تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في عدد من المحافظات العراقية خلال الأيام الأخيرة، حيث شهدت محافظات الفرات الأوسط، تظاهرات واسعة نظمها الفلاحون. بينما تواصلت الإضرابات والوقفات الاحتجاجية للكوادر التربوية والتعليمية في محافظات أخرى، في مشهد يعكس تصاعد الغضب الشعبي تجاه السياسات الحكومية وتجاهلها المطالب الأساسية.
احتجاجات الفلاحين
وصعّد فلاحو محافظات النجف والديوانية والسماوة وكربلاء احتجاجاتهم عبر تنظيم تظاهرة واسعة في مفرق غماس، استخدموا خلالها الحاصدات والتركترات لغلق الطريق الرابط بين الديوانية والنجف، ما تسبب بتوقف حركة السير مؤقتًا.
المتظاهرون رفعوا جملة من المطالب، كان أبرزها: صرف تعويضات المواسم الزراعية المتوقفة، توفير المياه ووقود الكاز، تقليل أجور السقي والكهرباء. واعتبر المحتجون أن هذه المطالب تمثل الحد الأدنى لضمان استقرار القطاع الزراعي. وهددوا بالمضي في اعتصام مفتوح في حال استمرار التجاهل الحكومي.
التظاهرة شهدت مشاركة عدد من الناشطين والمهتمين بالشأن الزراعي، الذين عبّروا عن تضامنهم الكامل مع الفلاحين، داعين الحكومة إلى الاستجابة الفورية قبل تفاقم الأزمة.
إضراب متواصل للمعلمين
في محافظة ذي قار، أعلنت ممثلية الكوادر التربوية استمرار الإضراب أمام أقسام مديرية التربية، مشيرة في بيان مصوّر إلى أن الحكومة ومجالس المحافظات لم تتعامل بجدية مع مطالبهم.
المطالب التربوية شملت محاسبة المتسببين في قمع التظاهرات السلمية التي نظمها المعلمون، وتقديم اعتذار رسمي من وزارة الداخلية وقيادة شرطة ذي قار، إلى جانب إرسال قانون الخدمة المدنية، وإقرار سلم رواتب عادل، وتعديل قانون حماية المعلم رقم 8 لسنة 2018 بما يضمن حقوقهم.
كما طالب المحتجون بزيادة المخصصات المهنية بنسبة 100%، ورفع أجور النقل، ومضاعفة مخصصات خدمة الأرياف، وتخصيص قطع أراضٍ سكنية وقروض ميسّرة لجميع التربويين.
عودة مشروطة للمعلمين
تنسيقية محافظة واسط أكدت استمرار الإضراب أمام مديرية التربية، مشيرة إلى أن عودة الكوادر التعليمية إلى المدارس مشروطة بالاستجابة الفعلية لمطالبهم التي اعتبروها حقوقاً مشروعة، رافضين التبريرات الحكومية.
وفي قضاء الصويرة شمال محافظة واسط، خرج المعلمون والمعلمات بتظاهرة أمام مديرية التربية، رفضاً لقرارات مجلس الوزراء التي وصفوها بأنها لا تعبّر عن مطالبهم.
وأشار المتظاهرون إلى أن وزارة التربية والنقابة بعيدتان عن واقعهم، وطالبوا بتفعيل قانون حماية المعلم بعد تكرار الاعتداءات بحقهم. وقال المعلم مهيب صادق جعفر، إن الحكومة لم تلبِ الحد الأدنى من حقوقهم، فيما أكد مصطفى رعد أن القرارات الأخيرة لم تحقق شيئاً سوى تخصيص نثرية للإدارات وأجور للمشرفين، دون أي أثر إيجابي على أوضاع المعلمين.
"لا نريد تعطيل العملية"
وفي منطقة الزعفرانية ببغداد، نظّم المعلمون والمدرسون وقفة احتجاجية ثالثة خلال أسبوع، شددوا فيها على أن تحركهم لا يستهدف تعطيل العملية التعليمية، بل تصحيح المسار وإنصاف المعلم العراقي. وقالت نزيهة الربيعي، مديرة مدرسة، إن الوقفة تهدف إلى استرداد الحقوق، فيما أشار حسن خلف إلى أن الحكومة ما تزال تماطل في تنفيذ قرارات أُقرت منذ عام 2018. أما المدرسة هدى خالد، فانتقدت الأنظمة المتعاقبة التي لم تنصف شريحة المعلمين.
وتشهد الساحة العراقية تصاعداً لافتاً في الاحتجاجات الاجتماعية من قبل الفلاحين والمعلمين وفئات اجتماعية اخرى، في وقت تزداد فيه المؤشرات على اتساع الهوة بين الحكومة والفئات المنتجة والأساسية في المجتمع، ما ينذر باتساع رقعة التصعيد في حال استمرار التجاهل الرسمي.