اتحاد الطلبة العام: نرفض إخفاء أزمات التعليم وراء {مشاريع استعراضية}!
نشر بواسطة: mod1
السبت 07-06-2025
 
   
محمد التميمي -طريق الشعب

رغم ما تعانيه الجامعات العراقية من نقص حاد في البنى التحتية وتراجع مستمر في جودة التعليم والبحث العلمي، أعلنت وزارة التعليم العالي عن قرب توقيع اتفاق مع الجانب الصيني لإنشاء أول “مفاعل نووي تدريبي تحت الحرج” في العراق، ضمن ما وصف بأنه مشروع لتأهيل الكوادر ورفع كفاءة التعليم التقني.

وأثار الإعلان جدلاً واسعاً، إذ وصفه مختصون بأنه “خطوة رمزية أكثر من كونها تحوّلاً استراتيجياً”، متسائلين عن اولوليات الوزارة وسط كم التحديات والمشاكل التي تعاني منها العملية التعليمية. وحذروا من تهويل الإنجاز إعلامياً وسط بيئة إدارية وتشريعية غير مؤهلة لاستيعاب مشاريع من هذا النوع.

وأعلن وزير التعليم العالي نعيم العبودي، عن قرب التوقيع على اتفاق مرتقب مع مؤسسة الطاقة الذرية الصينية بشأن وضع حجر الأساس لأول مفاعل تدريبي من نوع المنظومة تحت الحرجة في العراق، مشيرا الى أنه مشروع تعليمي يهدف إلى تطوير مهارات الطلبة والباحثين في مجالات الفيزياء النووية والتقنيات الإشعاعية السلمية.

ضجيج إعلامي

في هذا الصدد، وجه سكرتير اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق أيوب عبد الحسين سؤالا الى وزير التعليم العالي: ما هي الأولويات الحقيقية للتعليم والبحث العلمي في العراق؟"، مبديا استغرابه من "الحديث عن مفاعلات نووية في بيئة جامعية تعاني من نقص المختبرات الأساسية، وتخلف المناهج التعليمية، وضعف في الاستثمار لدى الكوادر البحثية؟".

وقال عبد الحسين في حديث لـ "طريق الشعب"، إن "البنية التحتية التعليمية لا تزال هشة، وتعاني من اختلالات مزمنة سواء في التمويل، أو في غياب استراتيجية وطنية واضحة للنهوض بالبحث العلمي".

وأضاف ان "الحديث عن مشروع مفاعل نووي تدريبي في العراق، في ظل الواقع الحالي للمؤسسات التعليمية، يفتقر إلى الواقعية، ولا يعكس أولويات حقيقية تخدم الطالب أو تنهض بالتعليم. لا يمكننا أن نخدع أنفسنا بإطلاق مشاريع ذات طابع تقني متقدم، في وقت لا تزال فيه جامعاتنا تفتقر إلى الكهرباء المستقرة، والقاعة الدراسية المجهزة، والمختبر القادر على خدمة أبسط التجارب العلمية".

وواصل القول: ان "الطلبة في العراق لا يحتاجون إلى منشآت معزولة عن واقعهم، بل إلى منظومة تعليمية تنصفهم، ومختبرات حقيقية، وخطط تشغيل بعد التخرج"، مشيراً الى ان "الغالبية العظمى من خريجي كليات الهندسة والعلوم يعانون من البطالة، ولا يجدون فرصة عمل لا داخل البلد ولا خارجه، فكيف يمكن الحديث عن كوادر نووية مستقبلية بينما نخسر مئات العقول الشابة سنوياً بسبب الهجرة أو الإحباط أو التهميش".

محاولة التغطية على الازمات الحقيقية

واشار الى ان "مشروع من هذا النوع – حتى لو كان رمزياً – لا يمكن فصله عن واقع الجامعات التي تفتقر لأبسط مقومات التعليم الحديث، وتعاني من تهميش دائم في رسم السياسات العامة. كما ان الحديث عن تقنيات نووية، يجب أن يكون جزءاً من رؤية شاملة تعالج أولًا تدهور البيئة التعليمية، وتسعى لبناء مؤسسات علمية مستقرة، وتضع الإنسان العراقي – الطالب والباحث – في قلب العملية التعليمية".

واكد ان اتحاد الطلبة العام يدعم "التطوير العلمي، لكننا نرفض أن يتحول هذا التطوير إلى واجهة إعلامية تُستخدم للتغطية على أزمات حقيقية يعيشها القطاع التعليمي. كما نرفض أن يُختصر حلم البحث العلمي في مشروع لم يخضع لنقاش أكاديمي واسع، ولم تسبقه إصلاحات تمكّن الجامعات من النهوض بمهامها الأساسية".

ونبه الى ان هناك "حاجة إلى مراجعة جدية لأولوياتنا؛ فبدلاً من القفز إلى مشاريع استعراضية إعلامية، ينبغي أن نبدأ من الأساس: توفير بيئة تعليمية حقيقية، دعم الكليات العلمية التي أصبحت حاضنات للبطالة، وتأهيل جيل من الباحثين بوسائل علمية حقيقية وليس بمشاريع معزولة عن الواقع".

وخلص الى القول: إن "هذا المشروع، مهما بدا لامعاً على الورق، لن يغير شيئاً ما لم يسبقه إصلاح جذري للبنية التعليمية، وتوفير مناخ علمي آمن وشفاف ومستدام. لا يمكن أن نبني مفاعلاً في بلد لم يعد قادراً على تأمين كهرباء لمدرج جامعي أو راتب لمدرس باحث. أما ما عدا ذلك، فهو ضجيج بلا أساس".

خطوة رمزية

من جهته قال الخبير في مجال الطاقة دريد عبدالله، ان اعلان "وزير التعليم العالي عن قرب توقيع اتفاق مع مؤسسة الطاقة الذرية الصينية لإنشاء أول “مفاعل تدريبي من نوع المنظومة تحت الحرجة” في العراق، يُعتبر خطوة رمزية أكثر من كونه تحولاً استراتيجياً في البنية العلمية النووية للبلاد".

واوضح في حديث لـ "طريق الشعب"، انه "من الناحية التقنية، نتحدث عن مفاعل صغير محدود القدرة لا يندرج ضمن المفاعلات الحرجة التقليدية التي تنتج الطاقة أو حتى المفاعلات البحثية مثل مفاعلات تموز 1 و2، والتي يمكن توظيفها في تطبيقات واسعة. فالمفاعل المقترح هو منظومة تعليمية تعتمد على مصدر نيوتروني خارجي، تُستخدم أساسًا لأغراض التدريب والبحث العلمي في بيئة آمنة بطبيعتها".

ونوه عبدالله الى ان "هذه المبادرة ورغم رمزيتها، فهي ليست فريدة على المستوى الإقليمي، حيث تمتلك دول مثل إيران أربعة مفاعلات بحثية من هذا النوع، بعضها يعمل منذ عقود، وتُستخدم في إنتاج النظائر المشعة وإجراء البحوث النووية الدقيقة".

واشار الى أن "تونس والأردن لديهما منظومات مشابهة تُستخدم لأغراض تدريبية وتعليمية. لذلك، لا يُعد المشروع العراقي سابقة علمية أو تكنولوجية، بل محاولة للالتحاق بما تمتلكه دول الجوار منذ سنوات".

ولفت الى ان الأمر الأهم، هو أن "المشروع ما يزال في مرحلة المباحثات، ولم يتم توقيع اتفاق نهائي أو الحصول على موافقات رسمية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو الجهات العالمية المختصة".

وزاد بالقول انه "من المعروف أن المشاريع النووية، حتى ذات الطابع السلمي، تمر بمراحل تقييم دقيقة تشمل دراسات الأمان، البنية التحتية، تدريب الكوادر، ضمانات الاستخدام السلمي، ومنظومة تشريعية ورقابية صارمة".

ونوه الى ان "هذا ما يفتقده العراق حالياً بسبب هشاشة البيئة الإدارية والقانونية وغياب استراتيجية نووية وطنية واضحة.

واشر المتحدث تفصيلة مهمة بقوله: "تتجنب الدول النووية الكبرى عادةً تنفيذ مشاريع نووية فعلية في دول توصف بالهشاشة الأمنية أو السياسية، خشية تسرب المعرفة أو ضعف السيطرة المحلية على المواد النووية".

ويعتقد ان "فرص تنفيذ المشروع تبقى مرهونة بتحولات جذرية في إدارة الملف النووي العراقي وبناء الثقة الدولية.

واختتم حديثه بالقول: "لا ينبغي تضخيم هذا المشروع إعلامياً، فهو خطوة أولى نحو إعادة تأهيل الكوادر العلمية العراقية في مجال مهم، لكنه لا يمثل دخولًا حقيقياً إلى النادي النووي البحثي، ولا تحولاً علمياً نوعياً طالما بقيت البنية المؤسسية والرقابية على حالها"، فيما رهن "النجاح الحقيقي ببناء بيئة علمية آمنة ومستقرة، ذات تمويل مستدام، قبل التفكير في منشآت أكثر تقدمًا ومسارات تكنولوجية معقدة".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced