رصد "معهد صحافة الحرب والسلام" الامريكي في تقرير تحت عنوان "فترة حساسة في العراق"، تراجعا في حريات الصحافة والاعلام بالعراق، مؤكدا ان الصحفيين العراقيين يتم التعامل معهم على غرار الاساليب التي تتبعها الانظمة الاستبدادية.
وذكر التقرير، أنه "عندما اندلعت تظاهرات كبيرة في تشرين، وتدفق الشباب الى الساحات العامة مطالبين بالتغيير، وهي احتجاجات كان لها تأثير حقيقي على المستويات السياسية والاجتماعية، ولم تتم تغطية هذه الاحتجاجات في العراق بعدما تجاهل الاعلام الرسمي هؤلاء الناشطين الشباب، الذين بدأوا محاولة انشاء منصاتهم الخاصة للتواصل، عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص"، مؤكدا انه "كان هناك غياب واضح لاي شكل من وسائل الاعلام المحلية او المساحات المعلوماتية التي تتيح لهم امكانية الوصول اليها ويشعرون بان بمقدورهم التعبير والتواصل من خلالها".
ونقل التقرير عن العراقية عايدة القيسي (30 سنة) التي ساهمت في تأسيس "مؤسسة جمار"، وتقيم في بريطانيا منذ اكثر من 30 سنة، قولها انها "حصلت على درجة الدكتوراه في الاعلام العراقي، ودرست البيئة الاعلامية المعقدة والمقيدة في كثير من الاحيان"، مضيفة انه "قبل العام 2003، كان الاعلام بمثابة اداة دعائية للدولة"، مشيرة الى انه "في اطار تجربة التحول الديمقراطي في العراق، جرى تمرير قوانين لتعزيز التعددية في الاعلام، الا انه برغم وجود هيئة بث عامة وهيئة تنظيمية طبقا للدستور، فان ذلك لم يعكس حاجات النظام العراقي وشعبه".
وتابعت القيسي، ان "العراق لديه حاليا العديد من المنصات الاعلامية: عبر الانترنت، والتلفزيون، والصحف، والاذاعة، الا انه لا توجد اي رقابة على ملكية وسائل الاعلام، او على تلقيها تمويلا من جهات عامة، او على نوعية المحتوى"، مشيرة الى ان المشهد الاعلامي اصبح حاليا تحت سيطرة السياسيين، والاحزاب، والاوليغارشيين، او رجال اعمال لديهم طموحات سياسية او علاقات وثيقة مع الطبقة السياسية، مضيفة ان بعض وسائل الاعلام مرتبطة بأطراف فاعلة في المنطقة او خارجها لها مصالحها الخاصة في السلطة".
واشار التقرير الى انه "في سنوات ما بعد احتجاجات تشرين، تدهور الوضع حيث شعرت السلطة بالتهديد من الاصوات المطالبة بالتغيير، ولهذا بدأت في قمع المجتمع المدني والاعلام، مستخدمة وسائل بيروقراطية مثل جعل تسجيل المنصات الاعلامية مكلفا ومعقدا، على غرار الاساليب التي تتبعها الانظمة الاستبدادية"، مبينا ان "حملة من التضييق الاخلاقي جرت حيث جرى اطلاق منصة الكترونية تشجع العراقيين على ابلاغ الحكومة عن اي شخص يكتب شيئا على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن اعتباره غير اخلاقي، مشيرا الى ان "هذا قاد الى وضع جرى خلاله حظر استخدام كلمات مثل "جندر" و"تمكين المرأة".
ونقل التقرير عن القيسي قولها انها "قامت مع زملائها بتسجيل مؤسسة "جمّار" في المانيا في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، على امل ان يقوموا بتسجيل المنصة في العراق نفسه في وقت لاحق، لكن ذلك لم يحدث"، مستدركة بالقول: "نحن نعمل كمنظمة اعلامية مسجلة في المانيا، الا ان الفريق يعمل في كل العراق والمنطقة، ونحن منصة عراقية بحتة، ونتبع نهجا عراقيا في كل ما نقوم به، وتصميم شعار "جمّار" مستوحى من عمارة بغداد القديمة، بينما اسم "جمّار، يعني قلب النخلة باللهجة العراقية".
واوضح التقرير، انها "فترة حساسة بالنسبة للعراق الذي تراجع في سلم اولويات العديد من الجهات الدولية، حيث جرى تصنيفه الان كدولة ذات دخل متوسط من قبل البنك الدولي، مما يعني ان العديد من المؤسسات لم تعد تعتبر العراق اولوية للمساعدات او التنمية".
ولفت الى انه "لا تزال هناك تحديات هائلة تواجه الاعلام المستقل في العراق، وهناك بحاجة ملحة الى دعم مباشر، وتمويل اساسي، وتوجيه للمبدعين الشباب من كتاب، وفنانين، وموسيقيين، ومصممين، كي يتمكنوا من التعبير عن رغبتهم في التغيير والعمل".
ونقل عن القيسي قولها "نحن بحاحة الى الاستماع الى الاصوات العراقية وايجاد طريقة لاعادة العراق الى السردية العالمية، والى الحوار، والى جانب من هذه النقاشات الدولية".