شهدت غالبية المحافظات موجة واسعة من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، حيث خرج الآلاف من المواطنين إلى الشوارع مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية والحصول على حقوقهم المشروعة.
وتنوعت مطالب المحتجين بين تحسين الرواتب التقاعدية، وتوفير الخدمات الأساسية، وايجاد فرص عمل للخريجين، وتأهيل البنى التحتية المتدهورة.
وتعكس هذه التظاهرات استمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها العراقيون، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتردي الخدمات العامة.
تظاهرة المتقاعدين في بغداد
ففي العاصمة بغداد، تجمعت أعداد كبيرة من المتقاعدين المدنيين والعسكريين أمام هيئة التقاعد العامة في منطقة الشوّاكة، حيث شارك متقاعدون من مختلف المحافظات العراقية مثل ذي قار، ميسان، واسط، وبابل، بالإضافة إلى متقاعدي بغداد في وقفة احتجاجية حاشدة.
ورفع المتظاهرون مطالبهم بتحسين أوضاعهم المالية، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وطالبوا بزيادة الرواتب التقاعدية وتوفير الحقوق الكاملة لمتقاعدي الجيش العراقي السابق، ومساواتهم ببقية المتقاعدين في الحقوق والامتيازات.
ومن بين المشاركين في التظاهرة، تحدثت المتظاهرة سناء أحمد عن معاناتها بعد وفاة زوجها، الذي كان عسكريًا في الجيش السابق، حيث انخفض راتبه من 500 ألف دينار إلى 300 ألف دينار فقط بعد وفاته، وهو مبلغ لا يكفي لسد احتياجات أسرتها. وأضافت أنها، رغم تقدمها في السن، ما زالت تعمل في إعداد الخبز والطعام لتأمين احتياجات أسرتها، مشيرة إلى أنها اضطرت لعرض منزلها للبيع بسبب الظروف المعيشية الصعبة.
مطالبات بالعدالة والمساواة
من جانبه، تحدث حسين موازي، المتظاهر من محافظة ذي قار، عن مشاركته في التظاهرة للمطالبة بزيادة الرواتب وتصفية المستحقات المالية التي لم تُمنح للمتقاعدين.
وأوضح أن التظاهرة هي رقم 24 للمتقاعدين، مشيرًا إلى أن الزيادة التي قررها رئيس الوزراء بـ100 ألف دينار لم تفِ بالغرض نظرًا لارتفاع سعر الدولار.
وأشار أيضًا إلى أن راتبه التقاعدي لا يكفي لتغطية احتياجات عائلته المكونة من 13 فردًا، معظمهم من الطلاب.
كما طالب كريم سامي، متظاهر آخر، بالعدالة والمساواة بين المتقاعدين من خلال قانون التقاعد الموحد. وأشار إلى أنه يعاني من بتر في قدمه وعجز بنسبة 85%، ورغم ذلك يتقاضى راتبًا ضئيلًا يبلغ 400 ألف دينار فقط، ويعيش في دار مستأجر. وأضاف أنه لم يحصل على حقوقه لا من الحكومة السابقة ولا من الحكومة الحالية، مطالبًا بالمساواة بين المتقاعدين بغض النظر عن سنة تقاعدهم.
احتجاجات أهالي الرغيلية
وفي منطقة الرغيلية التابعة لقضاء الشامية بمحافظة الديوانية، أغلق العشرات من الأهالي الطريق الرابط بين الديوانية والنجف، احتجاجاً على تردي الخدمات العامة في المنطقة، وعدم استجابة الحكومة المحلية لمناشداتهم المستمرة.
وأكد المحتجون، أن الوضع في المنطقة أصبح لا يُحتمل، مشيرين إلى معاناتهم المستمرة في الحصول على خدمات أساسية مثل المياه الصالحة للشرب، حيث يعتمد أبناء المنطقة على مياه الآبار.
كما أشاروا إلى أن المدارس الابتدائية في المنطقة تعاني من الاكتظاظ، بينما تدهورت البنى التحتية بشكل عام، ما جعل الوضع أكثر صعوبة على المواطنين.
تظاهرات غماس
وفي شوارع غماس، نظمت تظاهرة أخرى احتجاجاً على تأخر تنفيذ مستشفى المنطقة الذي تم وضع حجر أساسه قبل 11 عاماً، حين أحيل المشروع على شركة بلغارية.
وأوضح المحتجون أن هذا المشروع بالإضافة إلى تعثر مشاريع أخرى في المنطقة، تسبب في معاناتهم المستمرة. وأكدت لجنة تنسيق الاحتجاج أن التظاهرة كانت سلمية ولا تستهدف أية غايات سياسية، معربين عن عزمهم على استمرار التظاهرات بشكل يومي حتى تتحقق مطالبهم.
خريجو المجموعة الطبية
كما تظاهر العشرات من خريجي المجموعة الطبية في محافظة النجف الأشرف، أمام دائرة صحة المحافظة مطالبين بتعيينهم في المؤسسات الصحية.
وطالب المتظاهرون بتضمين تعيينهم في موازنة 2025، مشيرين إلى معاناتهم المستمرة جراء تأخر تعيينهم رغم تخرجهم من الكليات الطبية.
وشدد المحتجون على ضرورة إيجاد حلول سريعة لوضعهم المهني لضمان فرص العمل في القطاع الصحي.
وفي محافظة المثنى، نظم العشرات من خريجي المهن الصحية دفعة 2024 وقفة احتجاجية، مطالبين بتوفير تعيينات لهم في المؤسسات الصحية.
وأوضح ممثل الخريجين محمد علي أن عدد الخريجين يتجاوز الألف من مختلف التخصصات الصحية، مؤكدًا أن القطاع الصحي في المحافظة بحاجة ماسة إلى كوادر جديدة لسد النقص في المستشفيات والمراكز الصحية.
حراك أهالي الثغر
وتستمر تظاهرات واعتصامات حراك "الثغر" في البصرة لليوم الرابع على التوالي، حيث تجمع عدد كبير من المتظاهرين أمام بوابات الحقول النفطية في أقصى جنوب العراق، مطالبين بتحقيق مطالبهم الأساسية. وأوضح ممثل عن الحراك أن التظاهرات مستمرة حتى تتحقق المطالب التي تم التطرق إليها في الاجتماعات الأخيرة مع المعنيين في الحكومة المحلية، مشيرًا إلى عقد لقاءات لمناقشة ملفات حيوية مثل التشغيل، المنفذ الحدودي، المستشفى، والبوابات النفطية.
في سياق متصل، نظم العشرات من خريجي البصرة المشاركين في عملية التعداد السكاني، وقفة احتجاجية أمام مجلس المحافظة مطالبين بتحويل عقودهم المؤقتة إلى عقود دائمة.
وقال ممثل الخريجين حسن كيطان، إنهم شاركوا في عملية التعداد السكاني في البصرة، وبعد نجاح العملية، يأملون في إضافتهم إلى الملفات الخاصة بالـ19 ألف درجة وظيفية أو الـ13 ألف درجة المتاحة، خاصة أن أعدادهم قليلة.
وأكد أن التظاهرات ستستمر حتى تحقيق مطالبهم، وفي حال عدم استجابة الحكومة المحلية، سيلجؤون إلى تنظيم اعتصامات داخل المحافظة.
احتجاجات متقاعدي البيشمركة
وفي السليمانية، احتج العشرات من متقاعدي قوات 70 للبيشمركة بعد عدم ورود أسمائهم في قوائم رواتب شهر كانون الثاني 2025، في مشكلة وصفوها بـ"المزمنة" والتي تؤثر على آلاف العائلات.
وأعرب ممثل المتقاعدين شيرزاد محمد عن استياء واسع بين المتقاعدين بسبب تأخر صرف الرواتب وعدم إدراج أسمائهم ضمن القوائم الرسمية لهذا الشهر، مؤكداً أن هذه ليست المرة الأولى التي يواجهون فيها هذه المشكلة.