زال يشكل تحديًا كبيرًا نتيجة لعدم الاستدامة في اتخاذ الإجراءات المناسبة من قبل المؤسسات الحكومية المساهمة في التلوث، مثل أمانة بغداد، وزارة الكهرباء، والجهات التنفيذية كوزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد".

وأضاف أن المخالفات البيئية تتزايد، خصوصًا خلال ساعات الليل، مشيرًا إلى أن فرق الوزارة الرقابية رصدت صباح الأمس عمليات حرق غير شرعية للنفايات في مواقع عدة، من بينها معسكر الرشيد، إضافة إلى وجود انبعاثات من أنشطة غير مرخصة بيئيا.

وأضاف المختار، أنّ "الوزارة مستمرة في ممارسة ضغوط مكثفة على الأنشطة في القطاعين الحكومي والخاص للحد من التلوث". وأشار إلى أن نوعية الهواء كانت رديئة في الصباح لكنها شهدت تحسنًا ملحوظًا وقت الظهيرة لتصل إلى مستوى مقبول.

وفي ما يخص تلوث المياه، أوضح المختار أن "الوزارة تعمل على تحديث برنامج الرقابة على المصادر المائية، مع مشاريع لتزويد الفرق الرقابية بأجهزة محمولة حديثة لقياس جودة المياه، بما في ذلك قياس نسبة المعادن الثقيلة".

ودعا المؤسسات التنفيذية، خاصة دوائر المجاري في بغداد والمحافظات، ووزارة الإعمار والإسكان والأشغال والبلديات، إلى "وضع خطة واضحة لتنفيذ استراتيجية الحد من التلوث (2023-2030)، عبر إنشاء مشاريع معالجة مركزية، محطات رفع، شبكات صرف صحي، وشبكات مستقلة لمياه الأمطار".

وأشار إلى أن بغداد تعاني من تصريف نحو ستة ملايين لتر يوميًا من مياه الصرف الصحي، مما يشكل العبء الأكبر على المصادر المائية. وطالب وزارة الصحة بإعداد خطة زمنية لنصب محطات معالجة للتصاريف السائلة في جميع المستشفيات.

وفي خطوة طموحة، أعلن المختار أن الوزارة "ستطلق خلال الشهر المقبل مشروعًا دوليًا بتمويل قدره 18.5 مليون دولار من مرفق البيئة العالمي وصندوق التعافي والإعمار، بإشراف البنك الدولي، وبالتعاون مع حكومة إقليم كردستان ووزارات المالية والتخطيط والكهرباء والزراعة. ويهدف المشروع إلى معالجة الملوثات العضوية الثابتة في عموم العراق، خاصة في المناطق المحررة".

أكاسيد الكبريت

يقول أنعم ثابت خليل، معاون مدير عام دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة البيئة، أن "أكاسيد الكبريت تُعد من أبرز الغازات الملوثة للبيئة، لما لها من تأثيرات خطيرة على الصحة العامة والبيئة، سواء في حالتها الغازية أو عند تفاعلها مع الرطوبة وتكوين الأمطار الحمضية".

ويضيف خليل لـ "طريق الشعب"، أنّ "أكاسيد الكبريت، مثل ثاني أكسيد الكبريت، تُعد من الغازات السامة والمسرطنة التي تؤثر على صحة الإنسان عند استنشاقها. كما أنّ تفاعلها مع الرطوبة ينتج أمطارًا حمضية ذات أضرار جسيمة على البيئة والهواء".

ويشير إلى أن هذه الغازات تنبعث بصورة رئيسية من مصادر مثل محطات توليد الطاقة، معامل الطابوق، المصافي النفطية، وحرق الوقود الأحفوري.

ولتقليل خطر هذه الانبعاثات، يدعو خليل إلى اعتماد الحلول التالية، تقليل الانبعاثات من المصدر، وذلك من خلال تحسين التكنولوجيا المستخدمة في محطات الطاقة والمصانع، والاعتماد على الوقود النظيف، بالإضافة الى اتباع إجراءات الوقاية الشخصية، مثل ارتداء الكمامات، خاصةً عند التواجد بالقرب من مصادر الانبعاثات.

ويشدّد خليل على أهمية الابتعاد عن مصادر هذه الغازات، نظرا لخطرها الشديد على الصحة، قائلًا: "ينبغي على المواطنين الاحتياط والابتعاد عن مناطق الانبعاثات، لأن أكاسيد الكبريت تُعتبر ملوثات عالية الخطورة سواء في حالتها الغازية أو عند تحولها إلى أمطار حمضية".

ويختتم بالقول: إنّ التعامل مع هذه المشكلة يتطلب تكثيف الجهود للحد من الانبعاثات عبر تحسين أنظمة التصنيع وتشجيع استخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب نشر التوعية بين المواطنين حول مخاطر هذه الغازات وكيفية الوقاية منها.

مؤشر التلوث بلغ ذروته

ويذكر المنبئ الجوي صادق عطية، أنّ "مؤشر التلوث في العاصمة بغداد بلغ ذروته يوم 5 كانون الثاني، ما جعلها تتصدر الترتيب العالمي في نسب التلوث"، مشيرا إلى أن "هذا الوضع ناجم عن سكون الرياح واستمرار وجود مصادر التلوث دون حلول حقيقية".

ويقول عطية في حديث له، إن "مؤشر التلوث يصدر وفقًا لنسب التلوث في أي مكان في العالم، وبغداد غالبًا ما تتصدر تلك النسب بسبب غياب المعالجات الفعالة رغم الحديث المستمر عن إجراءات الحد من التلوث".

ويضيف، أن "السكون في سرعة الرياح يؤدي إلى ارتفاع مؤشر التلوث في أجواء بغداد"، موضحا أن "تحرك الرياح باتجاه شمالي غربي يساعد في سحب الملوثات بعيدًا عن المدينة".

الأمطار تغسل الأجواء

ويتابع، أن "المواد الملوثة التي تتركز في أجواء بغداد تشمل ثاني أكسيد الكبريت وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون، وهي غازات ضارة جدًا بالصحة البشرية، وتنتج عن حرق النفايات ومخلفات المعامل"، موضحا أن "الأمطار الحالية قد تُساهم في تقليل نسبة الغازات الملوثة وانخفاض مؤشر التلوث مؤقتًا"، لكنه حذر من أن "الاعتماد على العوامل الطبيعية مثل الرياح والأمطار ليس حلًا مستدامًا".

واختتم عطية بالتأكيد على "أهمية معالجة مصادر التلوث بشكل جذري بدلًا من الاعتماد فقط على حركة الرياح أو هطول الأمطار"، منوهًا إلى "عدم إمكانية مقارنة بغداد بعواصم ومدن صناعية عالمية، حيث تكون نسب التلوث فيها منخفضة جدًا بسبب السياسات البيئية الفعالة التي تراعي صحة الإنسان والبيئة".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced