بينما يستعد العراق لإجراء الانتخابات التشريعية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، تواجه النساء الراغبات بالعمل السياسي والدخول إلى مجلس النواب، حملات تسقيط وتشويه سمعة بنسب متفاوتة، مجرد ما تُعلن ترشيحها، في ظاهرة تكرر مع كل انتخابات، بحسب مراقبين.
ويعزو المراقبون هذا التعصب الذكوري إلى أن أغلب المجتمع لا يتقبل وجود النساء داخل أروقة البرلمان، أو نيلها مناصب عليا، إذ يعتبرون أن هذه استحقاقات ذكورية بحتة، ووجود النساء كمنافس للرجال أمر غير مقبول.
ما يتطلب وفق المراقبين، وضع حلول جذرية وتغيير السلوك المجتمعي بتشريع قوانين تعاقب كل من يحاول الإساءة للنساء بشكل أو بآخر، لتمكينهن بالوصول إلى البرلمان وتشريع قوانين تدعم حقوقهن وتمنع محاولات سلبها بقوانين مثيرة للجدل.
حق الترشح
ويحق للنساء المشاركة في الانتخابات وفق شروط مشتركة مع الرجال، أبرزها، أن تكون عراقية كاملة الأهلية أتمت الثلاثين من عمرها في السنة التي تجري فيها الانتخابات، وحاصلة على شهادة البكالوريوس أو ما يعادلها عند الترشيح، بحسب المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات العراقية، جمانة الغلاي.
ومن الشروط الأخرى، أضافت الغلاي، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، أن تكون المرشحة حسنة السيرة والسمعة والسلوك، وغير مشمولة بعفو سابق عن جرائم الفساد المالي والإداري والجنح المخلة بالشرف، أو بأحكام إجراءات المساءلة والعدالة أو أي قانون يحل محله.
وأشار المتحدثة باسم المفوضية، إلى ضرورة ألّا تكون المرشحة محكومة بسبب إثراء غير مشروع على حساب الوطن أو المال العام بحكم قضائي بات، وألّا تكون من أفراد القوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية أو قاضية عند ترشيحها.
توزيع كوتا نساء
وينقسم البرلمان إلى 329 مقعداً توزع على المحافظات بناءً على عدد سكانها، "وبحسب قانون الانتخابات، فإن كوتا النساء ثابتة في البرلمان 25٪ في كل انتخابات، وبذلك يكون عدد النساء في البرلمان 83"، وفق ما تحدث به عضو الفريق الاعلامي لمفوضية الانتخابات، حسن هادي زاير، لوكالة شفق نيوز.
وبحسب عضو مجلس مفوضية الانتخابات الأسبق، سعد الراوي، فقد توزعت كوتا المرأة على المحافظات بحسب قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018 المعدل النافذ، على النحو الآتي: عدد المقاعد في بغداد 69 مقعداً منها 17 مقعداً كوتا نساء، وفي نينوى 31 مقعداً منها 8 مقاعد كوتا نساء، وفي البصرة 25 مقعداً منها 6 مقاعد كوتا نساء.
وزاد الراوي، خلال حديثه للوكالة، بالقول: "أما في ذي قار 19 مقعداً منها 5 مقاعد كوتا نساء، وبابل 17 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، والسليمانية 18 مقعداً منها 5 مقاعد كوتا نساء، والأنبار 15 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، وفي أربيل 15 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، وديالى 14 مقعداً منها 4 مقاعد كوتا نساء، وكركوك 12 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء".
وتابع: "في صلاح الدين 12 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، والنجف 12 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، وفي واسط 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، والديوانية 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، وميسان 10 مقاعد منها 3 مقاعد كوتا نساء، ودهوك 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، وكربلاء 11 مقعداً منها 3 مقاعد كوتا نساء، والمثنى 7 مقاعد منها مقعدين كوتا نساء.
أما عن عدم شمول محافظة حلبجة، فقد تطابق حديث حسن هادي زاير مع جمانة الغلاي، بأن حلبجة ستكون جزءاً من محافظة السليمانية بالانتخابات المقبلة، لأن المفوضية تعمل على القانون النافذ رقم 12 لسنة 2018 المعدل، أما شمولها منفردة فهذا يحتاج إلى تعديل بالقانون، وهذا التعديل غير موجود لحد الآن.
ومما يلاحظ أن محافظة حلبجة ليست المتغير الوحيد الذي لم يعالجه قانون الانتخابات النافذ، حيث أشار سعد الراوي إلى عدم اعتماد نتائج الإحصاء السكاني الأخير، نظراً لعدم تعديل القانون أيضاً.
حملات تشويه
ورغم وجود كوتا للنساء، لكن هناك عراقيل كثيرة في طريق المرأة للوصول إلى مجلس النواب، حيث ذكرت رئيس منظمة "أيسن" لحقوق الانسان في العراق، انسام سلمان، أن "المرأة بمجرد الترشيح للدخول في الانتخابات تتعرض لتسقيط وتشويه سمعة بنسب متفاوتة، وخاصة اللواتي يفتقدن للدعم العشائري أو لحزب قوي".
وأرجعت سلمان، ذلك خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، إلى أن "المجتمع العراقي ذكوري لا يتقبل بصورة عامة وجود النساء داخل أروقة البرلمان أو نيلها مناصب عليا، إذ يعتبر أن هذه استحقاقات ذكورية بحتة، ووجود النساء كمنافس للرجال أمر غير مقبول".
ورغم أن "دخول النساء إلى معترك السياسة ومشاركتهن السياسية الفاعلة يمثل جزءاً كبيراً من التقدم الذي يحرزه البلد في مجال دعم النساء سياسياً، وصنع قيادات نسوية سياسية تدافع عن حقوق النساء وتمنع التشريعات التي تسلب حقوقهن"، بحسب سلمان.
ما تقدم، يتطلب، وفق سلمان وضع حلول جذرية وتغيير السلوك المجتمعي عبر "تشريع قوانين تعاقب كل من يحاول الإساءة للنساء بشكل أو بآخر"، كما يراد إبراز دور المرأة في الجانب السياسي والهدف من المشاركة فيه، وعرض الإنجازات السابقة التي حققنها والعمل على تحقيق إنجازات لاحقة.
اختلال بالقوانين
بدورها، رأت الباحثة في الشأن السياسي، نوال الموسوي، أن "هناك اختلالاً بالقوانين والتشريعات المهمة والمطلوبة لحماية حقوق المرأة والطفل والأقليات وتمثيل واسع لجميع الشرائح، بسبب عدم التكافؤ في التمثيل من خلال الصبغة التي تهيمن على البرلمان".
واعتبرت الموسوي خلال حديثها للوكالة، أن "الدورة الانتخابية الحالية (الخامسة) كانت مخفقة وبشكل واضح نتيجة سيطرة صبغة سياسية معينة على صياغة القوانين ما انعكس على جميع التشريعات وفي مقدمتها الخاصة بالمرأة منها تشريع تعديل قانون الأحوال الشخصية".
وخلصت الموسوي، إلى القول: "في حال بقاء الأمور بالوتيرة التي تسير عليها حالياً، فمن المتوقع أن تكون الدورة المقبلة مشابهة للحالية أو ربما أسوء، وفق المعطيات التي تشير إلى عزوف الكثير من القوى المدنية وربما حتى المواطنين عن الانتخابات لعدم الجدوى من المشاركة فيها".