نظم بيت المدى للثقافة والفنون، صباح الجمعة، جلسة استذكار للفنان والممثل المسرحي الكبير منذر حلمي، أحد أبرز رواد المسرح العراقي، وذلك في مقر المؤسسة بشارع المتنبي وسط بغداد، وشارك في الجلسة عدد من النقاد والمخرجين والفنانين الذين تحدثوا عن تجربة حلمي الغنية والممتدة، التي انطلقت في خمسينيات القرن الماضي، وامتدت إلى المنافي، حيث واصل العطاء حتى رحيله عام 2011، دون أن يحظى بما يليق بمكانته من اهتمام أو توثيق، حسب النقاد الذين تحدثوا خلال الفعالية.
د.سعد عزيز – مدير الجلسة وباحث وناقد مسرحي لشبكة 964:
الراحل منذر حلمي ممثل مسرحي من الطراز الأول، لديه روح السخرية والكوميديا، وقدرة ذكية جداً على إعادة إنتاج فن الممثل بطريقة أو بأخرى، كان مختلفاً على مستوى العمل التمثيلي، وقدّم كثيرا من الأعمال من الستينيات مرورا بالسبعينيات إلى أن هاجر نهاية عام 1978.
كثير من الأعمال له مثل المود والقضية، والغريب، ودائرة الفحم البغدادية، ومسرحية السؤال، وروح اليانورا، وكثير من المسرحيات التي قدمها لحساب فرقة المسرح اليوم، ولحساب الفرقة القومية للتمثيل، ولحساب فرقة المسرح الشعبي في العراق. وهو يشكل “بيضة القبان” في العمل المسرحي.
هو بغدادي من الكرخ، ولد في منطقة الرحمانية عام 1936، نشأ في منطقة الكرخ في بغداد، ولم يعرف عنه أنه تخرج من معهد أو كلية فنون، إنما ظل هاوياً، وعمل في الكسب الحر، ثم عمل موظفا في سكك الحديد في بغداد، وانتمى لاحقا إلى فرقة المسرح الشعبي وفرقة المسرح اليوم، وهو واحد من مؤسسي فرقة المسرح اليوم في العراق.
تقوم مؤسسة المدى باستذكار هؤلاء المهمشين والمقصيين من فنانينا الذين لم ينالوا حقهم في الرعاية، وفي طباعة الكتب، وفي رصد تجربتهم، والكتابة عنها من قبل الباحثين المسرحيين وغيرهم. يعني، حسناً فعلت هذه المؤسسة الجليلة في أن استذكرتهم.
قصة منذر عبارة عن رحلة في خارج العراق: في بلغاريا، واليمن، وسوريا، وبيروت، وألمانيا، وأخيراً منفاه في ألمانيا. ولم يعد، للأسف، إلى العراق، ولم ير العراق حتى بعد تغير الظروف عام 2003.
د.حكمت داوود – مخرج سينمائي عراقي، لشبكة 964:
هو واحد من الممثلين المهمين الذين أعطوا دوراً كبيراً للممثل على المسرح.
هو الممثل المثقف، الممثل الواعي، الممثل الملتزم، الممثل الذي يسعى لكي يجسد الشخصيات الشعبية، كما يجسد الشخصيات التاريخية على المسرح بأمانة كبيرة.
وبذلك، هو نموذج للالتزام، نموذج للمهنية، نموذج للرقي، في تعامل الممثل مع النص.
أنا عشت معه تجارب عديدة، منها في نقابة الفنانين في لجنة المسرح، وعملنا أعمالاً مسرحية، والتقينا خارج العراق، آخرها كان في دمشق. وآخر عرض مسرحي شاهدته له في السويد كان “السيد والعبد” من إخراج عوني كرومي.
كان يميز أسلوبه الجدية والرصانة وعمق المسؤولية، والأمانة التاريخية في التعامل مع الدور، ومن ثم التعامل مع النص، كان منذر حلمي ملتزماً وذو أخلاق عالية.
وكان مبدعاً في كيفية تعامله مع النص ومع وحدات العرض الموجودة الأخرى. كان يعطي النموذج، الراهب المتعبد في طقسه المسرحي وطقسه الأخلاقي. نموذج حلمي هو نموذج للإنسان الخلوق، المؤدب، المهذب، والكبير في عطائه الفني.