بات الكثير من العراقيين يعتقدون أن الدولة العراقية تدار بنظام دكتاتوري متستر بديمقراطية هشة، ليس فقط بسبب ما يصفونه قمعاً لحرية التعبير عبر المحاكم، بل أيضاً لتعليمات قضائية وإجراءات اتخذتها مؤسسات حكومية ضد صحافيين وصناع رأي تعارض الدستور وتحدّ بنحو كبير من حرية التعبير.
أصدرت محكمة بداءة الكرخ في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2024 حكماً بتغريم الصحافي العراقي قيس حسن، مبلغاً مقداره خمسة ملايين دينار، في دعوى كان أقامها ضده رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، في آب/ أغسطس 2024، بتهمة “الإساءة والتشهير”.
قيس حسن واحد من عشرات الصحافيين الذين يلاحَقون قضائياً، الى جانب حظر وحجب مواقع خبرية وبرامج تلفزيونية، وتعرض صحافيين لضغوطات وتهديدات، وإيقاف عن العمل كالكاتب والإعلامي صالح الحمداني بعد كتابته منشوراً عن التغيير في سوريا وتداعياته على العراق.
ملاحقة قيس حسن، جاءت بعدما كتب على حسابه الخاص في فيسبوك يوم 30 تموز/ يوليو 2024 نقداً موجهاً الى الحكومات العراقية المتعاقبة في البلاد: “منذ عام 2003 حكمنا أكثر الأشخاص تفاهة ووضاعة وسوء فكر وسلوك، لكن مصطفى الكاظمي تفوق على الجميع…”.
المنشور السابق أثار غضب الكاظمي، ودفعه للجوء الى القضاء مطالباً بتعويض مالي مقداره 250 مليون دينار، وتضمنت لائحة الدعوى التي قدمها وكيله المحامي أمير الدعمي، أن إساءة المدعى عليه قيس حسن، غير قابلة للتأويل، و”تسببت بضرر مادي ومعنوي للمدعي الكاظمي وعائلته، بما يتنافى مع مبدأ حرية التعبير”، وفيها “تجاوز أخلاقي واضح”.
وعلى الرغم من إعلان مكتب مصطفى الكاظمي، تنازله عن “حقه الشخصي في الدعوى”، أي المبلغ الذي أقرته المحكمة، إلا أن صدور حكم قضائي ضد صحافي عبر عن رأيه، أثار مجدداً الجدل في الشارع العراقي، لا سيما أنه يتزامن مع دعاوى عدة أقامها رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ضد منتقديه من الصحافيين والإعلاميين يتم النظر فيها حالياً.
وبات الكثير من العراقيين يعتقدون أن الدولة العراقية تدار بنظام دكتاتوري متستر بديمقراطية هشة، ليس فقط بسبب ما يصفونه قمعاً لحرية التعبير عبر المحاكم، بل أيضاً لتعليمات قضائية وإجراءات اتخذتها مؤسسات حكومية ضد صحافيين وصناع رأي تعارض الدستور وتحدّ بنحو كبير من حرية التعبير.
أوضح أشكال قمع حرية التعبير نراه في حملة (مكافحة المحتوى الهابط) على سبيل المثال التي كانت وزارة الداخلية قد أطلقتها في كانون الثاني/ يناير من العام 2023 وحظيت في شباط/ فبراير من العام ذاته بدعم من مجلس القضاء الأعلى، وتمت بموجبها ملاحقة الكثير من صناع المحتوى والناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي، في ظل التزام الجهات النقابية الصمت إزاء الدعاوى التي تقام ضد أعضائها.
وفي الوقت ذاته، هنالك من يعتقد أن إقامة الدعاوى ضد الصحافيين والإعلاميين والمدونين، أمر يحصل ضمن المسار الديمقراطي، ويقارنون باستمرار ذلك مع ما كان يفعله النظام العراقي السابق، وبعدها الجماعات المسلحة بأصحاب الرأي، قتلاً أو تعذيباً أو تغييباً في السجون من دون محاكمات.
بالنسبة الى الصحافي قيس حسن، كانت المقارنة مختلفة، إذ يقول إنه تساءل مع نفسه لحظة خروجه من جلسة المحاكمة، إن كان رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي “يجرؤ على إقامة دعوى ضد أحد من عناصر الأحزاب أو الفصائل المسلحة الذين لم يتركوا لفظاً قبيحاً ولا شتيمة إلا ووصفوه بها”، مضيفاً: “لماذا اختارني أنا ليحتكم معي إلى القانون؟”.
انتهاكات متزايدة ضد الصحافيين
أحصى تقرير لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، حمل عنوان: رصد الانتهاكات ضد الصحافيين العراقيين للفترة من 1/1/2024 ولغاية 25/12/2024، ما مجموعه 457 انتهاكاً ضد الأسرة الصحافية، تفصيلها: “سقوط خمسة صحافيين قتلى، وإصابة أحدهم إصابة بالغة، وتعرض 16 آخرين للضرب، واعتقال 23، واحتجاز 11، وتعرض 7 الى هجمات مسلحة، ومنع وعرقلة صحافيين من التغطية 281 مرة، الى جانب إقامة دعاوى قضائية ضد 68 صحافياً، وتعرض اثنين الى تهديدات”.
كما رصد التقرير، حظر وحجب 9 مواقع خبرية وبرامج تلفزيونية وحسابات صحافيين، و17 مخالفة لهيئة الاعلام والاتصالات بحق العمل الصحافي، و7 مخالفات لنقابة الصحافيين العراقيين، و”عشر حالات أخرى” من دون بيان ماهية تلك المخالفات.
وبناءً على ذلك، وصف التقرير ما يحدث للأسرة الصحافية بـ”الانتكاسة المهولة”، وحدد الجهات المرتبطة بتلك الانتهاكات، منها “مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني” والأجهزة الأمنية، فبعض الانتهاكات كانت “بتوجيه من قيادات أمنية وأخرى باجتهادات شخصية”، واستخدم مسؤولون حكوميون عناصرهم أو حماياتهم للانتقام أو الاستهداف، “وذهبوا الى السلك القضائي بحجة التشهير”.
كما كشف التقرير عن دور الهيئات المستقلة والنقابات المهنية في الانتقام وترهيب الصحافيين في داخل البلاد، ومن بينها نقابة الصحافيين التي “رفعت دعاوى قضائية ضد صحافيين وحجبت رخص عمل عن صحف، وأصدرت أوامر الى المؤسسات الحكومية بعدم التعامل مع أصحاب الصحف التي تنتقد عمل النقابة أو شخص النقيب، فضلاً عن قيام خبراء تابعين للنقابة بإصدار توصيات الى القضاء بشأن الحكم على عدد من الصحافيين، الذين أقيمت دعاوى ضدهم من جهات حكومية”.
ولفتت الجمعية في تقريرها إلى قيام فصائل مسلحة باقتحام مبان تابعة لقنوات فضائية ودمرت محتوياتها، عازية السبب إلى ضعف الأداء الأمني والحكومي “وانقياد مؤسسات مستقلة لملاحقة فضائيات واقتحامها بدلاً من حمايتها، تماهياً مع مزاج وأجندة هذه الفصائل”.
قابل معد التقرير عدداً من الصحافيين والإعلاميين، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، خشية تعرضهم للملاحقة القضائية أو المساءلة من المؤسسات التي يعملون فيها، أحدهم يعمل محرراً لصالح صحيفة محلية في العاصمة العراقية بغداد، أكد لنا أن هنالك مخاطر ومحددات كثيرة باتت تعترض عمل الصحافي العراقي.
يوضح المحرر: “هنالك فصائل مسلحة يمكن أن تغتالنا أو تعتقلنا إذا نشرنا شيئاً لا يعجبها، وأيضاً هنالك برلمانيون ومسؤولون حكوميون وسياسيون بوسعهم تحريك دعاوى ضدنا لمجرد منشور أو عبارة ترد في مادة صحافية نكتبها أو نقدمها، والموجع في الأمر أن القضاة يطلبون خبراء من نقابة الصحافيين، وهم زملاء لنا ويفترض أن دورهم الرئيسي يتمثل في الدفاع عن حقوقنا، لكن مع ذلك يقدمون توصيات ضدنا، وقد صدرت أحكام قضائية عدة ضد زملاء لنا بناء على ذلك”.
وينبه إلى أن حملة “مكافحة المحتوى الهابط” قد استُغلّت وتم تكييفها لملاحقة أصحاب الرأي من صحافيين واعلاميين، مع أن الهدف المعلن هو “منع المحتوى المخالف لأخلاقيات المجتمع”.
ويضيف: “الكثير من الزملاء توقفوا عن توجيه النقد للسلطة أو مؤسسات الدولة، بسبب هذه الحملة والضغوطات التي يواجهونها في ظل احتمال اعتبار أي نقد تشهيراً أو تهديداً للنظام، وبعضهم خضعوا للتحقيق وزُج بهم في السجون”. ويحذر من أن “تقييد حرية إبداء الرأي، يستهدف إدامة السلطة الحاكمة، ويفضي إلى السكوت عن الفساد المستشري في البلاد ونهب خيراته لصالح الأحزاب المتنفذة”.
ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها لسنة 2023، أن السلطات العراقية نفذت سلسلة اعتداءات على حرية التعبير وحاولت تقديم قوانين ولوائح لتقييد هذا الحق، وانتقد التقرير حملة مكافحة المحتوى الهابط، ومحاولة السلطات إعادة تقديم مشروعَيْ قانونَي “حرية التعبير والتجمع السلمي” و”الجرائم المعلوماتية”، وذكر التقرير أن من شأن القانونين في حال إقرارهما أن “يُقيّدا بشدة” حقَّي حرية التعبير والتجمع السلمي.
صمت حكومي إزاء الانتهاكات
لا تقتصر الانتهاكات بحق الصحافيين على التهديد والاعتقال والملاحقة القانونية، بل هناك مخاطر أكبر تتمثل في احتمال القتل أثناء التغطية الصحافية في بعض المناطق، بخاصة الحدودية، التي تشهد هجمات تركية بالطائرات المسيرة والمدفعية.
في 23 آب/ أغسطس 2024، تسبب قصف بمسيرة تركية في محافظة السليمانية بإقليم كردستان، بمقتل الصحافيتين الكرديتين هيرو بهاء الدين وكلستان تارا، اللتين تعملان في شركة جتر الإعلامية، ولم يصدر عن حكومة إقليم كردستان أو الحكومة الاتحادية أي شيء حول الحادث.
وعادة ما يتجنب الصحافيون تغطية الأحداث في المناطق الحدودية القريبة من تركيا وإيران، بسبب احتمال تعرضهم للهجوم في ظل عدم وجود أي التزامات من الدولتين تجاه عمل الكوادر الصحافية.
وتعمل السلطات المحلية على منع وصول الصحافيين الى المناطق والقرى الجبلية التي تشهد نشاطاً عسكرياً، حتى في ظل وجود المدنيين فيها، نتيجة عدم قدرتها على حماية الطواقم الصحافية من أي هجمات محتملة. وهو ما دفع جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق الىى التعبير عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بـ”صمت الحكومتين” وحملتهما مسؤولية استهداف العاملين في وسائل الإعلام.
وفي كردستان أيضاً، أصدرت محكمة جنح أربيل في تموز/ يوليو2024، حكماً قضى بسجن الصحافي شيروان الشيرواني، أربع سنوات وفقاً للمادتين 298 و 298 من قانون العقوبات: “حسب المادة الأولى حكم عليه بالسجن سنتين وستة أشهر، فيما حكم عليه حسب المادة الثانية بالسجن سنة وستة أشهر”، يقول محاميه رمضان أرتيسي.
وهذا هو الحكم الثاني الذي يصدر ضد الصحافي شيروان، إذ سبق أن أدين في 16 شباط/ فبراير 2021 مع أربعة آخرين من زملائه وفقاً للمادة 156 من قانون العقوبات العراقي، وصدر حكم ضده بالسجن لمدة ست سنوات.
الصحافي شيروان الشيرواني
وتتهم مراكز حقوقية وناشطون مدنيون في إقليم كردستان حكومة الإقليم، بقمع حرية التعبير وحرية الصحافة، وهذا ما حذرت منه منظمة العفو الدولية في أيار/ مايو 2024، وطالبت السلطات هناك بوقف ما وصفته “اعتداءاتها على الصحافيين”، وذكرت المنظمة في تقرير لها أن الكثير من الصحافيين، أجبروا على الفرار أو الاختباء أو التخلي عن ممارسة الصحافة تماماً، بينما لا يزال كثر من نظرائهم يقبعون في السجون”.
وكان مركز ميترو في إقليم كردستان، قد سجل خلال 2023، اعتقال 37 صحافياً، و27 حادثة تعرض فيها صحافيون إلى “اعتداءات وتهديدات واهانات”. ويشير منسق المركز رحمان غريب، إلى أن تقرير أوضاع حرية الصحافة في إقليم كردستان العراق لسنة 2024 يتضمن رصد مصاعب كبيرة واجهها الصحافيون.
يعدد غريب هذه المصاعب والمخاطر: “قتلهم بطائرات مسيرة، محاولة الاغتيال، التهديد، التهجم على فرق القنوات، منع، كسر المعدات الصحافية أو حجزها، الاستجواب غير العادل، إلقاء قبض من دون أمر من القاضي، التمييز، إخفاء المعلومة، التهجم والضرب والعنف الجسدي، الهجوم السيبراني، وملء التعهدات، اللجوء الى القانون العام في قضايا النشر، وغياب فرص المساواة في التغطية الحرة”.
أما على نطاق علاقة الصحافيين بالمؤسسات الإعلامية في إقليم كردستان، فيقول:”استمرت حالات غياب الـضمان الاجتماعي، مشاكل العقود غير المنصفة، طرد الصحافيين من عملهم بشكل أكثر سوءاً، وتأخير أو عدم استلام الرواتب”.
ويضيف رحمان أن الضغط على مهنة الصحافة في الإقليم “استمر خلال 2024 لكن بنسبة أقل من 2023، إلا أنه وحتى في العام 2024 لم تقم حكومة الإقليم بأداء دورها، لوضع الإطار المناسب لضمان حرية الصحافة الحقيقي وحقوق المواطنين للوصول الى المعلومة الموثوقة والمستقلة والمتنوعة”.
ملاحقة أصحاب الرأي
في كانون الأول/ ديسمبر 2024، نشر مقدم البرامج في قناة “العراقية” التابعة لشبكة الاعلام العراقي الحكومية، صالح الحمداني، تغريدة في حسابه الخاص بمنصة x ذكر فيها: أن “الخطوات في سوريا متسارعة، وصلوا بأسبوعين لما لم نصل اليه في العراق بـ 20 سنة”.
التغريدة هذه، أثارت بعض ردود الفعل الغاضبة ضد الحمداني، في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، بخاصة المقربة من الحكومة، أبرزها التي كان مصدرها ثائر الغانمي، رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي التي تتبع لها القناة، إذ رد على تغريدة الحمداني بأخرى في حسابه الخاص قائلاً: “الإجراءات القانونية ستكون متسارعة أيضاً، لدرجة أنها ستصل خلال أسبوع واحد إلى ما لم يصل إليه الآخرون خلال 6 أعوام، عن حقيقة الموقف من دولتنا وشعبنا وثوابتنا، ومنها إلى جدوى البقاء في شبكتنا”.
وتم بالفعل إيقاف البرنامج الذي يقدمه صالح الحمداني، وأُنهيت خدماته في القناة، وهو ما استنكرته شخصيات وجهات عدة، من بينها مركز النخيل للحقوق والحريات الصحافية، وذلك في بيان أصدره يوم 25 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
البيان انتقد ثائر الغانمي بالقول: “يوجه تهديدات صريحة لموظفين وصحافيين في شبكة الإعلام بسبب مواقفهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما بعد الأزمة التي أثيرت ضد الزميل صالح الحمداني، وإيقاف برنامجه إثر منشور كتبه على صفحته الشخصية حول الأوضاع الجديدة في سوريا”.
وحذر البيان من أن هذه “الممارسات تساهم في ترهيب الموظفين والصحافيين في شبكة الإعلام العراقي التي يفترض أنها تمثل خطاب الشعب العراقي لا خطاب السلطة”. وطالب بيان المركز مجلس النواب بضرورة “متابعة ومحاسبة الجهات والأشخاص الذين يستخدمون سلطاتهم بشكل تعسفي للنيل من الموظفين بسبب آراء ومواقف معينة”.
يأتي ذلك ضمن ما يصفه صحافيون بحملة الترهيب الممنهجة ضد الصحافيين أصحاب الآراء والمواقف المنتقدة للسلطة والقوى الحاكمة في العراق، والتي تستهدف بشكل خاص الوجوه المعروفة، وبما يؤدي إلى إسكات الآخرين.
أقام رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في 18 كانون الثاني/ ديسمبر2024 دعوى قضائية في محكمة استئناف الكرخ ضد الإعلامي (أحمد عباس طلال) المعروف بأحمد الملا طلال، وفقاً للمادة 433 من قانون العقوبات، متهماً إياه بالإساءة إليه، عبر برنامجه التلفزيوني (مع الملا طلال) والذي تم بثه في قناة UT الفضائية في 27/11/2024.
الملا طلال، اكتفى بمنشور فيه شيء من التهكم، على حسابه الخاص في فيسبوك وجّهه الى رئيس الوزراء، يقول فيه: “لك الحق دولة الرئيس أن تلجأ إلى القضاء لرفع مظلومية عنك قام بها احمد ملا طلال، هذا إجراء يعزز الثقة بالدولة ومؤسساتها، ولي الحق يا دولة الرئيس أن أدافع عن نفسي أمام قضاءٍ عادل”.
في الموصل مركز محافظة نينوى (405 كم شمال بغداد) لم يدر في خلد الصحافي زياد السنجري، الذي كان قد غادر المدينة لاجئاً إلى فيينا في 2014 هرباً من تنظيم داعش، أن عودته إليها في تموز/ يوليو 2024، ستفضي به إلى السجن، بناءً على مجموعة من الدعاوى التي أقامها ضده مسؤولون حكوميون وقادة فصائل مسلحة.
مصدر قريب من السنجري، قال إن سبب الاعتقال يعود إلى أن السنجري نشط وبنحو كبير خلال السنوات الأخيرة في كشف ملفات فساد في مؤسسات حكومية بالمحافظة، من خلال ظهوره في برامج تلفزيونية أو حساباته الخاصة في منصات التواصل الاجتماعي، مقدماً وثائق كانت تسرب إليه من تلك المؤسسات.
وأكد المصدر أن الاعتقال تم في 11 يوليو/ تموز2024 من دون مذكرة قضائية، وواجه خلال التحقيقات تهمة “ملفقة” بانتحال صفة قاضي، وقد أدين بناء على ذلك وصدر حكم ضده بالسجن في تشرين الأول/ أكتوبر2024 بالحبس لمدة سنتين.
وتساءل المصدر: “كيف يمكن أن ينتحل صفة قاض، وهو في فيينا؟ كما أنه شخصية معروفة في نينوى والعراق، فقد عمل مراسلاً لوسائل إعلام عدة بعضها معروف على نطاق واسع كقناة الجزيرة، ووكالات أنباء أجنبية”.
وينتظر زياد السنجري الخضوع لمحاكمات عن سبع دعاوى أخرى مقامة ضده يرجح أن تصدر عنها أحكام أخرى بالحبس أو السجن، يقول المصدر: “إنها كيدية، والهدف منها انتقامي بسبب ما كشفه من ملفات فساد وهدر للمال العام في نينوى طوال سنوات”.
وفي الموصل أيضاً، تعرض مراسل قناة الشرقية جمال البدراني، يوم 19 تشرين الثاني/ نوفمبر2024 لاعتداء مبرح بالضرب من ثلاثة مسلحين من ميليشيا بابليون التابعة للحشد الشعبي، كانوا يستقلون مركبة من دون لوحات تسجيل في الجانب الأيسر لمدينة الموصل.
المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى أكد المباشرة بالتحقيق وتكليف مديرية الأمن الوطني في الموصل “بتتبع الجناة وتفريغ كاميرات المراقبة للتوصل إلى المتهمين حول موضوع الاعتداء بعدما تم التوصل إلى أحد المتهمين”.
أما في البصرة جنوب العراق، فانهال عناصر حماية وزير الكهرباء زياد علي، بالضرب المبرح على المراسلين الصحافيين مصطفى الشمري وفؤاد الحلفي، أثناء سعيهما لتغطية إجراءات توقيع عقد بين وزارة الكهرباء وشركة تركية في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
جمعية الدفاع عن حرية الصحافة دانت الحادث ودعت الصحافي إلى تحريك دعوى قضائية ضد العناصر المعتدية، وحملت القائد العام للقوات المسلحة ومحافظ البصرة والقيادات الأمنية مسؤولية “ما آلت إليه أحوال الصحافيين في البصرة، واستهدافهم للنيل منهم وإسكات أصواتهم”.
ولا يبدو أن العام 2025، سيكون مختلفاً عن سابقه في ما يتعلق بوضع الصحافيين في العراق، إذ أقدمت قوة أمنية في اليوم الأول من كانون الثاني/ يناير2025، على اعتقال الإعلامي في قناة البغدادية علي الخيال، بتهمة التشهير بالحكومة العراقية، وقبلها بأيام قليلة فقط، وتحديداً في 26/12/2024، تلقت الإعلامية في قناة الشرقية الفضائية زينب ربيع، ورقة تكليف بالحضور أمام محكمة تحقيق الكرخ الثالثة.
حمل التكليف العدد 465، وورد فيه أن عليها الحضور أمام المحكمة خلال ثلاثة أيام من تبلغها، للتحقيق معها وفقاً للمادة 433 من قانون العقوبات العراقي، بعد شكوى قدمها ضدها ممثل رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بسبب منشور لها في موقع للتواصل الاجتماعي.
زينب ربيع، ردت بمنشور في حسابها على فيسبوك على استدعائها القضائي بتأكيدها تمسكها بآرائها وانتقاداتها للسلطة، ومواصلتها التصعيد في ما يتعلق بقضايا “التضييق على الحريات والحقوق ومخالفة الدستور والتسريبات، والفساد، والفشل، وسوء الإدارة التي تشهدها حكومة ومكتب السوداني”.