استجابة لدعوات الناشطين المدنيين وتضامناً مع التحالف العراقي المناهض لمحاولات وأد قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، قدم حزب اليسار السويدي طلباً لاستضافة وزيرة الخارجية ماريا مالمر ستينرغارد، للإجابة على سؤال عما تنوي حكومتها فعله بشأن التغييرات المحتملة على القانون والتي ينوي مجلس النواب تشريعها على الرغم من مخالفتها للدستور والقوانين والاتفاقيات الدولية وشرعة حقوق الإنسان، جراء ما تتضمنه من انتهاكات لحقوق النساء والاطفال.
النائبة فورنارف
وفي بداية الجلسة التي التأمت في 14 كانون الثاني الجاري، وجهت النائبة عن حزب اليسار لوتا جونسون فورنارف، مطالعة ذكرت فيها بأن هناك محاولات حثيثة تجري في بغداد لمنح المجالس الدينية السيطرة على قضايا الزواج والميراث بعيداً عن أروقة القضاء، بحيث يصبح تزويج الفتيات الصغيرات وحرمانهن من طفولتهن ومن التعليم أمراً قانونياً مع إجازة عدد من الإساءات الجنسية والجسدية، والسماح بالحمل المبكر وحرمان الزوجة من الحقوق بما في ذلك شيء من ميراثها.
وتساءلت النائبة فورنارف عما تنوي الحكومة السويدية القيام به لإثارة هذه القضية سواء مع الحكومة العراقية وسفيرها المعتمد في ستوكهولم، وكذلك بشأن العمل عبر الإتحاد الأوربي والهيئات الدولية وخاصة مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة لإقناع العراق بعدم القيام بهذه الإجراءات غير الانسانية، ومتابعة التطورات ومواصلة كل أشكال الضغوط الممكنة، تنفيذاً لمسؤولية الحكومة السويدية وباقي الحكومات في الدفاع عن اتفاقية الطفل الموقعة عليها، والداعمة لهدف الأمم المتحدة العالمي رقم 5 القاضي بإلغاء زواج الأطفال في موعد اقصاه عام 2030.
موقف الحكومة السويدية
وفي معرض ردها أكدت الوزيرة ستينرغارد على أنها تشاطر النائبة فورنارف والكثيرين غيرها مخاوفهم بشأن التغييرات القانونية المحتملة التي يجري العمل على قوننتها والتي أدت إلى اندلاع احتجاجات داخل العراق وحظيت باهتمام كبير ليس في السويد فحسب بل وفي العالم. ولهذا قامت الحكومة ومن خلال التعاون مع بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى بالتعبير عن وجهات نظرها القوية ضد ذلك في بغداد مباشرة وكذلك مع سفاراتها في أوربا.
وأضافت الوزيرة بأن بلادها ستظل صوتًا قويًا في الدفاع عن المساواة بين الجنسين وتمتع النساء والفتيات بكامل حقوق الإنسان، وهو ما ينطبق أيضًا على العراق، حيث قامت وزارة الخارجية والاتحاد الأوروبي وبطرق مختلفة بإبلاغ الممثلين العراقيين عن موقفها الرافض لهذه الانتهاكات، وأعربت عن ثقتها بأن هذا الحوار يمكن أن يثمر عن نتائج ايجابية.
كما ذكرت الوزيرة بأن المراجعة الشاملة التي يجريها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيكون منتدى آخر للحوار مع العراق حول هذه القضية وغيرها من القضايا المهمة المتعلقة بحقوق المرأة والفتيات. وقد أعطت منظمة الأمم المتحدة في العراق الأولوية لقضية التعديلات التشريعية المقترحة على قانون الأسرة، وتشارك في حوار مع السلطات العراقية على أعلى مستوى من خلال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى العراق. وتتواصل وكالات الأمم المتحدة أيضًا مع البرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والزعماء الدينيين وغيرهم من أصحاب المصلحة ذوي الصلة، وهو ما تدعمه السويد بقوة.
هذا ومن المؤمل أن يتصاعد التضامن العالمي مع المرأة العراقية، بعد أن أقر مجلس النواب التعديلات المرفوضة، وبطريقة مخالفة للقانون والدستور، بشهادة الكثير من النواب أنفسهم، ويمكن أن تلعب السويد، كرئيس للاتحاد الأوربي دوراً مهماً في هذه الجهود، لاسيما في ضوء الرفض الشعبي للتعديلات وإمكانية اسقاطها في المحكمة الاتحادية..