شهدت قاعة "سينما بيسترو" وسط العاصمة السويدية ستوكهولم في 27 -3 -2025 الماضي حفل توقيع المجموعة الشعرية الأولى للشاعرة ليلى سلطان باللغة السويدية، وبحضور جمهور كبير غصت بهم القاعة، في بداية الاحتفالية ألقت مشرفة دار النشر الشاعرة والمترجمة السيدة يني تونيدال"Jenny Tunedal" كلمة الافتتاح والتي عبرت فيها عن إعجابها بموهبة الشاعرة ليلى وقدرتها على النظر بعمق في ثنايا الكلمات والمعاني، وتناولت أمثلة من المجموعة الشعرية "مستعمرة العقاب"، كما تحدثت فيها عن موهبة الشاعرة وقدرتها على صياغة اللغة ومنح الكلمات روحا ناطقة بإحساس مرهف، بعدها ألقت الشاعرة ليلى كلمة شكرت فيها كل من قدم لها العون خلال رحلة كتابتها للمجموعة الشعرية، ومن ثم قرأت بعضا من قصائدها بمصاحبة الموسيقى التي قام بإدائها العازف "جوشوا نج"، بعد ذلك قُدمت قراءات شعرية ممسرحة قامت بها كل من" دينا عيدي ودنيا قاسم" وهي مأخوذة من المجموعة الشعرية، فكانت مؤثرة جدا، ثم قدم الفنان "دانييلا سيرافيموفا" مقطوعة موسيقية جميلة تلتها قراءات شعرية لزميلات الشاعرة ليلى وهنّ (آزادي آزاد - ونادية مغدّر)، وبعد انتهاء العرض قامت الشاعرة ليلى بتوقيع ديوانها وكانت لحظات رائعة من خلال الإقبال الكبير على اقتناء المجموعة الشعرية "مستعمرة العقاب"، الصادرة من دار النشر "نورستيدتس"وهي من 200 صفحة، هذا وقدم العديد من الضيوف باقات الورد للشاعرة المحتفى بها، حيث ملئت صالة حفل التوقيع الذي أمتد لساعات، والذي حضره جمهور قدم من مالمو ويتيبوري ومدن سويدية أخرى بالإضافة إلى قادمين من الدنمارك وبريطانيا.
هذا وقد أجرت دار النشر مقابلة مع الشاعرة ليلى سلطان ونشرت على نطاق واسع، حول مجموعتها الشعرية "مستعمرة العقاب" (Straffkolonien)، ونُشرت في 10 مارس 2025.
حاولت الشاعرة في هذه المجموعة أن تصف معاناة وتجارب طالبي اللجوء وفي أماكن الاحتجاز وعكس معاناتهم الجسدية والنفسية، من خلال صور بسيطة وقوية، تصف الهروب، الاستجوابات، الاحتجاز وحتى الشعور باليأس، تُبرز الشعور بالحكم المسبق، ومحاولة التكيف مع متطلبات الاجراءات البيروقراطية المملة، والانتظار القاسي، عكست أيضًا المعاناة غير الشخصية الذي تترك وشما في الروح وتنقش العقوبة على جسد المحكوم عليه، مشابهة لقصة كافكا في "مستعمرة العقاب".
تحدثت ليلى عن تجربتها في متحف كافكا في براغ، حيث شاهدت صندوقا مظلما يعرض حلم كافكا الذي ألهمه كتابة قصة "في مستعمرة العقاب"، حيث ترى أن "مستعمرة العقاب" تمثل مكانا ماديا، مثل مراكز الاحتجاز، وحالة عاطفية حيث يحاصر الأفراد بين حقيقتهم الخاصة وتلك المقبولة من قبل السلطات.
تدور قصائد المجموعة الشعرية في مواضيع نفسية مختلفة: كالرغبة، الحب، الذكريات، الذعر، الملل والتمرد، كما تتناول أماكن مادية ملموسة: مكان العمل، غرفة النوم، البحر، مراكز الاحتجاز والطائرة، وتسعى لاستكشاف كيفية تأثير هذه الظروف على حرية العقل والروح، متسائلة، هل يمكن سجن القناعات داخل الجسد، أو تجريد الإنسانية من الشخص بتعريضه لأشياء غير إنسانية.
على الرغم من قسوة الموضوعات، تحمل المجموعة حبا عميقا للغة والشعر، تؤكد ليلى على أهمية وجود الحب في ما كتبته، مشيرة إلى أن الحب غالبا ما يكون أول ما يُفقد في قصص الكوارث الإنسانية والجرائم، أرادت ليلى الكتابة بحب لضمان عدم تجاهل إنسانية الشخصيات.
تؤمن ليلى بأن الشعر يمكن أن يغير قلوبنا ونظراتنا، مشيرة إلى أن الشعر يمنحنا فرصة لرؤية العالم من منظور الآخرين، مما يوسع فهمنا ويعمق تعاطفنا.
أخيرا، ترى ليلى أن الشعر يمكن أن يكون أداة قوية للتغيير، حيث يمكنه تغيير قلوبنا ونظراتنا مما يساهم في فهم أعمق للآخرين وتجاربهم.
من الجدير بالذكر فأن الكاتب الجيكي فرانز كافكا قرأ قصته في مستعمرة العقاب عام 1916 بصوت عال أمام عدد من المستمعين في ميونخ وفي 1969 قام الكاتب المسرحي ستيفن بيركوف بعمل مسرحية قائمة على هذه القصة وفيها لعب بنفسه دور الضابط، وفي عام 2000 ألّف الملحن الأمريكي فيليب قلاس أوبرا قائمة على القصة وتحمل نفس العنوان، في يوليو 2011 قامت الفرقة المسرحية الفلسطينية «شبر حر» بالتعاون مع مسارح يانغ فيك بأداء مسرحية في لندن، وفي 2012 قامت فرقة مسرحية مصرية مستقلة بأداء مسرحية باللغة العربية قائمة على نفس القصة من إخراج حسان الجريتلي.
وها هي ليلى سلطان تتعامل مع هذا العمل الادبي الضخم شعريا من خلال مجموعتها "مستعمرة العقاب".
المصادر:
Kultur
داگنس نهيتر - ثقافة
26 Mars 2025
Svenska Dagbladet
دار النشر Norstedts