دعايات انتخابية مبكرة تحايلاً على القانون.. مؤسسات الدولة أمام تحدي المال السياسي واستغلال الموارد العامة
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 06-06-2025
 
   
طريق الشعب

في الوقت الذي تتهيأ فيه البلاد للانتخابات البرلمانية، نهاية العام الجاري، بدأت القوى السياسية المتنفذة مبكرًا حملاتها الدعائية لضمان هذا الصوت او ذاك، مستغلةً المال العام والمناصب التنفيذية، في مشهد يثير التساؤلات عن فاعلية القوانين والجهات الرقابية، وقدرتها على التصدي لذلك.

وبرغم تهديدات ووعود هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لا تزال شوارع العاصمة والمحافظات تشهد طوفاناً من الصور واللافتات التي تروّج أسماء مرشحين، بينما الدعاية الانتخابية لم تبدأ رسميا، في ظل شكاوى عن غموض بعض القوانين وتهاونٍ في التطبيق، وصمتٍ يُفسَّر أحيانًا على أنه تواطؤ.

هيئة النزاهة تتوعّد

رئيس هيئة النزاهة الاتحادية، محمد علي اللامي، شدد خلال لقائه مع رئيس وأعضاء مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على أن الهيئة لن تتهاون في التصدي لمحاولات استغلال المال العام في الدعاية الانتخابية، مؤكدًا أن المشمولين بالعفو العام ممن صدرت بحقهم قرارات قضائية لا يحق لهم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة.

اللامي أعلن عن تشكيل فرق ميدانية في بغداد والمحافظات، بالتعاون مع المفوضية، للتحقق من سلامة الإجراءات وضمان عدم استغلال الموارد العامة، محذّرًا من استغلال المناصب التنفيذية لأغراض انتخابية. كما دعا المفوضية إلى إلزام رؤساء ومؤسسي الأحزاب بتقديم إقرارات الذمة المالية، موضحًا أن الهيئة ستتابع مصادر تمويل الأحزاب وأوجه صرفها، وفقًا لما تخوّله الصلاحيات القانونية النافذة.

المفوضية تستعد والشارع يغلي

وفي السياق، أعلنت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي، تفاصيل التعاقد مع موظفي الاقتراع ليوم واحد، مع إطلاق الرابط الخاص بطلبات التوظيف بدءًا من الثلاثاء 3 حزيران وحتى 9 تموز المقبل.

الغلاي أوضحت أن شروط التقديم تتضمن أن يكون المتقدم من سكان المنطقة الجغرافية التابعة للمركز الانتخابي، وألا يكون من أقارب المرشحين أو وكلاء الأحزاب، وأن يمتلك بطاقة بايومترية محدثة.

وأضافت أن المفوضية شكّلت لجنة من قسم الإجراءات والتدريب لتأهيل الموظفين الذين سيتم اختيارهم بالقرعة على آليات الاقتراع، بينما ستجري عملية المحاكاة الانتخابية، منتصف تموز المقبل بإشراف لجنة مختصة من دائرة العمليات وتكنولوجيا المعلومات.

بانتظار قوائم المرشحين

من جانبه، أشار رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، عماد جميل، إلى استمرار الأعمال التحضيرية للانتخابات المقبلة، كاشفًا عن إقبال ملحوظ على مراكز التسجيل وتزايد نشاط الفرق الجوالة، وبلوغ عدد محدثي بياناتهم حتى الآن نحو مليون وسبعمئة وخمسين ألف ناخب.

كما لفت إلى أن المفوضية استكملت تسجيل التحالفات السياسية وتستعد الآن لاستقبال قوائم المرشحين حتى 24 حزيران الجاري، مشيرًا إلى استمرار صيانة الأجهزة الانتخابية وبرمجياتها، وتنظيم دورات تدريبية للكوادر الفنية، فضلًا عن خطة أمنية لحماية مكاتب المفوضية والمراكز الانتخابية.

التطبيق موضع شك

الخبير القانوني واثق الزبيدي، أكد أن المفوضية تمتلك صلاحيات قانونية واضحة لمعاقبة المخالفين، بدءًا من الإنذارات وفرض الغرامات، وصولًا إلى منع المرشح المخالف من خوض الانتخابات، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات طُبّقت سابقًا، لكن الخروقات تتكرر.

وأضاف الزبيدي في حديث لـ"طريق الشعب"، أن بغداد وعددًا من المحافظات تشهد حاليًا انتشارًا واسعًا للافتات انتخابية مخالفة، برغم أن فترة الدعاية لم تُفتح بعد، موضحًا أن أمانة بغداد تملك صلاحية إزالة هذه اللافتات دون الرجوع إلى المفوضية.

وانتقد الزبيدي ما وصفه بـ"تواطؤ بعض الجهات المعنية" مع مرشحين نافذين، ما سمح لهم بتجاوز القوانين، مشيرا أن بعض المرشحين يحاولون التحايل على القانون من خلال الترويج غير المباشر لأنفسهم، رغم أن القانون يشمل كل دعاية، مباشرة أو غير مباشرة.

دعاية مبكرة وغياب الردع

من جانبها، قالت الخبيرة في الشأن الانتخابي فيان الشيخ علي، إن الدعاية الانتخابية المبكرة بدأت منذ مطلع العام الحالي، بل حتى قبله، تحت عناوين تنموية أو خدمية، وهو ما يصعّب على المفوضية فرض العقوبات بسبب غموض الصياغات القانونية.

وأشارت الشيخ علي إلى أن هذه الأساليب تهدف فعليًا إلى "حجز أماكن دعائية" قبل بدء المرحلة الرسمية، بحيث تُستبدل اللافتات الحالية بأخرى رسمية لاحقًا، مؤكدة أن النصوص القانونية المتعلقة باستغلال المال العام لا تُفعل بجدية، وتخضع غالبًا للتأويل.

واكدت في حديث لـ"طريق الشعب"، أن الجهات المتنفذة تستغل ضعف الرصد القانوني وتراخي الجهات الرقابية، داعية إلى مراجعة شاملة للأنظمة الانتخابية، وتفعيل مواد القانون الخاصة بمعاقبة المخالفين بشكل واضح وحازم.

شراء الأصوات إهانة للناخب

المحلل السياسي داوود سلمان ذهب إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في "الإسراف الكبير في المال السياسي"، الذي يبعث برسائل سلبية إلى الناخب، تعكس هدرًا مفرطًا لأموال الدولة.

واعتبر سلمان في حديث لـ"طريق الشعب"، أن المواطن يتعرّض لإهانة متكررة عبر توزيع المواد الغذائية والبطاقات المدفوعة، وهي أساليب تهين كرامته ووعيه، مشددًا على أن الأزمة لا تكمن في غياب القوانين، بل في غياب جهة رقابية قوية ومستقلة تفرضها بفعالية.

وأضاف أن "المفوضية، رغم نزاهتها، تظل جزءًا من منظومة سياسية يهيمن عليها السياسيون أنفسهم، مما يضعف قدرتها على مواجهة التجاوزات"، داعيًا إلى "مراجعة شاملة للآليات القانونية لمنع استغلال المال السياسي".

وأكد أن "الفساد مستمر ما دامت الأحزاب النافذة تسيطر على مفاصل الدولة، فيما المواطن لا يزال نائمًا في "غيبوبة انتخابية"، بعيدًا عن ممارسة دوره في المحاسبة والتغيير".

وتكشف الوقائع اليومية أن المال السياسي واستغلال موارد الدولة يشكّلان تحديين حقيقيين أمام نزاهة الانتخابات المقبلة. ومع غياب الحزم في تطبيق القوانين، وتواطؤ بعض الجهات مع المرشحين النافذين، تبدو الطريق إلى انتخابات نزيهة ومتكافئة محفوفة بالتحديات، ما لم تتحرّك مؤسسات الدولة بجدية لفرض القانون وحماية إرادة الناخب من المال والنفوذ.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced