دواء بلا وصفات وصيدليات من دون ضوابط.. أطباء يشرحون قصة اختفاء الأدوية ثم ظهورها ونقابة الصيادلة توضح
نشر بواسطة: mod1
الإثنين 05-05-2025
 
   
تبارك عبد المجيد -طريق الشعب

يعاني المواطن العراقي بشكل يومي من صعوبات كبيرة في الحصول على الأدوية الأساسية والعلاج المناسب. هذا الواقع يضاف إليه تدهور الخدمات الصحية في معظم المستشفيات والمراكز الطبية، ما يضع المواطنين أمام خيارات صعبة. فإضافة إلى نقص الأدوية، يعاني القطاع الصحي من قلة التجهيزات الطبية الحديثة والكوادر المدربة، الأمر الذي يزيد من معاناة المرضى.

الدواء تحول إلى سلعة استهلاكية

في حديثه حول واقع الدواء في العراق، قال عضو نقابة الاطباء د. سعد بداي: أن الدواء متوفر في الأسواق المحلية بأنواع مختلفة ومن مناشئ متعددة، إلا أنه يجري التعامل معه كأنه من السلع الاستهلاكية أو المواد الغذائية؛ فالدواء، كما يوضح، مادة كيميائية يُفترض أن تُوصف من قبل طبيب مختص وتُصرف من قبل صيدلي معتمد، وهو أمر طبيعي ومنطقي من الناحية العلمية، نظراً لما تحمله هذه المواد من تأثير مباشر على صحة الإنسان.

غير أن الواقع في العراق يختلف عن هذا السياق العلمي؛ إذ يشير  بداي في حديث لـ "طريق الشعب"، إلى أن البلاد تُعد من أكثر دول العالم تساهلاً في مسألة صرف الأدوية من دون وصفات طبية، حيث بإمكان أي مواطن شراء مختلف أنواع الأدوية من الصيدليات، حتى تلك التي تُصنف على أنها بحاجة إلى وصفة رسمية في دول أخرى.

لكن التحدي الحقيقي، كما يؤكد، لا يكمن في توفر الدواء من حيث الوصول إليه، بل في كلفته. فالكثير من الأدوية، خصوصاً تلك الموصوفة لعلاج الأمراض المزمنة، تُباع بأسعار مرتفعة قد لا تكون في متناول الجميع. وبرغم ذلك، لا يغيب الأمل، فغالباً ما تتوفر بدائل أرخص ثمناً تؤدي نفس الغرض العلاجي أو تقدم فاعلية مقاربة.

الصيدلي اخذ دور الطبيب

يقول الطبيب الاختصاص، نواف العيساوي إننا: "نشهد حالة من الفوضى في الأسواق، حيث تختنق الصيدليات والمجمعات الطبية بمختلف أنواع الأدوية، بينما يشكو الكثير من المواطنين من عدم توفرها في المستشفيات. كما يقاسون ارتفاع أسعارها بشكل يفوق مقدرتهم المالية".

ويقول العيساوي لـ"طريق الشعب"، أن "هذا الواقع يتطلب تدخلاً فاعلاً من الجهات الحكومية لتحديد سيطرة واضحة على الأماكن التي يتم فيها بيع الأدوية، وتنظيم عمل المجمعات الطبية لضمان توفير الأدوية الأصلية والمضمونة للمرضى".

ويبرز بشكل خاص نقص الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض المزمنة، مثل أدوية أمراض القلب والصرع، بالإضافة إلى أدوية علاج الالتهاب الرئوي عند الأطفال وأدوية السرطان.

أدوية تختفي وتظهر مجددا!

وينوه الطبيب إلى مشكلة اختفاء دواء "الفنستيل" المضاد للإنفلونزا والرشح والحساسية للأطفال، إذ اختفى من الصيدليات لعدة أشهر قبل أن يظهر مؤخرا، موضحا أن سحب الأدوية من السوق يُعتبر أمرا روتينيا، يحدث عادة بسبب المضاعفات الجانبية أو سوء الاستخدام.

وواصل الحديث، أن أدوية القلب والمفاصل تعتبر من الأدوية الأكثر تعرضا للسحب.

وما يعقّد الأمور أكثر هو تساؤلات المرضى حول سبب اختفاء الأدوية ومدى فعالية البدائل المتوفرة. وهنا يعلق العيساوي بان "هذا النقص يضعنا في موقف محرج، حيث نواجه صعوبة في تقديم إجابات واضحة للمراجعين الذين يعتمدون على هذه الأدوية في حياتهم اليومية".

ويشدد على ضرورة أن "تكون هناك رقابة شديدة على الأسواق ومنع بيع الأدوية من دون وصفات طبية، لتفادي الأضرار الصحية الناتجة عن استخدامها بشكل غير صحيح"، كما يدعو الحكومة إلى الالتزام بتوفير الأدوية الأساسية في المستشفيات الحكومية بسعر معقول، والعمل على تحسين آليات توزيع الأدوية عبر شبكة مهنية منظمة تضمن وصول الأدوية للمواطنين في أسرع وقت ممكن.

ويكشف عن وجود مكاتب علمية تتعمد حجب الأدوية عن الصيدليات لفترات طويلة، ليتم طرحها مجددا بأسعار مرتفعة، ما يزيد من معاناة المواطنين، لافتا إلى أن بعض شركات الأدوية الكبرى تخفض إنتاج الأدوية الرخيصة، وتوجه إنتاجها نحو الأدوية باهظة الثمن لتحقيق أرباح أكبر. كما ان بعض الصيدليات الخاصة تعتمد في توفير هذه العلاجات على الاستيراد عبر مذاخر الأدوية، التي تلجأ بدورها إلى إدخالها بطرق غير رسمية "عمليات التهريب"، في ظل غياب العقود الحكومية مع الشركات المنتجة لهذه الأدوية.

ويجد العيساوي ان هناك "حاجة إلى استراتيجية واضحة للإصلاح الصحي، تعتمد على تحسين الموارد البشرية، وتوفير المعدات الطبية الحديثة، وتنظيم أسواق الأدوية بشكل فعال"، مضيفا أن "المواطن العراقي لا يمكن أن يتحمل هذا العبء الإضافي، وبالتالي نأمل أن تكون هناك خطوات جدية لمعالجة هذه الأزمات على كافة الأصعدة".

النقابة تبرر حالة اختفاء الأدوية

وفي حديثه لـ "طريق الشعب"، أوضح أسامة هادي حميد، المتحدث باسم نقابة الصيادلة العراقيين، أن اختفاء بعض الأدوية من السوق يعود إلى عدة أسباب، من بينها توقف الشركات المصنعة عن إنتاجها، أو عدم توافق أسعارها مع القدرة الشرائية للمستهلك العراقي. وأضاف أن بعض الأدوية قد تُسحب من الأسواق بعد اكتشاف آثار جانبية غير مرغوب فيها بعد استخدامها، ما يستدعي سحبها لحماية الصحة العامة.

وأشار حميد إلى أن نقابة الصيادلة تلعب دورا أساسيا في تحقيق الأمن الدوائي في البلاد، حيث تقوم من خلال فرقها التفتيشية بمراقبة التزام الصيدليات بالقوانين والأنظمة المعمول بها. كما تلتزم النقابة بالتأكد من عدم تداول أدوية غير مسجلة أو مهربة، ما يساهم في تعزيز سلامة الدواء وضمان وصول الأدوية الآمنة والفعالة للمواطنين.

وفي عام 2023، أطلقت وزارة الصحة تطبيق "كوديا"، وهو أول نظام رقمي لتتبع الأدوية وإصدار اللواصق الطبية إلكترونيًا. الهدف من هذا التطبيق هو تحقيق الأمن الدوائي وتعقب مسار الأدوية من دخولها إلى العراق حتى وصولها للمستهلك. كما يسعى النظام إلى مكافحة الغش والتهريب وتعزيز الرقابة الدوائية.

قوى متنفذة تتحكم بالقطاع الصحي

المحلل السياسي، علي البيدر، يقول إن "الواقع الصحي في البلاد لا يختلف كثيراً عن بقية القطاعات الخدمية، إذ يواجه احتكاراً وهيمنة من أطراف تمتلك نفوذاً واسعاً، ما ينعكس سلباً على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين".

وأضاف في حديث لـ "طريق الشعب"، أن "هناك جهات تستحوذ على إمكانيات الدولة وتوظفها لتحقيق أهداف خاصة، وأحياناً تعرقل تنفيذ مشاريع صحية مهمة، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين إلى التوجه نحو القطاع الخاص، أو الخشية من التعرض لأي عارض صحي في ظل هذا الواقع المتردي". وتابع البيدر أن: "رغم وجود محاولات حكومية جادة لتطوير المستشفيات وتحسين الخدمات، إلا أن الإجراءات المتبعة لا تزال دون المستوى المطلوب. فالمؤسسة الصحية بحاجة إلى إصلاح ذاتي يعالج أزماتها الهيكلية بعمق، وهو ما لم يتحقق حتى الآن".

وأشار إلى أن "هناك مستشفيات جيدة بالفعل، لكن المحسوبية والتدخلات السياسية في تعيين إداراتها أدت إلى تراجع الأداء، رغم أن الدولة تنفق مليارات الدولارات على هذا القطاع الحيوي".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced