مشاهدات فتاة عراقية في التعداد السكاني: مواقف عمو كريم، وحليمة، والسكران..
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 07-02-2025
 
   
جُمّار-كوثر إلياس

هذه حكاية فتاة عراقية، شاركت في العمل الميداني للتعداد السكاني، دخلت البيوت العراقية، وتبادلت الحديث مع سكانها، وواجهت مواقف جميلة وصعبة.. وكانت شاهدة على "عركات" العوائل، وانعدام الثقة بالمؤسسات الحكومية.

لطالما كان الفضول والرغبة يدفعانني لخوض تجارب أستكشف من خلالها المجتمع، وأمنح ذاكرتي أيّاماً ذات أثر، وهذا كان دافعي للمشاركة في العديد من الأنشطة المجتمعية.

أبرز هذه الأنشطة كان التعداد السكاني في العراق. في ظهيرة 29 تموز 2024، كنت أتصفّح أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فقرأتُ إعلاناً لوزارة التخطيط عن رابط استمارة إلكترونية لمن يرغبون التقدّم بصفة باحث/ة ميداني/ة، أو “عداد/ة”، في مشروع التعداد السكاني، وهو حدث لم يجرَ منذ آخر تعداد عام 1997.

“بابا قدمت اليوم على التعداد السكاني”، أعلنت لأهلي.

أبدوا دعمهم لرغبتي في المشاركة، في حين ترددت العديد من صديقاتي في التقديم خوفاً من استبعاد النساء، واكتفائهم بالرجال، لاعتقادهم أنّ الرجال “أكثر تحملاً لعبء العمل الميداني”، وأَقدَر على التعامل مع الأسر ودخول المنازل بأمان، هذه نظرة سائدة في المجتمع.

في تشرين الأول، وصلتني رسالة قبولي ضمن “العدّادين”. حينها، غمرني الامتنان والحماس لخوض تجربة غابت عن العراق لسنوات.

كنّا 244 عدّاداً في أحد أقضية محافظة بابل -يختلف العدد بحسب المباني، والأسر، وحاجة أقضية المحافظة – قُسّمنا إلى مجموعات، وكل مجموعة يترأسها مدير محلّة مع معاونيه.

الاختيار يخضع لشروط، منها ألّا يزيد عمر المتقدم/ة عن 45 عاماً، تفادياً لمشكلات الحركة والجهد البدني الذي يتطلّبه العمل الميداني والذي يعتمد على التنقّل بين المنازل.

خلال دوراتنا الحضورية أوضح لنا علي طالب، رئيس إحصائيين أقدم، في هيئة نُظم المعلومات الجغرافية بوزارة التخطيط، أنّ معظم الفئة المساهمة من مدراء المحلات ومعاونيهم والعدادين، تنتمي إلى الكوادر التربوية والتعليمية؛ لكونهم الأكثر قدرة على فهم وتحمل مسؤولية التعداد، بفضل طبيعة عملهم في التعليم وخبرتهم الأوسع في التعامل مع الأهالي، أمّا النسبة الأقل فكانت من موظفي وزارات الصحة، والكهرباء، والموارد المائية.

ذكر طالب في حديث لجمّار، أنّ نسبة مشاركة النساء في إجراء التعداد “لا تتجاوز اثنين بالمئة، وتختلف النسبة من قضاء إلى آخر”. وأضاف أنّ وزارة التخطيط قرّرت أن يكون “عمل النساء العدّادات”، ضمن مناطق سكنهنّ، وقد “أثبتن جدارتهنّ”.

الاستمارات الثلاث

بدأت وزارة التخطيط بتنفيذ عملية التعداد، مع بدء التحضيرات، منذ تموز 2024، وتضمّنت إقامة ورش تدريبية، ودورات تعليمية استمرّت عشرة أيام متتالية لإعداد وتأهيل المحاضرين، والمدربين، ومدراء المحلّة، ومعاونيهم، استعداداً للمرحلة الأولى من التعداد، التي تضمّنت تخطيط البلوك – عدد من المباني والمنازل ضمن وحدة سكنية معينة – وحصر وترقيم المباني، وتحديد الوحدات داخل المبنى، ثمّ المباشرة بالعمل الميداني.

انطلقت مجموعتي في صباح 14 تشرين الأول، تجمّعنا في قاعة التدريب، كان أمامنا سبعة أيام من التدريب المكثّف، بعدها سنبدأ مهامنا في مشروع التعداد السكاني، مقابل مستحقات مالية قدرها 250 ألف دينار شهرياً، ولمدة، شهرين، تشرين الثاني، وكانون الأول.

تقنياً تدرّبنا على استخدام النسخة الرسمية لتطبيق “تعداد العراق” عند العمل الميداني لجمع بيانات الأسر، وكذلك برنامج “الفورتكلاين” الذي يحقق اتصال الانترنيت بالجهاز، وتطبيق “تعليمات العد” الذي كان يتضمن شرحاً تفصيلياً عن البيانات والتعليمات التي نحتاجها.

كانت هناك ثلاث استمارات، عملنا عليها ضمن تطبيق تعداد العراق، الأولى لبيانات أسماء الأسر، وتواريخ الميلاد، وعدد أفراد الأسرة. أما الاستمارة الثانية، فكانت مكمّلة للأولى، لغرض الحذف أو إضافة أفراد، أو التعديل على الاستمارة الأولى، مع الانتهاء من جمع البيانات، وأرسالها لتصبح المباني باللون الأخضر، تأكيداً لزيارتها. الاستمارة الثالثة، كانت تتضمن تفاصيل أدق عن كل فرد، مع قائمة للسلع المعمرة وغيرها.

الزيارة الأولى والثانية

“أهلاً بنيتي، تشربين جاي؟”، هكذا أستقبلنا العم كريم في بيتهِ، ببساطة دشداشتهِ، وبتجاعيد وجهه، التي تمنح العراقيين أُلفة “جيل الطيبين”. حينها هدأ القلق الذي ساورني، فقد كانت تلك زيارتي الميدانية الأولى للمنازل، برفقة المدير ومعاونهِ، لأستكشف “بلوك العمل”.

أخذت البطاقات الوطنية لعائلة العم كريم، وبدأت أُدخلها يدوياً، عبر “تابلت التعداد”، وأضيف أفراد أسرته، أسمائهم وتواريخ ميلادهم، كان في غاية التعاون معنا، لكن كانت لديه وجهة نظر من جدوى التعداد، “بشنو يفيدنا التعداد، كلشي ماتسويلنا الحكومة”، شرحت له أهمية التعداد، ومدى ضرورة الوعي بهِ، كخطوة مؤثرة في سياسات البلد واقتصاده.

في الأيام الخمسة التالية، كنت أزور العوائل في منازلهم، وأفضل العمل في فترات ما بعد الظهر، حيث الشمس تبعث الدفء، وضجيج الأطفال يملأ الشوارع.

كان استقبال الأهالي لنا متفاوتاً، بحسب وعيهم، ومدى ثقافتهم بالتعداد، أظهر كثيرون ترحيباً، وكرماً في الضيافة، وأبدوا تعاوناً، لا سيما في زيارتي الأولى.

فكرة اختيار العدّاد للعمل في منطقة سكنهِ كانت لها التأثير الأكبر في استجابة الأهالي، تركت انطباعاً جيداً لديهم. وفي المرات التي رافقني بها والدي لزيارة العوائل، كانوا أكثر تعاوناً، أتذكر تعليق أحد الزملاء عن هذه التفصيلة، “لوما علاقتنا الطيبة بالعوائل، فلا واحد يطلع وينطينا المستمسكات”.

أبو فاطمة، الذي رحّب بي، واصفاً العدّادين بكونهم من أهله وناسه، وشدّني وعيه حين حثني عن أهمية التعداد في التنمية المستدامة، وحل مشاكل السكن والمدارس والمراكز الصحية، وتحديد فئات كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة.

كوني امرأة تعمل كعدّادة، لمستُ تعاطفاً وتعاوناً خاصاً من النساء أثناء زيارتي لمنازلهنّ، وهذا أضاف المتعة لعملي. لا تغادر ذاكرتي إسراء، المعيلة لأبنائها الثلاثة، وجارتها نورة، مع أطفالها الخمسة، أحدهم حديث الولادة، في منزل يتهاوى، ويكاد يسقط.

لا أنسَ الطفلة قمر، التي أخبرتني ببراءة، “بابا قافل على بطاقاتنا الوطنية بالقاصة”، ووالدتها التي تعاونت بمنتهى الودّية، وأخبرتني أن أحضر في زيارة أخرى لمنزلهم، حرصاً على تسجيل بياناتهم والحصول على بطاقاتهم.

العدّادة مع امرأة من الأهالي. المصدر: الكاتبة

وجدتُ النساء بطبعهنَّ أكثر هدوءاً، ولا يطرحن أيّ تساؤلات عن مدى فائدة التعداد وغيرها، على عكس الرجال. ومن بينهنّ الخالة رسميّة، ذات الخمسين عاماً، التي اتصلت بأبنائها واحداً تلو الأخر، واستقبلتني في كل مرّة، لأملي بيانات عائلتها المكونة من أحد عشر فرداً.

تسكن في الحي المجاور، عائلة حليمة، التي امتنعت عدّة مرات عن إعطاء البيانات، كانت كبيرة في السن، وزوجها مقعد، وذاكرتها بدت مشوّشة، “والله يا بيبي نسيت وين خليتهم”، لكن إصراري عليها، بعد التواصل مع ابنها الذي يعيش معهم في البيت، حصلت على البيانات، وكانت الخالة تردد، “ابني ما عنده شغل، ياريت تساعدونا”، لكنّني كنت عاجزة عن مساعدتها، فأنا هنا من أجل مهمّة التعداد.

سرور، (34 عاماً)، إحدى العدّادات في النجف، وصفت حال إحدى العوائل بالقول، “تكسر الخاطر”، هذه العائلة مكوّنة من أب وأم وخمسة أطفال، جميعهم أميّون، يسكنون في الأحياء العشوائية، التجاوزات، الأب “يشتغل بستوته”، ويعيشون حالة حزينة من الفقر والجهل.

تحول البلوك والمباني باللون الأخضر بعد الإنتهاء من مليء البيانات وزيارة المنازل ضمن تطبيق تعداد العراق. المصدر: الكاتبة

عندما سألتهم  سرور إن كانوا قدموا ملفهم للحصول على راتب “الرعاية الاجتماعة”، ذكروا لها أنهم حاولوا، لكنّهم لم يحصلوا على رد، لتكتشف لاحقاً أنّهم قدموا الطلب لمجلس البلدية، بدلاً من مجلس المحافظة. حينها تواصلت سرور مع جهات مختّصة من أجل مساعدتهم في “تصحيح” إجراءت التقديم على معونات الرعاية الاجتماعية، على أمل أن يحصلوا على ما يعينهم في حياتهم الصعبة.

تحكي سرور لجمّار عن إحدى العوائل، التي زارتها، قابلت الأب عند الباب، وأدلى بكلّ البيانات، ثم عندما طلبت رقم هاتفه، دخل إلى البيت منادياً على زوجته، “أم محمد، هاي بنية من التعداد وتريد رقم تلفون”، لتردّ الزوجة بالصراخ، ونبرة مخيفة وعصبية، “وانت شعندك طالع؟ والله اذا اشوفك بعد تطلع! يلا طب وسد الباب”، خرج والحرج يكتظ في وجهه، وأعتذر لنا، وفي الزيارة الثالثة/الأخيرة، أُعيد المشهد نفسه لكنّ الخاتمة كانت سعيدة، حصلنا على رقم الهاتف.

حوراء، (23 عاماً)، واحدة من النساء المشاركات في التعداد السكاني بمحافظة الديوانية، تتذكر في حديث مع جمّار، موقفاً لا تنساه، عندما خرجت عصراً، برفقة صديقتها، للعمل الميداني، ولاحظت رجلاً يتبعهما ويراقبهما، فأثار القلق والخوف في نفسيهما، لكن سرعان ما تبيّن أنه الرجل من المصابين بمتلازمة داون، وجاء ليحرس لهما الشارع، وفعل أكثر من ذلك، عندما وقف عند محل لبيع “لفّات الفلافل”، واشترى لهما اللفات وقدمها لهم، “هاي الكم انتوا جوعانين”. تقول حوراء عن ذلك المشهد، تحوّل الأمر إلى ذكرى آمنة ولطيفة.

مرحلة الزيارة الثانية كانت أسرع وأخف، مع حظر التجوال الذي استمرّ يومين، 20 و21 تشرين الثاني 2024. وكانت لتوثيق حالات الوفيات أو الولادات الجديدة خلال اليومين السابقين، وكان واضحاً انتشار دوريات الأمن في الشوارع الفارغة، كانت العوائل مستغربة من سرعة الزيارة التي لا تشمل أيّ بيانات إضافية غير تحديث المعلومات، في حال كانت بحاجة لذلك.

الزيارة الثالثة

في الأيام التالية وبعد انتهاء حظر التجوال، توجهت إلى منزل أبي سجاد، وكانت هذه زيارتي الثالثة لهم ضمن مرحلة التعداد الأخيرة.

بدت على وجهه علامات التعب، “يابه خلص التعداد وأعلنت النتائج!”، حاولت أن أوضح لهُ مراحل التعداد الثلاث، ومدى أهمية كل زيارة منها سعياً لتعاونه، وقد ساعدني بالفعل.

فريق من العدّادين خلال عمليات التعداد السكاني. المصدر: الكاتبة

في المرحلة الثالثة واجهت وقتاً عصيباً، فالاستمارة كانت مرهقة ومطوّلة، عملت خلالها لعشرة أيام متتالية، كانت تتطلب تفاصيل دقيقة عن خصائص كل فرد في الأسرة، حول المسكن، والسلع المعمرة، والوفيات.

كنت أتنّقل بين المنازل، أطرق الأبواب وأُجيب عن أسئلة لا تنتهي، وما الغرض من ثالث زيارة، بينما يطاردني الثقل في كل خطوة. وكان القلق هاجساً لدى المواطنين، خشيةً من قطع رواتب الرعاية الاجتماعية، ومشاركة بياناتها وسلعها المعمرة، أصبحت الثقة هشّة، وحلّ التردد مكانها، حيث تكررت على مسامع الفرق الميدانية، عبارات من مثل:

“مو أجيتوا وأخذتوا البطاقات الوطنية، شتريدون بعد؟”

“يا أخي، يكولون العداد راح يجي مرة ثالثة! معقولة كل يوميه جاينا؟ مو طلعت النتائج؟ شيسوي بعد جاينا؟”

“كل شوية يندك الباب”

كان من الممكن تقليل العبء لو اقتصرت العملية على مرحلتين فقط، الحزم والترقيم، مع زيارة واحدة تجمع بين العُدّاد والأسرة، ففي كثير من الأحيان، كانوا يدلون بالبيانات بلا أدنى اكتراث بأهميته، مع شعور باليأس من الحكومات.

الاستمارة تضمّنت أسئلة عن الحالة الزوجية، وكثيراً ما كان يمزح الرجال عند سؤالهم عن عدد الزوجات، فكانوا يجيبون، “وحدة، والثانية بالطريق”، تكررت على مسامعي كثيراً.

“سجليني كاسب”

قلّة وعي الناس بأهمية التعداد كانت من أكثر التحديات التي عانينا منها في العمل الميداني، إذ يطغى الجهل نتيجة لضعف إعلام المؤسسات الحكومية في التوعية والتعريف.

“سجليني كاسب”، هذهِ كلمات أحد المواطنين، وكان معروفاً بتجارته الواسعة في البذور، ومن أغنى الأسر في المنطقة، متخوفاً من تسجيل بياناته الأصلية، خشية تعرضه للمساءلة، أو خوفاً من الضرائب، لم يسعني سوى تسجيله وفقاً لما أدلى به من بيانات، بدون أيّ تدخل في خصوصياته.

تعرضت لكثير من الأسئلة عن التعداد، “شنو تستفاد الحكومة من تعرف عندي كم ثلاجة او طباخ؟”، كنت أوضح لهم وأشرح أهميته، كسباً لتعاونهم معي في توفير بياناتهم.

“مصارت وياي شخصياً بس ويه زملائي”، يروي أحمد تعرّض أحد زملائه المعاونين لاعتداء وإهانة خلال عمله، أثناء ترقيم سور المنازل الخارجية والأبواب، عندما أقترب منه رجل سكران، وهجم عليه، وجرّه من قميصه، “شتسوي هنا؟”. حاول المعاون الدفاع عن نفسه، ما أدى إلى حدوث خلاف لفظي، ثمّ تطور إلى “المضارب”، في تلك اللحظة، خرجت عائلة الشخص السكران، واعتذروا للمعاون، الذي قرر أن يتسامح، ولم يقدم شكوى للأمن، لرغبته في عدم تصعيد الأمور أكثر.

تكرر الاعتداء ذاته على معاون منطقتي في مرحلة الترقيم، أثناء زيارته لأحد المنازل، وطرقه على أحد الأبواب لطلب مستمسكات وبيانات الأسرة، فوجئ بالرد عليه من امرأة تسكن المنزل، يعلو صوتها وهي تصيح، “ولّي، الله لا يوفقكم يا حرامية.. جذابين!” ثم تطاولت على المشرف بشتم والده وعائلته.

لكن الأسوأ كان عندما فتحت باب المنزل وأعتدت عليه جسدياً، سحبت باج العمل من صدره، ولولا تدخل الجيران الذين أنقذوا الموقف وحاولوا تهدئتها وردعها، ربما تفاقمت الأمور. قرر المعاون المضي بعمله وتسجيل بياناتها، مع التغاضي عن موقفها لكيلا تتعرض للاستدعاء الأمني.

تخطيط البلوك وترقيم المباني باللون الأزرق دلالة على أنها غير مزارة، ضمن تطبيق تعداد العراق. المصدر: الكاتبة

الناس كانوا يتخوفون من وقوع ضرر عليهم بسبب التعداد، مثل قطع راتب الرعاية الاجتماعية، أو فرض ضرائب على ممتلكاتهم، لكنّ هذا لم يكن ضمن أجندة التعداد السكاني، وهذا كان واضحاً بالنسبة لنا في التدريب الذي سبق العمل الميداني.

ناجي عبيس، المختص بجغرافيا السكان والمدرّب في ورش التعداد وأحد الباحثين الميدانيين، تحدث لجمّار أن الخوف من قطع الرواتب لا أساس له، “الوزارة تناولت هذه المسألة وتم توجيه العدادين بعدم التطرق إلى موضوع الرواتب، نظراً لحساسية الأمر لدى المواطنين”.

الهدف من التعداد تنموي فقط، بحسب عبيس، يركز على جمع بيانات دقيقة وشاملة عن مستوى المعيشة للأفراد والأسر، ويستهدف قياس مستوى الحرمان الاقتصادي والاجتماعي، لتحسين الخدمات، ووضع خطط تنموية، فالبيانات التي يتم جمعها تشمل خصائص الأفراد والمساكن، وهي مماثلة لتلك التي تم توثيقها في تعدادي 1987 و1997، عندما لم تكن هناك رواتب رعاية أو إعانات للعاطلين عن العمل.

وأشار إلى أهميّة جمع بيانات السلع المعمرة، لتحديد مستوى الحرمان الذي تعاني منه بعض الأسر، مثل عدم امتلاك ثلاجات أو مبردات، “بعض الأسر حتى ثلاجة ما عدها، اذن لأي درجة واصل الحرمان؟”.

البيانات المتعلقة بالأفراد، خاصة النساء، تُعد أساسية في فهم مؤشرات مهمة مثل عدد الولادات والوفيات خلال فترة الزواج وأسباب الوفيات، يقول عبيس لجمّار، “البيانات تُستخدم كمقاييس لتحديد عوامل الخصوبة، وتحليل أسباب الوفيات، وكذلك الإحصائيات المتعلقة بالطلاق والأرامل، معرفة هذه النسب تساعد في وضع حلول اجتماعية”.

التعداد في الأرياف

العمل في الأرياف كان تحدياً كذلك، كل منطقة تعداد تتكون من 80 أسرة، مع إمكانية وصول عدد أفراد الأسرة الواحدة إلى 20 فرداً، ومن بين الصعوبات التي يواجهها العاملون الميدانيون هناك، صعوبة التنقل بين المنازل، بالإضافة إلى قلّة وعي السكان بأهمية الإدلاء بمعلومات دقيقة.

عمر، أحد الباحثين الميدانيين في أرياف بابل، أوضح لجمّار، أنّ ضعف وعي السكان ورفضهم التعاون يمثلان تحدياً كبيراً، خاصة فيما يتعلق بالإفصاح عن السلع المعمرة، ورواتب الرعاية الاجتماعية.

يقول عمر، “إذا عنده خمس تلفونات، أسجل اثنين بس حتى يتساهلوا وأكسب ثقتهم، إذا تگولهم عندك راتب وراح أسجله، ما ينطونا البطاقات ولا المستمسكات، لو يجي الحمزة”. لذلك، حرص عمر على ضمان تعاونهم من خلال تثقيفهم عن أهمية التعداد، لتحديد نسب الفقر في البلاد.

أظهرت نتائج الأولية للتعداد أنّ العراقيين تجاوز عددهم 45 مليون بأكثر من 407 آلاف إنسان، يسكن 70.3 بالمئة منهم في المدينة، ويعيش 29.7 بالمئة في الريف، ولم تعلن البيانات الأخرى بعد.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced