ظاهرة الطلاق تهدد استقرار الأسر العراقية
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 16-04-2025
 
   
تبارك عبد المجيد -طريق الشعب

شهد العراق ارتفاعا كبيرا في حالات الطلاق، حيث سجل مجلس القضاء الأعلى، في شهر شباط الماضي، نحو 6 آلاف حالة طلاق. وتزامن هذا الارتفاع مع الجدل حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي قلص بعض حقوق المرأة في الزواج والطلاق والحضانة.

ويجد ناشطون أن هذه التعديلات أسهمت في تفاقم الأزمة الاجتماعية، بدلاً من معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية.

قضم حقوق المرأة قانونا

وقالت سارة جاسم، الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان، أن هذه الظاهرة المتصاعدة تأتي في وقتٍ لا يزال فيه الجدل محتدمًا حول تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، والذي يُعد من أكثر التشريعات تقدمًا في المنطقة في ما يتعلق بحماية حقوق المرأة والأسرة.

وخلال حديثها لـ "طريق الشعب"، أشارت سارة الى أن أي تعديل يمسّ جوهر هذا القانون قد يشكّل ضربة قاسية للضمانات القانونية التي تتمتع بها النساء حاليًا، خصوصًا إذا ما فُتح الباب لتشريعات دينية غير موحدة، أو أُدخلت مواد تُقلّص من حقوق المرأة في الزواج، والطلاق، والحضانة، والنفقة.

وتابعت، ان "أي خطوة في هذا الاتجاه تعني بالضرورة زيادة الهشاشة القانونية للمرأة، ما يضعها في موقف ضعيف أمام السلطة الذكورية، ويهدد بانهيار بنيان الأسرة العراقية"، منبهة إلى أن هذه التعديلات لا تعالج أزمة الطلاق، بل تسرّع من وتيرتها، خصوصًا إذا تم خفض سن الزواج أو السماح بعقود الزواج خارج المحاكم دون ضوابط.

وعبّرت جاسم عن قلقها من أن تؤدي هذه التغييرات إلى تفاقم حالات التفكك الأسري، وتهديد المساواة، إذا ما فسح المجال لتطبيقات غير متكافئة تميّز بين المواطنين على أسس دينية أو طائفية.

وزادت بالقول: إن "الطفل سيكون الضحية الأولى لأي تعديل لا يراعي مصلحته، وقد نواجه أجيالًا تنشأ في بيئات غير مستقرة وغير آمنة". ورأت سارة أن تراجع حقوق المرأة في القانون الأسري يمثل انتكاسة للمكتسبات التي حققتها النساء على مدار عقود، وهذا الأمر يشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة في المجتمع العراقي.

الزواج المبكر

وقال حقي كريم هادي، رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة، أن "ارتفاع حالات الطلاق في العراق يعود إلى عدة عوامل، أبرزها الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسر، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي".

وأضاف هادي لـ"طريق الشعب"، أن "أسباب الطلاق في المجتمع العراقي متعددة، وأهمها الظروف الاقتصادية التي تعيشها الأسر، خاصة في المناطق العشوائية والفقر المدقع. نلاحظ أن معظم حالات الطلاق تحدث في هذه المناطق، حيث يعاني الزوجان من ضغوطات مالية تؤدي إلى تفكك الأسرة".

وأشار إلى أن تدخل الأهل في الحياة الزوجية يعد من الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات الطلاق، قائلاً: ان "كثيرا من المشاكل تنشأ بسبب تدخل الأهل في شؤون الزوجين، سواء من جانب أهل الزوجة أو الزوج. هذا التدخل يفاقم الخلافات ويؤدي إلى انفصال الزوجين".

مواقع التواصل الاجتماعي كانت هي الأخرى أحد العوامل التي ذكرها هادي، قائلاً: ان "التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في زيادة الخلافات بين الزوجين، حيث تؤدي إلى توتر العلاقة بسبب الشائعات أو المقارنات بين الحياة الزوجية الخاصة".

ولفت الى أن هناك ظاهرة الزواج المبكر المنتشرة في بعض المناطق، تساهم بدورها في تزايد حالات الطلاق: "في المناطق الجنوبية، خاصة في المناطق الريفية والعشائرية، نجد أن الزواج المبكر وزيادة الضغط العائلي يقودان إلى انفصال الأزواج في وقت لاحق".

وأشار إلى أن القانون يعد أحد العوامل التي ساهمت في تزايد حالات الطلاق، حيث قال: ان “العراق لم يشرع قانوناً فعّالاً للحد من هذه الظاهرة، رغم وجود قانون الأحوال الشخصية الذي كنا نتحدث عن حاجته إلى تطوير وتنفيذ جاد، الا ان البرلمان الحالي عدله بشكل أسوأ".

وأوضح، أن الجهل بين الزوجين وعدم تمكنهما من التعليم له تأثير مباشر على تفاقم المشكلة، قائلاً: ان "الجهل الثقافي والتربوي يؤثر بشكل كبير على عدم استقرار العلاقة الزوجية ويزيد من معدلات الطلاق".

وختاماً، أكد هادي أن الدولة لم تقدم أي دور ملموس للحد من هذه الظاهرة، قائلاً: "للأسف، لم نرَ أية جهود من الحكومة للتوعية أو لتقليل حالات الطلاق في المجتمع العراقي. المطلوب هو تدخل فاعل من الدولة لإيجاد حلول عملية لهذه المشكلة الاجتماعية".

تداعيات الهاتف المحمول

وتذكر إلهام قدوري، مديرة منظمة معنية بحقوق النساء، أن "تزايد حالات الطلاق في العراق يعود إلى أسباب متعددة، يأتي في مقدمتها تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، خاصة في أوساط الشباب".

وقالت قدوري في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "أقوى سبب لحالات الطلاق هو الحالة المادية، اما "السبب الثاني هو الجهل والتخلف، إلى جانب سوء استخدام الهاتف المحمول، الذي بات سبباً مشتركاً في الكثير من الخلافات الزوجية سواء من قبل الزوج أو الزوجة".

وفي حديثها عن القيم الاجتماعية، أبدت قدوري أسفها لانهيار المبادئ والأخلاق التي كانت تحكم العلاقات الأسرية في السابق، قائلة: ان الطلاق يُطرح، اليوم، كخيار أول لأتفه الأسباب، دون وجود محاولات جدية لحل المشاكل.

وأشارت إلى أن بعض القرارات القانونية، مثل ضم الأطفال تلقائياً إلى الأب بعد الطلاق، ساهمت أيضاً في ارتفاع معدلات الانفصال، مضيفة ان "هذا القرار زاد من النزاعات، ويجب إعادة النظر فيه، من أجل مصلحة الطفل والأسرة".

وشددت قدوري على ضرورة نشر التوعية والتثقيف وغرس القيم الأخلاقية بين الشباب، خاصة المقبلين على الزواج، قائلة: "علينا أن نعيد بناء القيم التي تهدمت بعد الاحتلال، وأن نوجّه الشباب لاستخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي، فالموبايل أصبح الشيطان الذي يسكن كل بيت، وسوء استخدامه يؤدي إلى الكثير من الكوارث الأسرية".

وختمت بالقول ان "الطلاق ليس عيباً في بعض الحالات التي تستجوب ذلك، لكنه لا يجب أن يكون الخيار الأول. انما من الضروري أن نعلم أبناءنا معنى الصبر، والتسامح، والحلول الوسط، لا أن نربّي جيلاً يرى الطلاق أمر ا اعتياديا يحصل في أبسط خلاف".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced