شهد عدد من مدن ومحافظات البلاد، تصعيداً في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، في ظل تفاقم الأزمات المعيشية والخدمية، وغياب الحلول الحكومية؛ فمن أقصى الجنوب، مروراً بوسط البلاد، وصولاً إلى الشمال، خرج المواطنون إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم من تردي الأوضاع، مطالبين بتحسين الكهرباء ومعالجة شح المياه، وتوفير فرص العمل والخدمات، والكف عن التهميش المزمن.
عقدان من التهميش وسوء الخدمات
ومن اقصى جنوب العراق، نظم اهالي هور المسحب في قضاء الهارثة شمالي محافظة البصرة، وقفه احتجاجية ضد التهميش وضعف الخدمات وغياب فرص العمل، فيما طالبوا باقالة قائم مقام القضاء ومسؤولين آخرين.
وقال المتحدث باسم المحتجين حسين ابو طبيخ، انه وبعد مرور أكثر من 20 سنة من التهميش والمماطلة فان المحتجين يطالبون بإقالة قائم مقام القضاء ومدير المشروع الياباني ومدير البلدية ومدير توزيع الماء.
وأضاف، ان مطالب اهالي القضاء تتضمن الخدمات والبنى التحتية اضافة للكهرباء والماء واكساء الشوارع وتوفير الأبنية المدرسية والمراكز الصحية خصوصاً مستشفى القضاء الجاهز والمتأخر لدواعي انتخابية حسب قوله.
فيما قال ممثل التظاهرة، عباس التركي، إن "معاناة القضاء مستمرة منذ سنوات دون حلول جذرية، رغم المناشدات والوعود المتكررة من المسؤولين المحليين".
وأشار التركي، إلى أن "المطلب الأساسي للتظاهرة هو إقالة القائممقام الحالي، الذي لم يُظهر أي تحرك جدي لمعالجة أزمات القضاء أو السعي لتحسين الخدمات"، مبيناً أن "الأهالي لن يتراجعوا عن مطالبهم وسيواصلون احتجاجهم حتى تُتخذ خطوات فعلية لمعالجة الإهمال المزمن".
مهندسو النفط يصعّدون..
وتظاهر عدد من خريجي محافظة البصرة من حملة الشهادات الهندسية والاختصاصات النفطية والجيولوجيا، أمام شركة نفط البصرة، احتجاجًا على استمرار تجاهل مطالبهم بالتعيين. وقال ممثل التظاهرة حسن الشاوي، إن "الحقوق تُؤخذ ولا تُعطى، ولا للسكوت عن الظلم، لذا قررنا التصعيد بتظاهرات سلمية متواصلة، بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على اعتصامنا دون أي استجابة فعلية من الجهات الحكومية".
وأضاف "أغلبنا من خريجي الاختصاصات النفطية والهندسية، ولا نطلب سوى التعيين بأجر يومي ضمن الشركات النفطية العاملة في البصرة، أو ضمن العقود الوزارية في مشروع FCC التابع لوزارة النفط، وهي مطالب مشروعة تستند إلى كتاب رسمي صادر من رئاسة الوزراء يتيح التعيين دون الحاجة للرجوع إلى قوانين الموازنة"، موضحا ان "وزير النفط من أبناء البصرة، ويعرف حجم المعاناة التي يعيشها الخريجون، ومع ذلك لم يتدخل حتى الآن".
حقول النفط تغلي بالمحتجين
وغالباً ما تشهد الحقول النفطية في البصرة تظاهرات تطالب بالتعيينات وتحسين الخدمات وتشغيل اهالي المحافظة من الخريجين والشباب في الوظائف الحكومية والشركات النفطية؛ حيث قطع العشرات من الخريجين، طريق مدخل منطقة البرجسية النفطية في البصرة، مطالبين بتثبيتهم على قرار 315 واستثنائهم من تعليمات الموازنات الثلاث.
وأكد المتظاهرون ضرورة تنفيذ قرار 315 وتثبيتهم في الشركات النفطية على الملاك الدائم، مطالبين رئاسة الوزراء ووزارة النفط بقبول مطالبهم بإكمال ملف تثبيتهم في وزارتي النفط والمالية. ومنذ أكثر من 5 أشهر يواصل خريجو كليات الهندسة والاختصاصات النفطية اعتصامهم المفتوح في شارع المكينة وسط البصرة، مطالبين بفرص عمل في الشركات النفطية الربحية العاملة بالمحافظة، دون الحاجة إلى انتظار التعيين على الملاك الدائم أو تخصيصات الموازنة. ورفع المعتصمون، شعارات تطالب بإنصاف أبناء البصرة في التوظيف ضمن القطاعات التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد العراقي، مؤكدين أن التصعيد سيستمر حتى تحقيق مطالبهم. وقال حسن عبد الأمير، ممثل الخريجين: "منذ 5 أشهر ونحن نتظاهر، وقد بدأنا الآن اعتصاماً مفتوحاً، واليوم أغلقنا البوابة، وغداً سندخل إلى شارع المكينة، وبعدها سيبدأ التصعيد الأكبر"، مطالبا الحكومة المركزية ووزير النفط بـ"إنصاف أبناء البصرة، فهم أحق بالتعيين في اختصاصاتهم".
فيما وصف سجاد هاني ممثل الجيولوجيين في التظاهرة، بأن عقد الـ300 ألف صار حلماً للمهندس النفطي وخريجي الاختصاصات النفطية، وثمار جهد سنوات الدراسة تُطالب اليوم بعقد بسيط.
قطع طريق البتيرة
وفي تصعيد احتجاجي لافت، أقدم عدد من المحتجين في منطقة دوانم حي السلام في محافظة ميسان، على اغلاق طريق البتيرة المحاذي لمنطقتهم، احتجاجاً على تردي خدمة الكهرباء والانقطاعات الطويلة للتيار المتزامنة مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.
ولجأ الأهالي إلى قطع الطريق كوسيلة للتعبير عن غضبهم ولفت انتباه الحكومة المحلية التي يتهمونها بتجاهل معاناتهم، فيما قامت القوات الأمنية بطويق موقع الاحتجاج، وعملت على فتح طريق البتيرة لمرور المركبات.
هذا وشهد فض الاحتجاج بعض الاحتكاكات بين المحتجين وعناصر الشرطة، حيث ألقى بعض المحتجين الحجارة على رجال الشرطة في محاولة لمنعهم من فض التجمع.
كما تظاهر العشرات من المواطنين، امام صندوق الاسكان في المحافظة إثر تأخر معاملاتهم من الشهر الثاني. يشار الى ان المعاملات التي تم تقديمها من المواطنين كانت عبارة عن طلبات لسلف البناء التي يقدمها صندوق الاعمار التابع لوزارة الأعمار والإسكان".
والى جانب ذلك، أقدم محتجون على قطع طريق العمارة – المجر الكبير، أحد الطرق الحيوية جنوب المحافظة، احتجاجاً على تفاقم أزمة المياه التي باتت تهدد حياتهم اليومية ومحاصيلهم الزراعية.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب الحكومة والجهات المعنية بتحرك فوري وجاد لإنهاء الأزمة، لا سيما وأن المنطقة تُعد من أكبر المناطق الزراعية في المحافظة وتعتمد كلياً على المياه.
المثنى: مطالبات بالخدمات والوظائف
وكان لمحافظة المثنى حصة كبرى من الاحتجاجات، حيث تظاهر عدد من المواطنين في ناحية الدراجي جنوب المثنى، وسط الناحية، مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية.
وأكد المحتجون، أن مناطقهم تعاني من نقص في المياه والبنية التحتية داعين الجهات المعنية إلى التدخل لتنفيذ مشاريع خدمية تلبي احتياجاتهم. كما نظم عدد من عمال النظافة في بلدية قضاء الخضر بالمحافظة، وقفة احتجاجية اليوم للمطالبة بتخصيص قطع أراض سكنية أسوة بباقي الشرائح. واكد عدد من المحتجين، أنهم يعملون في ظروف عمل صعبة وتحت درجات حرارة مرتفعة دون أن يحصلوا على أبسط حقوقهم المتمثلة بامتلاك قطعة أرض توفر لهم الاستقرار، مطالبين الحكومة المحلية والجهات المعنية بإنصافهم والإسراع في شمولهم بتوزيع الأراضي، مؤكدين أن تجاهل مطالبهم سيضطرهم إلى تصعيد احتجاجاتهم في الأيام المقبلة. ودشن عدد من سكان مجمع "البيادر" الاستثماري في مدينة السماوة، وقفة احتجاجية للمطالبة بإكمال الخدمات الأساسية في المجمع وتحقيق الوعود بشأن ذلك.
وقال عدد من المشاركين في الوقفة، أن المجمع يحتاج الى اكمال خدمات الصرف الصحي والكهرباء والطرق والمداخل. فيما حملوا الجهات الرسمية مسؤولية التأخر في إنجاز ما تم الاتفاق عليه مطالبين الحكومة المحلية بالتدخل ومتابعة تنفيذ الالتزامات التي قطعت لهم سابقا.
تظاهرة في بغداد
وفي العاصمة بغداد، تظاهر سكان منطقة الأمين شرقي بغداد، احتجاجاً على تردي الكهرباء الوطنية.وقال مراسل "طريق الشعب"، ان المحتجين أضرموا النيران وسط الشارع الرئيسي للمنطقة، احتجاجا على تردي الكهرباء، مطالبين بإيجاد حلول عاجلة لمنظومة الطاقة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة الى اكثر من نصف مئوية.
ضحايا في أربيل
وفي محافظة أربيل، أفاد مصدر محلي، فجر الإثنين، باستشهاد شخص خلال احتجاجات اندلعت في ناحية ورتي، على خلفية انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر.
وقال المصدر، إن العشرات من سكان الناحية خرجوا في تظاهرة ليلية للتعبير عن استيائهم من الانقطاعات المستمرة للكهرباء في منطقتهم، التي تزامنت مع ارتفاع درجات الحرارة.
وأشار إلى أن التظاهرة تحولت إلى مواجهة مع القوات الأمنية، التي حاولت تفريق المحتجين بالقرب من جسر حافز ضمن حدود الناحية، ما أدى إلى مقتل شخص يُدعى حسن سرنوسي جراء إطلاق نار. ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من السلطات بشأن الحادثة أو الملابسات التي أدت الى سقوط ضحايا من المواطنين.