في خطوة تهدف إلى مواجهة ظاهرة العنف المتفاقمة في العراق، شهدت العاصمة بغداد، امس السبت، انطلاق تحالف جديد تحت اسم "صوت الأمل لمناهضة العنف"، بمشاركة عدد من الكيانات السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب حقوقيين، وأكاديميين، وباحثين، وناشطين.
مكونات التحالف وأهدافه
مع انطلاق الفعالية التأسيسية، أعلن مقرر التحالف، مرتضى صالح، أن "التحالف يتكون من مجموعة من منظمات المجتمع المدني، وكيانات سياسية، وحقوقيين، وباحثين، وناشطين"، مؤكداً أن الهدف المركزي لهذا التجمّع هو "إنشاء دور إيواء مخصصة للمعنفين، والعمل على تحديد ورصد كل أشكال العنف في العراق".
وفي إطار الجهود الأولية، كشف صالح عن تحديد خمسة أهداف رئيسية تم تضمينها في "بيان الانطلاقة"، الذي يمثل الوثيقة التأسيسية الأولى للتحالف. وأكد أن التحالف يستند إلى قناعة مفادها أن "العنف لا يُمكن معالجته إلا من خلال جهود جماعية شاملة، تبدأ بالتشخيص والرصد، وتنتهي بتقديم حلول عملية تضمن الحماية والدعم للضحايا، مع الضغط لتفعيل القوانين الرادعة".
ثلاثة بيانات تواكب الحدث
وضمن فعالية الإطلاق، أعلن التحالف عن إصدار ثلاثة بيانات رسمية مواكبة للأحداث الأخيرة في البلاد. أول هذه البيانات جاء لإدانة واستنكار حالات تعنيف التربويين والمعلمين، فيما خُصّص البيان الثالث للتنديد بجريمة مقتل المهندس بشير خالد لطيف، التي أثارت ردود فعل واسعة على المستوى المجتمعي والحقوقي، بسبب وفاته تحت التعذيب أثناء احتجازه.
خمس محاور رئيسية
البيان الانطلاقي لتحالف "صوت الأمل" تضمن خارطة طريق واضحة للعمل المستقبلي، تمثلت في خمسة أهداف محورية وهي تقديم الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي للمعنفين، عبر فرق متخصصة تسهر على ضمان حقوقهم، وإطلاق حملات توعوية شاملة تسلط الضوء على مخاطر العنف وآثاره المدمرة على الفرد والمجتمع.
والتنسيق مع الجهات الحكومية والقضائية لإنشاء مراكز إيواء آمنة للنساء والأطفال، مع ضمان تنفيذ سياسات وتشريعات تحميهم، فضلا عن تمكين الناجيات من العنف عبر التعليم والتدريب المهني، بما يساعدهن على بناء مستقبل مستقل وآمن.
والعمل على تشريع قانون مناهضة العنف الأسري، من خلال التنسيق مع السلطة التشريعية، لضمان بيئة قانونية عادلة وشاملة لحماية أفراد الأسرة.
تحذيرات ومطالبات
التحالف، وفي معرض بيانه، أشار إلى أن تشكيل هذا الكيان جاء في ظل تحديات كبيرة تواجهها البلاد فيما يتعلق بحماية المعنفين، مؤكدًا أن "العديد من الفئات لا تزال تتعرض لانتهاكات جسدية ونفسية دون وجود رادع قانوني كافٍ".
ومن هذا المنطلق، وجّه دعوة مفتوحة إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والمؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، والجهات الإعلامية، والناشطين الحقوقيين، للانضمام إلى جهوده والعمل المشترك من أجل بناء مجتمع يحترم الكرامة الإنسانية ويصون الحقوق.
قضية بشير
والاعتداء على المعلمين
في بيان استنكار شديد اللهجة، أدان التحالف جريمة مقتل المهندس بشير خالد لطيف تحت التعذيب أثناء احتجازه، واعتبرها "جرس إنذار يكشف خللًا بنيويًا في مؤسسات العدالة"، داعيًا إلى تحقيق عاجل ومحاسبة الجناة، بما يكفل عدم تكرار هذه الانتهاكات.
كما ندّد التحالف بما تعرّض له المعلمون والتربويون من اعتداءات مهينة، مؤكدًا أن "كرامة المعلم خط أحمر، وأن المساس بها هو طعنة في ضمير الوطن". وحذّر من أن تفشي العنف ضد الكوادر التعليمية يهدد استقرار المجتمع ككل، مطالبًا بحماية قانونية فاعلة وشاملة للمعلمين في جميع أنحاء البلاد.
نحو بناء شبكة وطنية
لمناهضة العنف
تحالف "صوت الأمل"، بانطلاقته هذه، يسعى إلى بناء شبكة وطنية قادرة على رصد ومعالجة العنف بكافة أشكاله، والعمل على تحريك الرأي العام والمؤسسات المعنية باتجاه تشريعات وإجراءات تحمي الضحايا وتكفل العدالة. ويأمل القائمون عليه أن يشكل هذا التحالف نواة لتحول اجتماعي وقانوني يضمن حقوق الإنسان ويواجه التمييز والعنف المنهجي في العراق.