اتحاد الطلبة: التعليم الأهلي.. تحوّل إلى قطاع استثماري غير منضبط
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 18-07-2025
 
   
تبارك عبد المجيد -طريق الشعب

في ظل أزمة متفاقمة يشهدها التعليم الحكومي في العراق، يتجه آلاف الطلبة إلى خيار التعليم الأهلي رغم كلفته المرتفعة والجدل المتصاعد حول جودته ومدى التزامه بالضوابط الأكاديمية. وبينما يفترض أن يكون التعليم الأهلي رديفًا ومكملاً للتعليم العام، إلا أن غياب الرقابة وتداخل المصالح السياسية حوّلاه إلى قطاع ربحي محكوم بمعادلات السوق أكثر من كونه مشروعا تربويا.

وتواصل المدارس الأهلية في العراق التوسع والانتشار بشكل لافت، رغم الجدل الكبير الذي يحيط بها من حيث التكاليف الباهظة، وتراجع المستوى الأكاديمي، إضافة إلى ما توصف به من حماية سياسية تعيق خضوعها للقوانين والتعليمات الرسمية.

مشاريع تهدف للربح أولاً

اكد سكرتير اتحاد الطلبة العام، أيوب عبدالحسين، أن تجربة التعليم الأهلي في البلاد لم ترتقِ إلى مستوىً يُمكن أن يجعلها رديفا حقيقيا للتعليم الحكومي من حيث الجودة والرصانة العلمية، بخلاف ما هو معمول به في بقية دول العالم، حيث تلعب الجامعات الأهلية دورًا مهمًا ومتكاملا مع الجامعات الحكومية.

وقال عبد الحسين في حديث مع "طريق الشعب"، إن التعليم الأهلي في العراق تحوّل إلى قطاع استثماري يهدف إلى الربح أولًا، في ظل غياب الضوابط والمعايير العلمية الحقيقية.

وأضاف "لدينا الكثير من الطلبة غير منتظمين في الدوام لكنهم يحصلون على درجات نجاح، وآخرون يتخرجون بمعدلات مرتفعة جدا، لا يمكن لطالب في الجامعات الحكومية تحقيقها، ما يخلق خللا واضحا في معايير القبول بالدراسات العليا التي تعتمد بالأساس على المعدل التراكمي لأربع سنوات دراسية في مرحلة البكالوريوس".

وأشار إلى أن الجامعات الأهلية "لا تلتزم بالمناهج المقرة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، رغم وجود نظام التوأمة مع الجامعات الحكومية"، موضحا أن ما يُدرَّس في الكليات الأهلية لا يتجاوز 50 إلى 60 في المائة من المقررات الدراسية مقارنة بالكليات المناظرة في التعليم الحكومي".

وفي ما يتعلق بالامتحانات التقويمية، بيّن أن النتائج كشفت الفجوة الكبيرة في المستوى الأكاديمي، مستشهدا على ذلك بالقول "لدينا قسم يضم 138 طالباً لم ينجح منهم سوى 24 فقط، وهذه الأرقام توضح مدى التراجع في الأداء الأكاديمي، رغم محاولات الوزارة التغطية على هذا التفاوت من خلال السماح بنقل درجات الامتحان التقويمي لرفع نسب النجاح، إلا أن النتائج ما تزال تكشف عمق الأزمة".

وانتقد عبدالحسين ما وصفه بـ"انفلات القطاع الأهلي وعدم خضوعه لرقابة جدية"، مؤكداً أن "الكليات الأهلية لا تلتزم بتعليمات الوزارة، ولا تطبق حتى أبسط القرارات، كقرار منع طرد الطلبة من القاعات الامتحانية بسبب عدم تسديد الأقساط، بل إن بعض الكليات تمنع دخول الطالب إلى الحرم الجامعي أصلًا إذا لم يسدد مستحقاته المالية".

كما أشار إلى وجود تفاوت كبير في الوحدات الدراسية بين التعليم الأهلي والحكومي، يصل في بعض الأقسام إلى نقص من 4 الى 5 وحدات، وهذا يضاف للخروق الأكاديمية الواضحة، إضافة إلى عدم توفر المختبرات الفعالة أو الكوادر التدريسية المؤهلة، حيث يُسجَّل وجود 30 تدريسياً بدرجة أستاذ مساعد، بينما الواقع يكشف أن أغلبهم من حملة الماجستير، الذين لا يحق لهم قانونًا التدريس وفقًا للمعايير الأكاديمية.

تسريب الأسئلة الامتحانية!

وتحدث عبدالحسين عن قضايا خطيرة تم رصدها، مثل "تسريب أسئلة الامتحانات الوزارية وكتابة الإجابات على السبورات أمام أنظار اللجان الوزارية من دون محاسبة حقيقية".

وتابع أن هناك "قبولًا للطلبة خارج الخطة الاستيعابية المقررة، وتلاعباً في آلية استيفاء الأقساط، في ظل غياب واضح للتعليمات التنفيذية لقانون التعليم الأهلي رقم 25 لسنة 2016، رغم مرور نحو عشر سنوات على إقراره وتعاقب أربعة إلى خمسة وزراء على وزارة التعليم العالي".

وأكد أن "اللاعب الأساسي في ملف التعليم الأهلي هو الإرادة السياسية، فإن توفرت هذه الإرادة الجادة لإصلاح القطاع، يمكن حينها البدء بعملية مراجعة شاملة للتجربة، ومعالجة جوانب القصور الإداري والأكاديمي، والاستفادة من تجارب دول نجحت في تنظيم هذا القطاع، مثل الهند، حيث تتولى الجامعات الحكومية الإشراف على الكليات الأهلية في إطار من التنسيق العلمي والإداري الصارم".

وخلص في حديثه الى الدعوة "لمراجعة شاملة لتجربة التعليم الأهلي في العراق، والوقوف الجاد عند الإشكاليات البنيوية التي ترافقها"، مؤكداً أن "الاتحاد مستمر في المطالبة بتصحيح المسار، رغم غياب الإصغاء من قبل الجهات المعنية، التي تصر على تصوير هذا التعليم كبديل مماثل في الكفاءة والجودة، في حين أن الواقع يكشف عكس ذلك تمامًا".

رقابة أكاديمية صارمة

من جهته، قال الناشط في مجال التعليم ليث عبدالله أن "واقع التعليم الأهلي في العراق يمر بمرحلة حساسة، ويحتاج إلى رقابة حقيقية ودعم حكومي جاد ليكون مكملا فعليا للتعليم الحكومي، وليس بديلا عشوائيا أو ملاذا للطلبة من أصحاب المعدلات المنخفضة فقط".

وقال ليث لـ "طريق الشعب"، إن "التعليم الأهلي بحاجة ماسة إلى رقابة أكاديمية صارمة، لأنه يفتقر إلى عدة عناصر أساسية، أبرزها المصداقية الأكاديمية، إضافة إلى افتقاره إلى الدعم الحكومي الذي يمكن أن يلعب دورا مهما في رفع مستوى هذه المؤسسات".

وأوضح ليث، أن "هناك تصورا لدى الكثيرين بأن الجامعات والكليات الأهلية مجرد بدائل مؤقتة أو ملاذات للطلبة الذين لم يحصلوا على معدلات تؤهلهم للقبول في الجامعات الحكومية"، مشددا على أن "هذا الانطباع قد يتغير في حال توفر شرطين أساسيين: الرقابة الأكاديمية الجادة، والدعم الحكومي المنهجي".

وكرر القول أن "إذا توافرت الرقابة الحقيقية وتم فرض معايير صارمة على هذه المؤسسات، فإن بعض الجامعات الأهلية قد تقدم مستوى تعليميًا أفضل من الجامعات الحكومية، خصوصًا على صعيد البحث العلمي وتطوير المناهج".

وبين ليث أن التعليم الأهلي يجب ألا يُترك لمعادلات السوق والعشوائية، بل أن يُدمَج ضمن منظومة تعليم وطنية متكاملة، تعتمد على التكامل بين القطاعين الأهلي والحكومي.

وتابع ان "الدعم الحكومي هنا لا يعني فقط التمويل، بل يشمل التشريعات، والمتابعة، وإتاحة الفرص للتطوير، لتكون الجامعات الأهلية فعلاً جزءًا من النسيج التعليمي الوطني، لا مجرد تجارة تعليمية".

وزاد ليث بالقول ان "قضية التعليم الأهلي في العراق بقيت من الملفات الشائكة التي تتطلب وقفة جادة من الجهات المختصة، لا سيما مع تزايد تأثير النفوذ السياسي على هذا القطاع".

واختتم بالتأكيد على أن "الارتقاء بجودة التعليم الأهلي مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع الأكاديمي، ولا يمكن الوصول إلى تعليم عالي الجودة دون وجود شراكة حقيقية، ورقابة صارمة، ودعم مستدام، يعزز من موقع العراق الأكاديمي محلي وإقليمي".

حصانة حزبية للمستثمرين

أما حيدر كاظم، مشرف تربوي، فقد تحدث عن المدارس والجامعات الأهلية، مشيرا الى انها تفرز "استنزافا ماليا للمواطنين وحصانة حزبية للمستثمرين".

وقال كاظم في حديث لـ "طريق الشعب"، أن التعليم الحكومي يعاني من مشكلات مزمنة تتعلق بنقص الأبنية المدرسية، وقلة الكوادر التعليمية، وشح المستلزمات الدراسية، إلى جانب ازدحام الصفوف، ما أدى إلى اعتماد نظام الدوام الثنائي والثلاثي في العديد من المدارس، وهو ما دفع الأهالي للبحث عن بدائل توفر بيئة تعليمية أكثر استقرارا.

ويبين كاظم انه "برغم أن الهدف المعلن من المدارس الأهلية هو دعم المنظومة التعليمية وتوفير خيارات إضافية، إلا أن الواقع يشير إلى وجود مخالفات واسعة النطاق".

وتشير مصادر في وزارة التربية إلى صعوبات كبيرة في فرض الرقابة على المؤسسات التعليمية الأهلية التي تتزايد أعدادها عاما بعد عام، فيما تتكرر المخالفات الإدارية والفنية، وسط تأكيدات عن عدم التزام الكثير من هذه المدارس بالضوابط المعتمدة.

ويضيف، ان "غالبية المستثمرين في هذا القطاع ينتمون إلى أحزاب وجهات سياسية متنفذة، وهو ما يمنحهم حصانة غير معلنة من المساءلة القانونية".

ويتابع "لاحظنا خلال السنوات الماضية إغلاق الوزارة لبعض المدارس بسبب مخالفات جسيمة، لكنها كانت تعود للعمل سريعًا بعد تدخلات سياسية توفر لها الحماية الكاملة".

ويشير إلى أن بعض هذه المدارس تستأنف نشاطها بشكل أقوى مما كانت عليه، مستفيدة من الحماية السياسية والاقتصادية التي تحيط بها، الأمر الذي يشكل تحديًا خطيرا أمام جهود إصلاح التعليم وتنظيم عمل القطاع الخاص التربوي.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





المهرجان العربي والكلداني
 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced