واقع الصحافة العراقية... تحديات مهنية وعدم إنصاف للصحفيات (1)
نشر بواسطة: mod1
الأحد 15-06-2025
 
   
رجاء حميد رشيد - JINHA

أكدت صحفيات عراقيات أن مطالبهن لا تهدف إلى تحقيق امتيازات خاصة، بل إلى ضمان العدالة والإنصاف في بيئة العمل الصحفي، مما يعزز دور الإعلام في نقل الحقيقة بحرية واستقلالية

بغداد ـ تمثل حرية الصحافة واحدة من القضايا الأساسية التي تعكس مدى التزام الدول بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة الإعلاميين على نقل الحقيقة وممارسة دورهم الرقابي دون قيود أو تهديدات.

يصادف الـ 15 حزيران/يونيو، الذكرى الـ 156 لتأسيس الصحافة العراقية، وبالرغم من هذه السنوات لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، حيث يحتل المرتبة الـ 169 عالمياً في حرية الصحافة، و126 في مؤشر الحريات العامة، وفقاً لتقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" لهذا العام، حيث يعكس هذا الوضع مناخاً معقداً يحدّ من حرية الصحفيين في أداء مهامهم ويؤثر سلباً على استقلالية الإعلام.

وترى الصحفية نغم مكي من محافظة البصرة، أن التصنيف المتدني للعراق يعكس وجود قيود كبيرة تُلقي بظلالها على حرية التعبير، إذ تُعد الصحافة صوت المجتمع وأداته الأساسية للتعبير عن قضاياه، غير أن هذه القيود تتجلى في شكل ضغوط وتهديدات تواجه الصحفيين، مما يؤثر سلباً على توفر المحتوى الإعلامي ويحول دون ممارسة العمل المهني بالشكل الأمثل.

وأشارت إلى أن المشهد الإعلامي في العراق يواجه عقبات أبرزها التهديدات المستمرة، وضعف التشريعات، والتدخل السياسي في العمل الصحفي، ورغم أن الحصول على المعلومات حق مكفول قانونياً، إلا أن الوصول إليها لا يزال معقداً، بل قد يشكل خطراً على الصحفيين عند الكشف عن معلومات تتعارض مع مصالح جهات نافذة، مؤكدةً على ضرورة إجراء إصلاحات قانونية جوهرية، تضمن حماية الصحفيين وتعزز استقلال الإعلام.

وفيما يتعلق بحماية الصحفيين من التهديدات والانتهاكات، شددت على أهمية وجود قوانين واضحة، وآليات رقابية مستقلة وفعالة، مع تعزيز دور المؤسسات النقابية ومنظمات المجتمع المدني، داعيةً إلى تعزيز التضامن المهني بين الصحفيين لمواجهة الضغوط والتحديات التي تعيق أداءهم، بالإضافة إلى تعزيز دور المجتمع المدني في الدفاع عن حرية الصحافة عبر كشف الانتهاكات، وتوفير الدعم القانوني والمعنوي للصحفيين.

الصحافة النسوية والتحديات المضاعفة

ولفتت نغم مكي إلى أن المرأة تواجه تحديات إضافية في المجال الصحفي، أبرزها التحرش، فضلاً عن عدم تكافؤ الفرص في الأجور، والتهميش في المناصب القيادية مثل رئاسة التحرير، مشيرةً إلى وجود نوع من التمييز الجغرافي، حيث تلاحظ من خلال تجربتها أن الصحفيات في المحافظات الشمالية والوسطى يحظين بفرص أفضل مقارنة بزميلاتهن في المحافظات الجنوبية، ولا سيما البصرة، مما يؤدي إلى توزيع غير عادل للفرص بعيداً عن معايير الكفاءة.

تحديات ميدانية

من جانبها أكدت الصحفية هبة جبار الماجد من محافظة كربلاء، أن مؤشر حرية الصحافة في العراق يعكس تحديات جوهرية عاشها الصحفيون على مدار العشرين عاماً الماضية، مشيرةً إلى أن القيود المفروضة لم تقتصر على الإجراءات القانونية، بل امتدت إلى الترهيب والتهجير والاغتيالات، ما جعل ممارسة الصحافة محفوفة بالمخاطر "بصفتي صحفية ميدانية أتفق تماماً مع أرقام نسب حرية الصحافة، فما لمسناه خلال الـ 20 عاماً من تحجيم لدور الصحفيين، وترهيبهم تارة بالدعاوى القانونية، وبالتهجير والاغتيالات تارة أخرى، حتى تحولت مهنة المتاعب إلى مهنة الذهاب إلى السجن أو الموت".

ولفتت إلى أن تلك التهديدات تأتي من جهات متعددة، سواء الجماعات الخارجة عن القانون، أو السلطات التي تتغافل عن الحقوق الدستورية المكفولة للصحفيين، وحتى من المجتمع نفسه، مما يجعل الصحفيين في مواجهة مستمرة مع واقع أشبه بحقل ألغام "إن الحرية مجرد شعارات موجودة هنا وهناك، فالصحفي يعاني كثيراً على أرض الواقع وعند إتمام تحقيق صحفي ما، يقوم في بعض الأحيان بحجب العديد من المعلومات، خشية أن يتعرض للمسائلة ويكون مصيره السجن، أو يتعرض للاغتيال، ويتم تقييد الجريمة ضد مجهول، كما حصل مع بعض الزملاء في جميع المحافظات".

ومن وجهة نظرها، فإن هذه الأوضاع تعزز الحاجة إلى ضمانات حقيقية تحمي الصحفيين، وتؤمّن لهم بيئة عمل تتيح ممارسة مهنتهم بحرية وأمان، مشيرةً إلى أن الغالبية العظمى من المؤسسات الإعلامية تخضع لتوجهات سياسية أو أيديولوجية، إما عبر ارتباطها بأحزاب سياسية، أو شخصيات نافذة، أو جماعات ذات أجندات محددة.

تحديات قانونية وقيود تشريعية

وأكدت هبة جبار الماجد على أن هذا الواقع يفرض قيوداً على حرية الصحفي، إذ يجد نفسه مجبراً على العمل ضمن سياسات تحريرية لا تعكس بالضرورة رؤيته المهنية أو معايير الحياد الصحفي، مما يحدّ من استقلاليته ويحول دون تعبيره بحرية عن آرائه المهنية داخل مؤسسته الإعلامية.

وترى أن القوانين الحالية، مثل قانون "حق الوصول إلى المعلومات"، لا يزال يشكل عقبة أمام الصحفيين، إذ تمنح السلطات حق اتخاذ قرارات تقديرية بشأن الكشف عن المعلومات، مؤكدةً على ضرورة إشراك الصحفيين في مناقشة هذه القوانين لضمان تعديل بنودها بما يخدم حرية الصحافة.

حماية الصحفيين بين التشريع والتطبيق

وفيما يتعلق بقانون حماية الصحفيين رقم (21) لعام 2011، الذي كان من المفترض أن يعزز حقوق الصحفيين ويوفر لهم الحماية، تقول هبة جبار الماجد إنه ظل إلى حد كبير مجرد نص دون تطبيق فعلي على أرض الواقع، وأن العديد من الصحفيين ما زالوا يواجهون السجن بسبب آرائهم، أو الفصل التعسفي من وظائفهم لمجرد مخالفتهم لسياسات المؤسسات الإعلامية التي يعملون فيها، مشيرةً إلى أن الذين يتم إنهاء خدماتهم لا يحصلون دائماً على حقوقهم القانونية المنصوص عليها أو التعليمات التي تعتمدها نقابة الصحفيين العراقيين، فيما تتجه بعض المؤسسات إلى تهميش الصحفيين المؤثرين وإبعادهم عن ممارسة مهامهم، بسبب رفضهم للإملاءات المفروضة عليهم من قبل إدارات تلك المؤسسات.

وترى أن هذه التحديات تستدعي تفعيل القوانين بشكل أكثر صرامة لضمان بيئة إعلامية تحترم حرية التعبير وتوفر الحماية الحقيقية للصحفيين والصحفيات بشكل خاص "تواجه الصحفيات تحديات معقدة ومتعددة، أبرزها التمييز في الأجور، مما يعكس فجوة واضحة في بيئة العمل".

وأوضحت أن هذا التمييز لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يمتد إلى توزيع المهام الصحفية، إذ تُكلّف النساء في كثير من الأحيان بأعمال مكتبية، بينما يتم استبعادهن من التغطيات الميدانية، وهو ما يحدّ من فرصهن في إثبات مهاراتهن المهنية، ويجعل الحاجة ملحّة لإحداث تغييرات تعزز المساواة والعدالة في بيئة العمل الإعلامي.

تمكين الصحفيات

كما لفتت هبة جبار الماجد إلى أن طموح الصحفيات في الوصول إلى مناصب قيادية أو إدارية داخل المؤسسات الإعلامية غالباً ما يُواجَه بالتهميش، بل قد تُفرض عليهن مهام تقل عن إمكانياتهن واستحقاقاتهن في حال طالبن بفرص عادلة أو مناصب تتناسب مع كفاءاتهن.

وأوضحت أن منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً محورياً في دعم الصحفيين والدفاع عن حرية الصحافة، لكنها لا تزال تعاني من ضعف التأثير بسبب عدم الإصغاء الكافي لمقترحاتها، مشددةً على أهمية تعزيز دورها في هذا المجال.

تأثير النزاعات السياسية على حرية الصحافة

وحول ملف حماية الصحفيين، أشارت هبة جبار الماجد إلى سماح الحكومة للصحفيين بحمل السلاح وتسهيل الحصول على تراخيص بذلك، اعتقاداً منها بأن هذا الإجراء يساهم في حمايتهم، بل إنه يؤدي إلى زيادة عسكرة المجتمع، ولا يمثل نهجاً لحمايتهم في دولة ديمقراطية تحمي الصحافة وحرية التعبير بموجب دستورها.

وترى أن حماية الصحفيين في العراق لا يمكن تحقيقها من خلال إجراءات شكلية، بل عبر تطبيق قانون حماية الصحفيين بجدية، إضافة إلى إقرار قانون "حق الحصول على المعلومات" بطريقة تضمن عدم تعرض الصحفيين للملاحقة أو التضييق أثناء ممارسة عملهم، مشددةً على أهمية الفهم الموضوعي للمادة (38) من الدستور العراقي، والتي تنص بوضوح على التزام الدولة بكفالة حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وضمان حرية الصحافة والإعلام والنشر، داعية إلى عدم التعامل مع النصوص الدستورية والقانونية بطريقة انتقائية أو وفق الأهواء الشخصية.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced