شهد عدد من المحافظات، خلال الأيام الماضية، سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات الواسعة، شملت سكان قرى ومناطق منكوبة مائياً، إضافة إلى عمال منشآت حيوية، عبّروا جميعاً عن غضبهم من السياسات الحكومية والإهمال المزمن الذي يهدد سبل عيشهم وكرامتهم اليومية.
الرواتب متوقفة والحقوق مهدورة
ويستعد المئات من موظفي العقود المثبّتين على الملاك الدائم في وزارة الكهرباء تظاهرة حاشدة، اليوم، أمام مبنى وزارة المالية في بغداد، للمطالبة بإطلاق مستحقاتهم المالية والإدارية المتوقفة منذ أكثر من خمسة أشهر، إثر صدور كتاب رسمي من وزارة المالية يحمل الرقم (555) بتاريخ 12 كانون الثاني 2025.
ويطالب الموظفون بإطلاق الترقيات والعلاوات واحتساب الشهادات الجامعية وسنوات الخدمة السابقة، فضلاً عن تعديل العناوين الوظيفية وفتح باب التنقل بين الوزارات.
وأشار الموظفون إلى أن هذا التوقف غير المبرر في حقوقهم المستحقة ألحق ضرراً كبيراً بأوضاعهم المعيشية، خاصة أن غالبيتهم يواجهون التزامات مالية شهرية تتعلق بالسكن والاحتياجات الأساسية لعائلاتهم.
ودعا المحتجون إلى تدخل حكومي عاجل من قبل مجلس الوزراء لإنصافهم ورفع الظلم الواقع عليهم، مؤكدين أنهم سيتجهون إلى التصعيد في حال استمرار تجاهل مطالبهم.
قرى كميت دون ماء
وفي محافظة ميسان، تظاهر العشرات من سكان قرى أبو بشوت، التابعة لقضاء الكُميت، قرب ناظم أبو بشوت، احتجاجًا على انقطاع المياه عن قراهم بالكامل، الأمر الذي أدى إلى نفوق عدد من رؤوس المواشي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لسكان المنطقة الذين يعتمدون في مصادر رزقهم على الزراعة وتربية الحيوانات.
وقال المحتجون إنهم يقطنون في نحو 15 قرية تقع على جانبي مشروع أبو بشوت الإروائي، وأوضحوا أن قرارًا حكوميًا بإيقاف المشروع أدّى إلى حرمانهم من المياه، ما اضطر بعض السكان إلى اللجوء إلى منازل أقاربهم في مركز القضاء فقط للاستحمام، في حين باتت مياه الشرب تُشترى من صهاريج أهلية تُنقل بخزانات صغيرة وبكلف باهظة.
وطالب المتظاهرون بإعادة تشغيل المشروع فورًا وإنهاء معاناتهم المزمنة، محذرين من أن استمرار الوضع يهدد بكارثة إنسانية واجتماعية في تلك القرى المحرومة.
سكان الهارثة والموت الملحي
وشهد قضاء الهارثة، شمالي محافظة البصرة، تظاهرة غاضبة أمام مشروع ماء البصرة الكبير، عبّر خلالها المواطنون عن غضبهم من أزمة ملوحة المياه المتفاقمة واستمرار انقطاع المياه الصالحة للشرب عن عدد من المناطق منذ أسابيع.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بحلول "عاجلة وجذرية"، محمّلين الحكومتين المركزية والمحلية مسؤولية تردي أوضاعهم اليومية، خاصة أن ملوحة المياه باتت غير محتملة، وتؤثر على الصحة العامة، وتتسبب في أزمات إضافية مع حلول موسم الصيف.
وتُعد أزمة ملوحة المياه في البصرة من الأزمات السنوية المتكررة، التي تعود إلى تراجع مناسيب المياه الواردة من دجلة والفرات، وزحف اللسان الملحي من شط العرب، في ظل غياب حلول مستدامة من الحكومة رغم الوعود المتكررة. ويصف أهالي البصرة ما يتعرضون له بأنه "مأساة غير مقبولة في أغنى محافظات العراق نفطياً".
إضراب عمال الشركة الهندية
وفي محافظة كربلاء، كشف نائب عن توقف جميع وحدات التشغيل والهدرجة والسيطرة في مصفى كربلاء النفطي، نتيجة إضراب نفذه عمال الشركة الهندية المشغّلة للمصفى احتجاجًا على تأخر صرف رواتبهم.
وذكر زهير الفتلاوي أن العمال نظموا تظاهرة أمام إدارة المصفى، ما أدى إلى توقف كامل للمنشأة الحيوية، التي تُعد من أكبر المشاريع النفطية في العراق.
وأكد النائب أن هناك اتصالات مباشرة تُجرى مع إدارة المصفى، إلى جانب تحرك نيابي عاجل لمعالجة الأزمة، والضغط من أجل إطلاق الرواتب وضمان استقرار العمل داخل المشروع الحيوي، لما له من أهمية اقتصادية كبيرة. وتعكس هذه التظاهرات المتزامنة واقعًا متدهورًا في ملف الخدمات، وسط تراكم الأزمات، وتراجع قدرة الوزارات المعنية على التعامل مع متطلبات المواطنين، سواء في مجالات الطاقة أو المياه أو الرواتب.
ومع استمرار هذه التحركات الشعبية، تتعالى الدعوات إلى تحمّل الحكومة الاتحادية مسؤولياتها بشكل فعلي، وتقديم حلول مستدامة بدلًا من المعالجات الوقتية أو الوعود غير المنجزة، التي أصبحت سمة متكررة في التعاطي مع هموم الناس.