المحترفات العربية: هل يتفوّق عدد الفنانات الإناث على الذكور؟
نشر بواسطة: mod1
السبت 28-06-2025
 
   
ضفة ثالثة

ليس غريبًا في مجتمع ذكوري مثل مجتمعاتنا، وما ترسّب فيها من موروث (منذ أن وأد عمر بن الخطاب ابنته قبل الإسلام)، أن نعثر على شراكة متعسّفة بين دور المرأة ودور الرجل، والمساواة المزعومة بينهما. لا نجدها على مستوى الوظائف، ولا السلطة، ولا الأمن، ولا الطب، ولا التعليم... إلخ. أقول: ليس غريبًا أن أبحث عن هذه العلاقة غير المتوازنة في الميدان المؤسّساتي أو الخاص (بخصوص سيطرة الفنانين الذكور على الإناث)، وهو ما نجده في تاريخ الفن، حتى في باريس، لا يتجاوز عدد رائداتها أصابع اليد. أعرف خمسًا فقط بارزات منهن: موريزورت، تلميذة إدوار مانيه، ثم كلوديل، تلميذة رودان، والنحّاتة نيكي، تلميذة تانغلي، وسونيا، زوجة روبير دولونوي، ودي سيلفا، إحدى أعمدة التجريد الغنائي.

لا شكّ في أن القارئ سيشعر بالدهشة والحيرة ذاتها التي انتابتني حين كشفت نتائج الإحصاء الميداني العربي عن تفوّق عدد الفنّانات على عدد الفنانين، وهو ما أظهره لأوّل مرة كتاب هيلين الخال "المرأة الفنانة في لبنان"، وأغلب الظن أن تحرّر المرأة في لبنان لعب دورًا في هذه النسبة. لكن استمرار تحرياتي البحثية في بقية المحترفات العربية تبيّن فيه أن هذا التوازن، على الأقل، ظاهرة عامة. نشرت بعضًا من نتائج هذا البحث المثير عام 2001م بمناسبة افتتاح مكتبة الإسكندرية، وألقيت محاضرة ثانية بعد عام في النادي الشبابي للإبداع في الدوحة- قطر. وها أنذا اليوم أعرض على القارئ بانوراما شاملة عن المحترفات العربية (استُكملت في السنوات الأخيرة)، مؤكّدًا، على الأقل، التوازن بين النشاط الفنّي للجنسين، متمثّلًا بشخصية رئيسية منافسة في كل قطر، تجنّبًا لتراكم الأسماء بدون فائدة.

إذا ابتدأنا من "دول النهضة" (التنوير) التي توالدت محترفاتها المعاصرة منذ بداية القرن العشرين في مصر ولبنان، وإذا اقتصرنا كل مرة على مبدعة تشكيلية بارزة، وجدنا رباب النمر في الحالة الأولى.

ولو تأمّلنا اختيارات الناقدة فاطمة إسماعيل، نجد أنها متمثّلة في أربعة أسماء نسوية رسمْنَ خارطة التشكيل المبكر في المحترف المصري، وهن: تحية حليم، وآنجى أفلاطون، وجاذبية سري، ومريم عبد العليم. ويذكر المؤرّخ ناصر عراق أن الأميرة سميحة، بنت حاكم مصر، كانت أول مصرية تشارك بلوحاتها في المعارض الرسمية (منذ عام 1922م). تصل الفنانة نازلي مدكور أبعد من ذلك في مؤلفها: "المرأة المصرية والإبداع الفني" (عام 1989م)، محلّلة سبع عشرة فنانة رائدة. وهنا تبرز خصائص رباب النمر في "مدرسة الإسكندرية"، مقتصرة على الأسود والأبيض في إشاراتها البيكتوغرامية الهيروغليفية (مع تعدّدية مصادر الضوء). نعثر بين كائناتها المثيرة على القط والطير، بحيث يبدو "سيلويت" أشكالها وكأنها مقصوصات من عرائس خيال الظل، مذعنة إلى إملائها الحدسي الذي يوسمه الدكتور مصطفى الرزاز: "الألفة والافتراس في الرسم"، متفوّقة في إسكندرياتها الفنية على زوجها عبد المعطي وزميلها سعيد العدوي.

أما شلبية إبراهيم فهي مصرية وسورية الإقامة، بحكم زواجها من نذير نبعة. تنتمي إلى نفس الحاضنة الأسطورية لرباب النمر، ولكن ضمن ميلها لطهرانية الريف المزدوج. هي المتّصلة بحكايا وأفراح وأحزان قرية زوجها (المزة)، وهي القادمة من المنوفية: الملاك، والعذراء، والحصان، والطائر، والغابات البكر، مع خطرات خجولة مشرقيّة، متمثّلة في طهرانية الأجساد (الأمومة)، وخاصة العنق، ثم حشود الجانّ المؤنسنة المسالمة. تُمثّل إحدى لوحاتها كيف أدخلت القمر إلى غرفة الجلوس، وأخرجت الأثاث إلى سطح الدار. ما أبلغ زكريا تامر، الذي اكتشفها، إذ يصرّح في مقدّمة معرضها الأول في دمشق: "ترسم كما يُغنّي البلبل الذي يحيا في عالم يخلو من الأقفاص، والأصفاد، والصيادين".

تنتمي شلبية إبراهيم بالإجمال إلى التعبيرية السورية الأنثوية، التي تظاهرت ملامحها منذ تأسيس مدرسة الفنون النسوية عام 1921م في دمشق، مع تجارب الزمبركجي والعطار، وصولًا حتى ليلى نصير، ثم أسماء فيومي، وآمال مريود، وغيرهنّ خلال الأجيال الثلاثة الأخيرة. نشهد اليوم فنّانات شابّات سوريات متألّقات ما بين بيروت (صفاء الستّ في نحت ما بعد الحداثة) وباريس في الميدان نفسه (من أمثال رندة المداح، وريم يسوف)؛ أو في التجهيزات المفاهيمية بالغة الحداثة، مثل بيسان شريف، المختصّة بالسينوغرافيا.

***

إذا ما انتقلنا إلى الخصوبة الأنثوية الفنية في لبنان، وجدناها متمثّلة في أحد أبرز الكتب المختصّة بالفن النسائي، الذي حرّرته هيلين الخال، بعنوان "المرأة الفنانة في لبنان" باللغة الإنكليزية والذي ألّفته عام 1976م ولكنه لم يًنشر حتى عام 1987م في بيروت، عن: "Institute for Women’s Studies in the Arab World". هي فنّانة شاركت زوجها، الشاعر يوسف الخال، عام 1963م، بتأسيس أبرز صالة عرض "غاليري وان" (كنت أعرض فيها في السبعينيات)، ومدرسة جامعية ما بين بيروت والجامعة الأميركية.

يؤكّد توثيق كتابها أن "ثلثي عدد الفنانين اللبنانيين من الإناث"، وذلك ابتداءً من أوائل الأربعينيات، حتى أسّست النحّاتة سلوى روضة شقير الدعامة الأولى في النحت التجريدي الجزيئي، المتصل بالنحّات مارتن في باريس. ظهرت بعدها نحّاتات مجيدات، مثل معزّز روضة، ومصوّرات بمستوى إيفيت أشقر. توازى كتاب الناقد سيزار نمّور معها، من خلال تأسيسه "لصالة كونتاكت" مع زوجته. يذكر في كتابه: "اقتحمت المرأة اللبنانية بقوة حقل النحت منذ بواكير الستينيات، وبعد ثلاثين عامًا من عبورها حقل الرسم والتصوير". نشرت بدوري، لمرّات عديدة، ما يخصّ أنثوية الإبداع التشكيلي العربي، خاصة في عدد مجلة "مواقف"، الذي أشرفت عليه خالدة سعيد (قضايا المرأة العربية)، وعانق دراسة جليلة لفاطمة إسماعيل، عن الدور المركزي للثلاثي النسائي: عفّت ناجي، وتحية حليم، وآنجى أفلاطون في مصر، وتظاهرات الفنون الأنثوية الشعبية، مثل واصف واصف في قرية الحرانية. أما مشاركتي فكانت بعنوان: "المحترف السوري النسائي والاستلاب الإبداعي"، منوّهًا إلى أن عدد صالات العرض المؤسسة من السيّدات يتفوق في الكم والنوع على نظائرها الذكورية، ابتدأتها منى أسطواني عام 1964م بصالة الرواق، لتنتهي اليوم بصالة منى أتاسي، ورافيا قضماني، وصالة السيد، وشورى، وأمية الزعيم في حلب، وصبا العلي في اللاذقية، وغيرهن. مع ملاحظة أن الزواج من الوسط التشكيلي المختلط أكثر شيوعًا من أي عاصمة عربية أخرى.

إذا عدنا إلى لبنان وحربها الأهلية، وجدنا منعكساتها الفنية تتظاهر بين التجارب النسائية الشابّة، المبعثرة ما بين الداخل والشتات، من أمثال أمل سعادة، وديمة حجار، وأخيرًا فاديا حداد، التي تمثّل التجربة النموذجية المغتربة عن إحباطات ما بعد الحرب. فرغم أنها لم تعانِ مباشرة من أهوالها، بسبب وجودها في باريس، فإن طيورها تمثّل الرحم المقطوع عن مشيمة الوطن. تتكسّر أجنحة طيورها في تحليق عبثي، محقّقة نجاحاتها الباريسية ابتداءً من هذا التحرق.

سعاد العطار والحدائق المعلّقة في حواضر العراق

تُشارك هذه الفنانة الرائدة المعلّمين الكبار في بشاراتهم النهضوية: جواد سليم، فائق حسن، شاكر حسن آل سعيد، وغيرهم، ثم فنانة نظيرة أخرى تبرز كفنانة أنثى محاطة بالإهمال بسبب أصلها الغربي، هي زوجة إسماعيل فتاح، لا تقلّ تأثيرًا على المدرسة التعبيرية المحلية.

تتميّز سعاد بقوة شكيمتها التقنية ومحسّناتها البديعية السردية الموازية لصفحات مشرقيّة (ألف ليلة وليلة) ورسوم المخطوطات العباسية؛ تستثمر هذه الخصوبة والصبر الأدائي (هي صفة عامة في المحترف) باستغراقها في تخيّلات سردية شطحية فردوسية تجمع الأساطير الرافدية مع الإسلامية، من بابل إلى سامراء وبوابة عشتار ورفع الجنائن إلى أعلى البرج الحضري، وصولًا حتى الفراديس الصوفية العرفانية مع سجاجيدها الغنّاء، تحت سماء تزرعها طيور العنقاء، والرخّ، والفينيق، والأسود الآشورية المجنّحة، على صورة البراق والمعراج.

عُرفت سعاد بقوة موهبتها وتفوّق جمالها على أختها ليلى التي كانت تقلّدها في الحالتين، وناشطة سياسيًا حتى استلمت منصب وزيرة ثقافة (على ما أذكر)، الأكيد أنها استُشهدت في مكتبها بصاروخ خلال اجتياح بغداد من قِبَل الحلفاء.

لعلّ ما يدّعيه الذكور من صبوة المساواة الجنسية (منذ عهد قاسم أمين) لا يخلو حتى اليوم من التباسات استشراقية؛ يكتب مثلًا أحد جهابذة النقد اليساري عن معرض سعاد العطار، باطرائه لجمال عينيها الناعستين، فأقامت الفنانة الدنيا ولم تُقعدها، وكادت ترفع عليه دعوى قضائية (مجلة "كل العرب" كنتُ مديرها الفني، وشاهدٌ ومنحازٌ إلى حقّها الفني). الواقع أنّه لا يمكننا أن نتحسّس مدى الاستهانة والإهانة الإبداعية في هذه الحالة إلّا إذا تخيّلنا الحادث مع أحد الذكور (خاصةً بمستوى موهبتها).

***

قد يكون المحترف الأردني من أشدّ الحركات العربية الفنية أنثوية، ما بين فنانتين نافذتين: الأميرة الدكتورة وجدان علي، المسؤولة عن المتحف (والدراسات الفنية الإسلامية) من جهة، والسيّدة سُهى شُعَيب مديرة مؤسسة بحثية نُخبوية هي دارة الفنون. ورغم أهمية بعض التجارب النسوية من تلميذات الرائدة فخر النّسا زيد، فقد ظلّت تحتكر مركز الجذب الأسلوبي المتميّز، والمتصل بالصور المنتزعة من اللاشعور الجمعي والمتناسخة عن رسوم المنمنمات ذات البعدين. تملك لوحاتها ذلك الحنين النكوصي إلى الجماهير المحلية الملسوعة روحيًا بحرائق الشمس الجغرافية، وبما أنها كانت تمارس التجريد الغنائي مع التعبيرية، فقد تشوّشت وصيتها التربوية، وظلّ بحثها مقطوع الصلة رغم نجاحاتها المتميزة التي لا تُنكَر.

***

يبدو المحترف الفلسطيني عامرًا بالأمثلة الأنثوية، على رأسها العملاقة منى حاطوم، التي تُدرّس واسطة الفيديو (ما بعد الحداثية) في جامعة لندن. تعتمد في عروضها على الطقوس الإيمائية في هذه الواسطة لأوّل مرة، إضافة إلى طقوس التجهيزات المفاهيمية المتصلة بالتقدّم الصُّوَري، المعلوماتي، والسِّبْراني، والتوليف البرفورمانس (المشهدي)، مجسِّدة ذكرياتها الأليمة عن اغتصاب فلسطين. إذا تناولنا أعمال السيراميك لدى فيرا تماري، وجدناها بلغت درجة متقدمة من النضج التقني، متقاربة من المجسّمات الكنعانية أو كواليس مسرح الظل الشعبي. أمّا ليلى الشوا، فتبلغ غاية الإثارة في مشاهدها الشعبية الساخرة، كما تحتلّ رنا بشارة وعدًا محسوسًا من الحدّة التعبيرية التي وصلتنا من معلمها عاصم أبو شقرا. تملك تقرّحاتها المأزومة نفس القهر.

إذا تجاوزنا هذه الأمثلة، قنعنا باستثنائية آمال عبد النور، على هامشيّتها الباريسية. تُعتبر رائدة في "فنون الجسد" (لما بعد الحداثة). يعود إليها فضل استخدام الطابعة الآلية (كوبيربروف) التي تُصوّر شبحيّة تفاصيلها التشريحية، وصيرورة الأنا الفيزيائية، تحمل معنى التهافت الوجودي الزائل، المؤقت، والعابر، الملتصق بغربة الشتات الفلسطيني.

مُعلمات المغرب العربي

لعلّ أبرز فنانة في هذه الخريطة الثلاثية هي باية محي الدين؛ تعتبرها الجزائر رمزًا وطنيًّا (ربما يتفوّق على جميلة بوحيرد)، متبنّاة منذ طفولتها من عائلة فرنسية، اكتُشفت عندما كبرت موهبتها الاستثنائية، وأصبحت مشهورة، مما رشّحها بعد سنوات للتفرغ في محترف خاص في مرفأ فالوريز المتوسطي الخاص بالسيراميك، وصادف أنه ملاصق لمحترف بابلو بيكاسو، الذي اعترف بتأثره بأشكالها السحرية.

تحفل لوحاتها بكائنات فردوسية مثل الطاووس، والأسماك، والفراشات، والعنقاء، والزهور، والثمار العجائبية، تُصوّرها مع النسوة الجنيات والملائكة بخطوط صريحة تحصر ألوانًا متعاكسة، أشبه بفن "المُثبّت" أي الرسم على الزجاج من الخلف. أثبتت بتفرّدها الشطحي مكانتها في باريس، وأسرت الشاعر أندريه بروتون، مؤسس السريالية، لما تعكسه من الثقافة الجزائرية.

تخرج فاطمة حسن من تقاليد ازدهار الفن الشعبي المغربي؛ فإذا ما تجاوزنا موضوعات الأعراس والختان والمجمّعات النسائية، عثرنا على حساسيتها اللونية. وصل تأثيرها إلى أساليب نُخبوية مثل بصريات محمد المليحي، بموجاته ومحاريبه. تُمثّل هذه الفنانة جماهير من الفنانات الشعبيات من أمثالها، وما أكثرهن، كُرّست لهن مكتبة طباعية كاملة (من أمثال شعيبية طلال).

تجتاح هذه الظاهرة (وريثة فن المنمنمات العريق في المخطوطات العربية الإسلامية) المحترف النسائي التونسي، سواء في الداخل أم في باريس. من أبرز فنانات الطرف الثاني مريم بودر بالا، هي التي تتحرّى الكائنات المجهرية، فتبدو إشاراتها أقرب إلى مسوخ وحيدة الخلية. تدعوها مرّة بالأشباح، وأخرى بالملائكة.

تقنيتها شعبية ونخبوية مثقّفة في آن واحد، خاصةً وأنها تمارس مع اللوحة التصوير على الزجاج من الخلف (المُثبّت) بأصوله الشعبية.

مصورات الخليج

قد تكون البحرين من أوائل المحترفات الخليجية التي وصلتها اللوحة الأوروبية عن طريق فناني البعثات الإنكليزية الانطباعيين، الذين كانوا يُصوّرون الطبيعة. تشكّلت منذ أوائل الخمسينيات "جماعة المنامة" التي كان أعضاؤها يجتمعون كل يوم جمعة للخروج لتصوير الطبيعة، لا أعرف منهم أيّ أنثى، قد تكون بلقيس فخرو الأولى التي برزت على أرضية تنافس الجمعيتين التشكيليتين المحليتين. استقرّت لوحتها بالتدريج على هيئة المدينة الطوباوية المُنداحة في عباب اليمّ المتسلل بين الجزر (خاصة حول المحرق).

تتلمّس مدنها من خلال مدماكية لونية إيقاعية متناغمة بطريقة شبه تجريدية، بحيث تأخذ عمائرها لبوسًا أوركستراليًا.

توالدت مدنها من تصويرها للبوابات الموغلة في التاريخ. تقع بين التصوّر الفارابي والحنين إلى مدن طفولية تقع باطمئنان خلف جبل قاف، في بَرْزخ يشق أرخبيل دلمون وأصداء أناشيد البحارة (صيّادي اللؤلؤ).

ثم اشتهرت بعد سنوات لبنى الأمين في مُرصّعاتها الفردوسية على لحاء وجذوع الأشجار المحلية، تبدو أشدّ تجريبية وتحرّرًا أسلوبيًا من قريبتها بلقيس، وبالعكس فإن تجريدات بلقيس الفراغية رَسَت بالنتيجة على ضفاف التجريد الرصين.

***

تتزامن بدايات المملكة العربية السعودية مع جارتها البحرين. اتجهت البعثات في البلدين منذ منتصف القرن العشرين إلى بغداد ودمشق والقاهرة، أي إلى محترفات النهضة والتنوير الأسبق، منذ الأربعينيات. هو شأن ما تناسل من رهافة تشكيل العديد من السيدات المرموقات في جدّة، من أمثال صفية بن زقر.

كانت منيرة موصلي تنافس كلًّا من الرضوي وسليم وعبد الله الشيخ، في إنشاء "دارة" خاصة به أو بها.

اكتشفت من تردّدي على البلد فنانة شابة ذات موهبة تثير الانتباه، وهي شادية عالم، ابتدأت بتصوير ذاتها في مرآة مشرقيّة، ثم أمعنت في التعبير عن توحّد المرأة الشرقية في ذاتية انطوائية، ساعية للانعتاق من قمقم اغترابها الوجداني، المتفجّر صوفيًا بلا حدود.

تتجوّل مرايا لوحاتها في مدن وأقنعة وشخوص مؤنّثة، موشومة بالبصمة المحلية، أو المتناسلة عن تقاليد رسوم المخطوطات في عصور ازدهار دوائر الحكمة والمكتبات. هي التي عُرفت "بالمنمنمات"، رسوم المخطوطات المُشرذمة في شتّى المتاحف، ما عدا العربية منها.

وهي تسعى في السنوات الأخيرة للانفتاح الأسلوبي على الوسائط التوليفية (لما بعد الحداثة)، ضمن "برفورمانس" تصويري (بواسطة الفيديو) بليغ الرهافة والحساسية، لمُتخيّل جغرافي موازٍ لكوكبنا الأرضي.

ثم اكتُشفت في السنوات الأخيرة فنانة شمولية رهيفة، هي نور السيف؛ يتسارع تقدّم بدائعها التشكيلية وتكويناتها الأصيلة، واستخدامها "لمنظور العنقاء" العريق في ثقافتنا التشكيلية، متعدّدة مصادر الإضاءة ومصادر الرؤيا، ناهيك عن ثقافتها اللونية الموهوبة.

تبرز في الإمارات العربية المتحدة نجاة حسن مكي، تستقي تجريداتها من ملامس الأقمشة والأرواب والأردية المحلية، ابتداءً من تماوُجات الأطلس، والحرير، والموسلين، تَنهل من هذا الركام الأنثوي ما يكفيها زادًا وجدانيًا في طقوس تصاويرها. ترسم خصائص تجربتها المؤنّثة في التعبير عن حدودها المتمايزة، رغم تماهيها الأسلوبي أحيانًا مع بعض من مرّ ذكرهن.

وتُمثّل رابحة محمود الخصائص التشكيلية الغالبة على محترف سلطنة عمان. يتجاوز أسلوبها حدود الواقعية الظاهرة، مُنحازة إلى التعبيرية العبثية الساخرة، مستحضرة الرسوم الشعبية النقدية وشخصيات مسرح الظلّ التهكّمية. ابتدأ تحرّرها هذا منذ عودتها الحميدة إلى عُمان عام 1970م مع الاستقلال، متجنّبة الإغراء الوصفي والرومانسية الشعرية، منحازة إلى مأزومية الشكل واللون بدرجة قصوى.

لا نعثر في المحترف الكويتي على العديد من الفنانات، ما خلا ثريا البقصمي، الناشطة في عروضها وعلاقاتها الفنية. تستدعي مفرداتها المشرقية اختزالات دلالية حتى حدود البراءة، ولكن خبرتها الكرافيكية المثقّفة تُعاند هذه البراءة وتنال من عفويتها، فتتداخل الموتيفات الشخصية بالمحفوظات الشائعة، وقد تُؤطّر موهبتها اللونية بمسحة من الاستشراق.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





المهرجان العربي والكلداني
 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced