يعتبر ارتفاع أسعار الإيجارات في العراق مشكلة كبيرة تؤثر على معيشة المواطنين، خاصة مع التدهور في مستوى الخدمات الأساسية والبنية التحتية.
وتتصدر العاصمة بغداد، قائمة المدن ذات التكاليف المعيشية المرتفعة، حيث باتت أسعار العقارات والإيجارات وحتى تكاليف المعيشة اليومية توازي ما يُدفع في عواصم مزدهرة.
ومن أسباب ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات في العراق هو الحاجة المتزايدة للسكن في ظل قلة المعروض، والهجرة الجماعية من الريف إلى المدن، فضلاً عن دخول غاسلي الأموال إلى هذا القطاع، وفق مراقبين.
وبحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن في العراق، فقد أظهرت أن نسبة الأسر المالكة للوحدات السكنية تبلغ 72.15% في العراق، بينما تصل في إقليم كوردستان إلى 70.19%.
كما كشفت النتائج التي أعلنت عنها وزارة التخطيط العراقية، في 24 شباط/فبراير 2025، أن عدد سكان البلاد يبلغ 46 مليوناً و118 ألف نسمة.
وتوزع السكان حسب البيئة بواقع 70.17% في الحضر و29.83% في الريف في العراق، و84.57% في الحضر و15.43% في الريف بإقليم كوردستان.
تشكيك بالنسب
وتثير نسب الأسر المالكة للوحدات السكنية في العراق، شكوك الخبير الاقتصادي، دريد العنزي، حيث يبدو "هناك عدم مصداقية للجهات الرسمية في اعطاء عدد واضح لسندات تملك العقارات".
وبين العنزي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "وزارة التخطيط أعلنت وجود بحدود 72٪ من المواطنين لديهم سندات تملك حدات سكنية، وعند مطابقة هذه النسبة على السكان يظهر وجود 33 مليون مواطن لديه وحدة سكنية، ما يعني لا توجد أزمة، وهذا غير صحيح".
وعن أسباب ارتفاع الأسعار، أضاف الخبير الاقتصادي، أن "إحصاءات التعداد السكاني الأخير أكدت وجود هجرة كبيرة من الريف إلى المدن، وخاصة إلى العاصمة بغداد لوجود مجال عمل أوسع فيها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الإيجارات والعقارات".
وأشار العنزي، إلى أن "محافظة المثنى كانت قبل حوالي 4 سنوات أقل محافظة بأسعار الإيجار، ما دفع سكان الجنوب بالتوجه إليها، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار فيها أيضاً"، مؤكداً أن "مشكلة ارتفاع أسعار الإيجارات لم تجد لها الحكومة حلاً جذرياً، كما لا توجد رؤية حقيقة لمعالجتها".
واتفق الخبير في مجال العقارات، عبد السلام حسين، مع ما طرحه دريد العنزي، بأن "الحكومات المتعاقبة لم تنصف الطبقات الفقيرة المعدمة، والتي أكد عليها الدستور بمواده التي تنص على توفير العيش الرغيد للمواطنين والخدمات وغيرها".
ونبه حسين خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "غلاء الإيجارات هو بسبب دعم القطاع الخاص بطريقة غير فنية وعلمية، ما سهّل على المتنفذين استغلاله وشراء أعداد من الوحدات السكنية ومن ثم مضاعفة الأسعار".
ورأى أن "الطلب على العقارات من قبل المتنفذين بات غير طبيعياً، وهذا يعود إلى محاولة تجنب المساءلة القانونية عن أموالهم في المستقبل، وهذا غسيل أموال".
السيطرة على السوق
ويلاحظ أن أسعار الايجارات والعقارات في العراق لا تخضع لمراقبة من الجهات الحكومية لمنع التلاعب بأسعارها، فيما يؤكد المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، أن "تحديد الأسعار لن يمنع من التلاعب بها لوجود حاجة فعلية للسكن".
وخلال حديثه لوكالة شفق نيوز، ضرب الصفار، مثالاً بمجمع بسماية السكني في بغداد، بالقول إن "سعر المتر الواحد في هذا المجمع محدد بـ600 دولار أمريكي، لكن البيع يتم عن طريق مكاتب عقارية بأسعار أكثر من السعر المحدد، لذلك حتى وإن كانت هناك محددات، فلن يتم الالتزام بها لوجود حاجة كبيرة للسكن".
وأوضح الصفار، أن "الأزمة هي ناتجة من الحاجة المتزايدة للسكن في ظل قلة المعروض تجاه ما متوفر من الوحدات السكنية، حيث إن السوق (عرض وطلب)، والكثير من أصحاب رؤوس الأموال باتوا يتاجرون بقطاع العقارات كونه سوقاً رائجاً ويشهد طلباً متزايداً عليه".
وأكد أن "السيطرة على سوق العقارات يتم عن طريق ضخ أكبر عدد ممكن من الوحدات السكنية في السوق، لذلك التوجه الحكومي الحالي هو زيادة الرصيد السكني وتوزيع وحدات سكنية لبعض الفئات المجتمعية المحتاجة".
وخلص الصفار، إلى أن النسبة الأكبر من الأراضي المخدومة التي يتم العمل بها ضمن مشروع المطور العقاري، سوف تُوزع على فئات مجتمعية تشمل ذوي الشهداء والرعاية الاجتماعية والأرامل والمطلقات والنقابات والمواطنين من غير الموظفين وتصل إلى 21 فئة في بغداد والمحافظات".