زهرة أمير إبرهيمي: لا طاعة للنظام الإيراني بعد اليوم
نشر بواسطة: mod1
24-01-2025
 
   
باريس- النهار

زهرة أمير إبرهيمي: لا طاعة للنظام الإيراني بعد اليوم

هوفيك حبشيان

مسلسل "نرجيس" (2006) جعلها نجمة في إيران. لكن تسريب شريط جنسي لها وضعها في دائرة الخطر (جلد وسجن) وقضى على حياتها المهنية في بلادها، فانتقلت إلى باريس حيث تقيم إلى اليوم.

اسمها زهرة أمير إبراهيمي، أو "زار" اختصاراً، كما هو معروف في العالم. طار صيتها دولياً بعد نيلها جائزة التمثيل في كانّ، عام 2022، عن دورها في "عنكبوت مقدّس" لمواطنها علي عبّاسي، وأصبحت معها أول ممثّلة إيرانية تنال هذه الجائزة.

نشأت في طهران، لكنها تعيش في فرنسا منذ نحو عقدين، البلد الذي تحمل جنسيته. بدأت في إنجاز الأفلام القصيرة وهي في الثامنة عشرة، حتى قبل ان تدرس التمثيل. لها تجارب سينمائية وتلفزيونية ومسرحية. وردت على قائمة "بي بي سي" لأكثر 100 إمرأة ملهمة في العالم.

مسلسل "نرجيس" (2006) جعلها نجمة في إيران. لكن تسريب شريط جنسي لها وضعها في دائرة الخطر (جلد وسجن) وقضى على حياتها المهنية في بلادها، فانتقلت إلى باريس حيث تقيم إلى اليوم. خلال سنوات منفاها القسري، أصبحت واحدة من أبرز الشخصيات دعماً لسينما الشتات الإيراني، على غرار زميلتها غولشيفته فراهاني التي تشاركت معها جائزة "هامبورغ للحرية الثقافية".

"عنكبوت مقدّس" فرضها عالمياً. الفيلم عن قاتل متسلسل كان يستهدف عاملات الجنس وقد قتل 16 منهن بين عامي 2000 و2001. جائزتها في كانّ عن دور الصحافية التي جسّدته في هذا العمل، أغضبت السلطات الإيرانية فاتّهمتها بالمسيسة وهدّدت عبر وزير الثقافة والارشاد الإسلامي بمعاقبة كلّ المشاركين فيه. روت "زار" انها تلقّت أكثر من مئتي تهديد اثر ذلك.

أخيراً وليس آخراً، أطلّت في الدورة ما قبل الأخيرة من مهرجان البندقية مع "تاتامي"، أول فيلم روائي طويل من إخراجها عن لاعبة جودو إيرانية تتلقّى اتصالاً من سلطات بلادها للانسحاب من مباراة مع لاعبة إسرائيلية لكنها ترفض، الخيار الذي ستدفع ثمنه غالياً. عن هذا الفيلم وأوضاع السينمائيين في إيران وخارجها، في ظلّ الاستبداد الديني والقمع السياسي، كان لـ"النهار" هذا الحديث الخاص معها في مناسبة مشاركتها في لجنة تحكيم مهرجان الفيلم الفرنسي المقام افتراضياً.

* أعجني جداً فيلمك "تاتامي" الذي أنجزته بالتعاون مع المخرج الأميركي الإسرائيلي غاي ناتيف في أول تعاون إيراني إسرائيلي. لكني أعتقد انه لم يأخذ حقّه. ما السبب في رأيك؟

- في فرنسا، حقّق نجاحاً كبيراً فاجأني وأسعدني. ولكن أنت محقّ، كان من الممكن أن يحصد أكثر من هذا. ماذا يسعني ان أقول في هذا الشأن؟ أعتقد ان التوقيت لم يكن لصالحنا. فبعد ثلاثة أسابيع من العرض العالمي الأول في البندقية، وقع "7 أكتوبر" ودخلنا في الصراع. بدأنا نسمع أحكاماً قيمية خاطئة في شأنه. أتذكّر ان أحد المهرجانات رفض الفيلم لأنه اعتبر ان عرضه في هذا التوقيت بالذات غير مناسب. في ذلك الوقت، لم أفهم لماذا، لكن توضّح الأمر أكثر اليوم. الناس تجنّبوا الإضاءة على الفيلم كونه أول تعاون بين بلدين، إيران وإسرائيل، معروفين بعدائهما أحدهما للآخر. لم يكن من المستحب الحديث عن هذا الصراع أو عن هذه المنطقة ككلّ والسلام المحتمل الذي قد يحل فيها. كوني أنجزتُ فيلماً يحمل رسالة سلام لا أكثر، كان رأيي مختلفاً في هذا الشأن.  

* في رأيي، كانت اللحظة الأنسب لعرض فيلم كهذا...

- بعد السابع من أكتوبر، كلّ شيء تغير، حتى إنني تلقيتُ نصائح تبلغني ما يصح قوله وما لا يصح قوله في مقابلاتي الصحافية. منعتُ من الحديث عن السلام. لكن، بعيداً من الاشكاليات، أعتقد انه من الصعب تحليل سبب عدم نجاج أي فيلم أو فشله. في حالتي، هناك موزّعون لم يحسنوا العمل. اعتقدوا انه قُضي الأمر بالنسبة إلى الفيلم، فأخرجوه في عز الصيف، أي خلال موسم العطل. "تاتامي" من الأفلام التي تجعلك تعرف منذ البداية ماذا تتوقّع. إما انك تنجزه أو لا تنجزه، وهذا نابع من احساسك بضرورة الحديث عن هذا الموضوع. المخرج غاي ناتيف وأنا كنّا مستعدّين لهذا الفيلم، لكن لم يأخذ الحجم الذي كان متوقّعاً، علماً ان الهدف منه لم يكن الرسالة التي ينطوي عليها، وذلك على أهمية تلك الرسالة في واقعنا الحالي. على مستوى المضمون، من المثير ان نرى كيف ان رياضية تخسر كلّ شيء، عملها وعائلتها ووطنها وصحتها، بسبب هذا الصراع السياسي الدائر بين البلدين. لذلك، ما قلتَ صحيح: كانت اللحظة الأنسب لمشاهدته.

بدور الصحافية في ”عنكبوت مقدّس“.

* اشتهرت بجرأتك، سواء جرأة الكلام أو الخيارات. لكن، هل تشعرين بأنك تنخرطين في هم سينمائي يعبّر عنك ويشبهك ويتحدّث بالنيابة عنك؟

- نعم، حالفني الحظ بعض الشيء. أعتقد انك عندما تعرف ماذا تقول وإلى أين تتّجه، تأتيك الأشياء من تلقاء نفسها. أنا لم أقرر شيئاً، كلّ هذا موجود في داخلي. لذا، مجدداً، أعتبر نفسي محظوظة لانخراطي في مشاريع تعبّر عني. رغم ذلك، لا أحبّ فكرة محاصرة نفسي في اطار معين من المشاريع ذات الطابع الإنساني والإرشادي. لا تروق لي فكرة البقاء في إطار سينما الشتات الإيرانية أو الشرق أوسطية، لا أطمح لهذا على الإطلاق. أرى نفسي أيضاً في مسلسل هوليوودي علمي خيالي مثلاً، نعم لمَ لا؟ وقتي المكرس للسينما كثير جداً. أعطيها كلّ ما أملكه. لذلك، على الدور الذي نجسّده ان يلهم الآخرين. لا أريد ان أرتبط فقط بأفلام ترفيهية. لي رغبة في ملامسة الناس. أود ان يخرج المشاهدون من الصالة ويستمرّون في التفكير في ما شاهدوه. وكم سأكون سعيدة اذا غيّر هذا، ولو جزئياً، نظرتهم إلى العالم. لهذا أجدني أتعذّب أحياناً جراء خياراتي. أقضي وقتي وأنا أعتذر من الناس، لأنني أجعلهم يبكون، خصوصاً أنني نادراً ما أجعلهم يضحكون. (ضحك).

عند نيلها جائزة التمثيل في كانّ 2022.

*ما نظرتك إلى هذا الكم من الأفلام الإيرانية التي تُعرض كلّ عام في المهرجانات والتي تكشف الأحوال السياسية والاجتماعية في إيران؟

- أعتقد ان "عنكبوت مقدّس" ثورة في ذاتها على مستوى سينما الدياسبورا الإيرانية، وحتى على مستوى السينما الإيرانية ككلّ. تردد وقتها انه ليس فيلماً إيرانياً أصيلاً، لكن يبدو ان الآراء في هذا النوع من الأفلام تغيرت الآن. لماذا يا ترى؟ لأننا لم نعتد رؤية المرأة الإيرانية على هذا النحو. الفيلم أطاح كلّ الكليشيهات التي فرضتها الحكومة الإسلامية في إيران على العالم كزاوية نظر وحيدة إلى العالم. استطعنا ان نقضي على هذا. أرى ان هناك جيلاً جديداً ظهر بعد حركة "إمرأة، حياة، حرية"، لن يقبل بعد اليوم العمل وفق المعايير القديمة. حدث تطور هائل في هذا المجال. العاملون في السينما ما عادوا يريدون الطاعة للنظام. القضية عند بعض الممثّلات قضية حياة أو موت. قررن خلع الحجاب والبقاء في المنزل والتوقّف عن العمل، لأنه، بكلّ بساطة، ما عاد من الممكن الاذعان لأوامر هذا النظام. لم نعد نريد الكذب. نبذ الكذب صنع موجة كبيرة في إيران. مع ذلك، تبقى المسألة شائكة، لأن هذه الأفلام تُنجز في العالم السفلي، مع موازنات شحيحة يوفّرها العاملون في الأفلام، ممّا يجعل بعضها يعاني من خلل وعيوب. لكن هذه الموجة أتاحت للسينمائيين الشباب فرض حضورهم. كلّ يوم أرى المزيد من الشباب ينجزون هذا النوع من الأفلام بإمكانات محدودة، كما حال فيلم محمد رسول آف "بذرة التين المقدّس". رسول آف مخرج كبير صاحب خبرة، لكن أعرف من هم أصغر منه سنّاً، خاطروا بحياتهم من أجل إنجاز أفلام تنتشر حالياً. هذه بقعة ضوء في واقعنا، إني أشعر بسعادة بسببها. لي رغبة في دعم هذه المبادرات للنهوض بسينمانا التي ما عادت تريد الاكذوبة الجماعية التي كنّا نعيشها.

* في فيلم رسول آف، نرى النساء سافرات، وهذا نادر جداً في السينما الإيرانية، خصوصاً في مرحلة ما قبل انتفاضة أيلول 2022.

- هل تعلم مدى المخاطرة التي تقوم بها هؤلاء الممثّلات، وهن في مقتبل تجربتهن؟ كلّ ذلك من أجل فيلم! رأيتُ أشخاصاً يقولون "دعوني أشارك في فيلم حقيقي ينقل الواقع وأنا مستعد ان أرحل من إيران، وقد لا أمثّل في فيلم آخر مجدداً، أو حتى ان أتخلّى عن السينما كلياً وأعيش بعيداً من وطني وأهلي". هذه حال مهدي باجستاني، شريكي في "عنكبوت مقدّس" الذي خرج من إيران لإنجاز هذا الفيلم معنا. سألته مرات عدة: "هل تعلم ماذا تفعل؟". فكان يرد بالقول: "أمتهن التمثيل منذ ثلاثين عاماً، لم تُتح لي فرصة ان أمثّل في فيلم أصيل كما الآن. هذا يكفي لأتخلّى عن السينما. مهما يكن الثمن، فلا بأس بذلك من أجل فيلم أصيل".

* قد يبدو سؤالي مستفزاً، لكن هل من الممكن الاستمرار في صناعة أفلام عن إيران من خارج إيران، أي من دون هذا الاحتكاك اليومي بالمجتمع الإيراني؟

- بفضل الإنترنت ووسائط التواصل، نحن على صلة دائمة بما يحدث في إيران. إني على تواصل دائم ببلدي، ومنذ مجيئي إلى أوروبا قبل 17 عاماً، لم أفقد التواصل مع الواقع الإيراني ولو للحظة. أعتقد ان هذا البُعد الجغرافي يتيح لك البقاء على مسافة تفيدك لسرد قصص ما كان ممكناً سردها لو كنت في الداخل الإيراني، خصوصاً في ظلّ ما تعانيه البلاد من رقابة متشدّدة وديكتاتورية وقمع. واليوم أصبحنا أقوى بعد هجرة المزيد من السينمائيين من إيران. هناك جيل ثانٍ من السينمائيين الإيرانيين نشأوا في أوروبا، ويتواصلون معنا لتحسين لكنتهم والتشبّع بثقافتهم الأم، وهذا يساعد في بناء كتلة، إلى درجة أنني بتّ أعتبر نفسي متخصّصة في خلق إيران خارج إيران. (ضحك).  

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced