الأرامل عبر التاريخ: عزلة وقيود
نشر بواسطة: mod1
الخميس 24-04-2025
 
   
ضفة ثالثة

رصدت الكاتبة الهولندية مينيكة شيبر في كتابها "الأرامل" تاريخًا طويلًا من التهميش والممارسات القاسية التي واجهتها النساء اللاتي فقدن أزواجهن حول العالم، مستعرضة ذلك خلال ندوة ضمن فعاليات ملتقى القاهرة الأدبي في دورته السابعة بقبة الغوري.

الندوة التي حملت عنوان "كيف تنظر كتب التاريخ الثقافي إلى أدوار النساء... كتاب الأرامل نموذجًا" وأدارتها الباحثة سمية عبد الوهاب، سلطت الضوء على وضع المرأة الأرملة في مختلف الحضارات والثقافات، في وقت يبلغ فيه عدد الأرامل حول العالم نحو 258 مليون امرأة، واحدة من بين كل عشر منهن تعيش في فقر مدقع.

أوضحت شيبر، أول من قدّم أطروحة علمية عن الأدب الأفريقي في هولندا، أن فكرة كتابها نشأت أثناء عملها على كتابها السابق "إياك والزواج من كبيرة القدمين" الذي صدر عام 2004 وترجم إلى العديد من اللغات بما فيها العربية، حين لاحظت كمية الأمثال الشعبية المتعلقة بالأرامل.

ووجدت شيبر أن غالبية الأمثال الشعبية مكتوبة بمنظور ذكوري، ففي كتالونيا يقولون "الزوجة الميتة أفضل متاع في المنزل"، وفي أوروبا "موت المرأة تجديد للعرس"، وفي الشيشان "موت زوجتك تجديد لفراشك". هذه النظرة، بحسب الكاتبة، تضع المرأة في نفس خانة ممتلكات الرجل كالجواد أو السلاح، يمكن استبدالها عند تعطلها.

"من الممارسات الصادمة التي رصدتها شيبر في كتابها، العادات التي كانت سائدة في بعض المجتمعات حيث كانت الزوجة تُجبر على اللحاق بزوجها بعد موته، إما بالإغراق أو الإحراق أو الطعن أو الخنق"

تتبعت شيبر الجذور التاريخية للعديد من الممارسات المرتبطة بالأرامل، مثل وضع اليد على الرأس وقت الحزن، وهي حركة تعود إلى عهد الفراعنة كما ظهر في بردية آني من كتاب الموتى، حيث تظهر الزوجة في حالة حداد واضعة يدها فوق رأسها، وهي نفس الإشارة التي استخدمتها إيزيس خلال حدادها على أوزوريس.

تناولت الكاتبة الهولندية بالتفصيل طقوس الحداد التي فرضت على الأرامل في ثقافات متنوعة، منها عزل المرأة داخل المنزل لسنة أو أكثر، وإلزامها بالبكاء والصراخ بصوت مرتفع كدليل على حبها للزوج المتوفى. هذه العادات، وفقًا لشيبر، ليست مقصورة على ثقافة معينة بل تنتشر في بقاع مختلفة من العالم.

ولم تغفل شيبر الحديث عن الأزياء التي فرضت على الأرامل، خاصة اللون الأسود كرمز للحشمة والحزن، مشيرة إلى الزي الذي ارتدته جاكلين كيندي، أرملة الرئيس الأميركي الراحل، في صورة أصبحت أيقونة للأرملة الحزينة في الثقافة المعاصرة.

من الممارسات الصادمة التي رصدتها شيبر في كتابها "الأرامل"، العادات التي كانت سائدة في بعض المجتمعات، حيث كانت الزوجة تُجبر على اللحاق بزوجها بعد موته، إما بالإغراق أو الإحراق أو الطعن أو الخنق. وأشارت إلى أن الهند لم تلغ رسميًا ثقافة حرق الزوجة مع دفن زوجها إلا عام 1829، مضيفة أن بعض النساء كن يفضلن إنهاء حياتهن هربًا من القيود والحواجز التي يفرضها المجتمع على الأرملة.

وتطرقت شيبر أيضًا إلى ظاهرة الزواج من القاصرات، وكيف أن هؤلاء الزوجات الصغيرات يفقدن حياتهن عمليًا عند وفاة أزواجهن، ففي الهند على سبيل المثال، كان يتم تجميع الأرامل الصغيرات في ملاجئ يقضين فيها بقية حياتهن، كما كانت الأرامل الهنديات يلتزمن بارتداء اللون الأبيض ويُحرم عليهن المشاركة في المهرجانات والاحتفالات، وهو وضع بدأ يتغير مؤخرًا بفضل تمرّد النساء على هذه القيود.

وفي المقابل، ألقت شيبر الضوء على أن المجتمعات العربية والإسلامية تتعامل مع الأرامل بشكل مختلف نسبيًا، حيث تسمح الشريعة الإسلامية للمرأة بمواصلة حياتها والزواج مجددًا بعد انقضاء فترة العدة، على عكس بعض المجتمعات التي تحرم على الأرملة الزواج مرة أخرى.

جدير بالذكر أن كتاب "الأرامل" لمينيكة شيبر يعد من أهم الدراسات المعاصرة التي تناولت وضع المرأة الأرملة من منظور تاريخي واجتماعي وثقافي شامل، ويسلط الضوء على معاناة قطاع كبير من النساء حول العالم لا يزلن يواجهن التهميش والوصم المجتمعي حتى يومنا هذا بالرغم من التطور والتقدم الذي شهدته قضايا المرأة في العصر الحديث.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced