الوزارة تواصل التحذير منذ 2015!.. النفايات الطبية.. خطر بيولوجي يهدد الصحة والبيئة
نشر بواسطة: mod1
الجمعة 25-07-2025
 
   
تبارك عبد المجيد -طريق الشعب

في الوقت الذي تتسارع فيه الدعوات لتبني أنظمة بيئية وصحية متطورة، لا تزال إدارة النفايات الطبية في العراق تشكل تحدياً كبيراً وخطراً داهماً يهدد الصحة العامة والبيئة على حد سواء؛ حيث تتفاقم أزمة النفايات الصحية التي تُتلف بطرق غير آمنة، وتُحرق في مواقع لا تراعي الشروط البيئية، وأحيانًا تُرمى في مكبات عشوائية وسط المناطق السكنية، برغم التعليمات الملزمة الصادرة منذ العام 2015 عن وزارة البيئة، إلا أنّ شهادات ناشطين وأطباء ومختصين تؤكد أن الواقع بعيد كل البعد عن النصوص القانونية: قنابل بيولوجية وكيميائية صامتة تنتشر في الشوارع والمكبات، ومحارق بدائية تنفث سمومها في قلب المدن، بينما تستمر المؤسسات المعنية في تجاهل التحذيرات وتهميش الحلول الجذرية.

تحذير من كارثة بيئية وشيكة

وكشفت وزارة البيئة، في 20 تموز عن تعليمات تتعلق بإدارة النفايات الصحية الصادرة عام 2015.

وذكر المتحدث باسم الوزارة لؤي المختار، أنها "تُعد ملزمة لجميع المؤسسات الصحية في العراق، سواء في القطاع العام أم الخاص، وتشكل المرجع القانوني والفني في التعامل مع هذا النوع من النفايات".

وبيّن المختار في حديث تابعته "طريق الشعب"، أنّ "تعليمات رقم (1) لسنة 2015 الخاصة بإدارة نفايات الجهات الصحية، وهي وثيقة تهدف إلى حماية البيئة وصحة المجتمع من التلوث والمخاطر المرتبطة بالنفايات الطبية”، مشيرا إلى أن "وزارة الصحة تعمل بالتعاون مع مؤسساتها على تنفيذ هذه التعليمات وتشديد الرقابة البيئية على المرافق الصحية".

وأضاف مدير عام في وزارة البيئة، صلاح الزيدي، أن "النفايات الصحية تُصنف ضمن فئة النفايات الخطرة، سواء كانت صلبة أو سائلة، لأنها ناتجة عن نشاطات طبية وتحتوي على ملوثات كيميائية وبيولوجية قد تسبب أضرار جسيمة إذا لم يُحسن التعامل معها".

وأوضح الزيدي لـ "طريق الشعب"، أن "النفايات الصحية، رغم أنها تندرج من الناحية القانونية تحت مفهوم النفايات الخطرة، إلا أنها تتميز بخصوصية تستوجب معالجتها بطرق متخصصة. النفايات الصلبة مثل بقايا غرف العمليات، الأدوات الطبية، الأدوية منتهية الصلاحية، والمستلزمات المستخدمة تُعتبر جميعها نفايات طبية خطرة، ويتم التعامل معها من خلال عمليات تعقيم دقيقة، أبرزها التعقيم بالبخار، لتحويلها إلى نفايات غير خطرة يمكن التخلص منها عبر المطامر البلدية الاعتيادية، شرط التأكد من خلوها من أي عناصر معدية أو سامة.

وأشار الى أن "النفايات التي تحتوي على أنسجة بشرية أو بقايا من العمليات الجراحية الكبرى، تتطلب معاملة خاصة من خلال محارق مخصصة ذات معايير بيئية صارمة. هذه المحارق يجب أن تكون بعيدة عن التجمعات السكنية، وأن تُدار ضمن ضوابط الانبعاثات المعتمدة، ولا يُسمح بإقامتها في المراكز الصحية الصغيرة أو العيادات، بل تكون حكرًا على المستشفيات الكبيرة القادرة على جمع وفرز النفايات بشكل منتظم وآمن".

وتابع أن النفايات السائلة الناتجة عن المستشفيات تُعد من أخطر أنواع النفايات، كونها تمتزج غالبًا بفيروسات وجراثيم مصدرها جسم الإنسان، ما يجعلها مصدر تهديد بيئي وصحي مباشر. وتكمن الخطورة بشكل خاص في مياه الصرف الصحي والمحاليل الكيميائية المستخدمة في المختبرات، إضافة إلى الأدوية السائلة منتهية الصلاحية، وكلها مواد يجب معالجتها داخل وحدات متخصصة قادرة على إزالتها بشكل كامل قبل طرحها في شبكات التصريف العامة.

وشدد على ضرورة وجود وحدات معالجة داخل كل منشأة صحية، مهما كان حجمها، لضمان التخلص الآمن من النفايات السائلة، مؤكدا أن التعامل البيولوجي والكيميائي السليم مع هذه النفايات هو الضمان الوحيد لمنع انتقال العدوى والتلوث إلى البيئة المحيطة. كما أوضح أن هناك جهودًا علمية مستمرة لتطوير وسائل وتقنيات جديدة قادرة على تحويل النفايات الصحية الخطرة إلى نفايات آمنة بيئيًا، وهي خطوات بدأت بعض الدول باعتمادها تدريجيًا، ويُعمل على إدخالها في العراق أيضًا ضمن خطة شاملة لتحسين إدارة النفايات الطبية.

وأكد في ختام حديثه أن إدارة ملف النفايات الصحية لا ينبغي أن تُترك لجهة واحدة فقط، بل تتطلب تنسيقًا عاليًا بين وزارات البيئة والصحة والبلديات، إضافة إلى إدارات المستشفيات نفسها. فالإهمال في هذا الملف لا يؤدي فقط إلى تدهور بيئي، بل قد يُفضي إلى كوارث صحية، مشيرا إلى أن النفايات الطبية ليست مجرد مخلفات بل تمثل تهديد حقيقيا إذا لم تُعاج بعناية ودقة.

الرقابة ضعيفة والوعي غائب

وحذرت نجوان علي، الناشطة البيئية من التزايد المقلق في كميات النفايات الصحية والطبية التي تُتلف بطرق غير آمنة، مشيرة إلى أن هذه النفايات تُعد من أخطر أنواع النفايات لما تحمله من ملوّثات بيولوجية وكيميائية شديدة الخطورة.

وذكرت علي لـ "طريق الشعب"، أن "النفايات الصحية ليست مجرد نفايات عادية، بل هي قنبلة موقوتة يمكن أن تؤدي إلى انتشار أمراض خطرة مثل التهاب الكبد، والتسمم، والعدوى البكتيرية، إذا لم يتم التعامل معها وفق الإجراءات الصحية والبيئية السليمة".

وأضافت، أن من أكثر الممارسات خطورة هو "قيام بعض المؤسسات وخصوصاً في القطاع الخاص، بالتخلص العشوائي من هذه النفايات، سواء عبر رميها في مقالب النفايات العامة أو حرقها في أماكن غير مخصصة لذلك، ما يشكل تهديداً مزدوجاً للبيئة والصحة العامة".

وأشارت إلى أن هذه التصرفات تتكرر في ظل ضعف واضح في الرقابة البيئية، وغياب الوعي بأهمية التعامل السليم مع النفايات الخطرة، مؤكدة أن "الرقابة وحدها لا تكفي، ما لم يرافقها وعي مجتمعي وإجراءات قانونية صارمة ومستمرة بحق المخالفين".

واختتمت حديثها بالدعوة إلى تشجيع الاستثمار في محارق النفايات الطبية الحديثة، التي تراعي المعايير البيئية العالمية، قائلة: "نحتاج إلى حلول مستدامة، وليس إلى ترقيع المشاكل. على الجهات المعنية أن تتعامل مع هذا الملف بجدية تامة، لأن تداعياته تمس كل فرد في المجتمع، دون استثناء".

مخالفات بيئية صارخة

وحذر دكتور في الصحة العامة، منير القيسي من التهديد البيئي والصحي الخطير الذي تشكله محارق النفايات الطبية المنتشرة في وسط العاصمة بغداد، لاسيما تلك القريبة من مدينة الطب والمراكز الصحية المحيطة بها، مؤكدا لـ "طريق الشعب"، وجود هذه المحارق في مناطق مكتظة سكانية يعد مخالفة بيئية صارخة تعرض حياة الآلاف للخطر.

وقال القيسي ان "هناك محارق تعمل بالقرب من مدينة الطب في وسط بغداد وهي تطلق انبعاثات سامة في الهواء، تحتوي على مواد مسرطنة مثل الديوكسين والفوران، وهي غازات خطرة على الجهاز التنفسي وتُسهم في زيادة حالات الأمراض المزمنة بين سكان المناطق القريبة".

وأضاف، أن "العديد من هذه المحارق تُدار بوسائل بدائية وغير مطابقة للمعايير الدولية"، مشيرا إلى أن "ما يزيد من خطورتها هو تواجدها وسط الأحياء السكنية، في بيئة من المفترض أن تكون خالية من أية ملوثات خطرة". كما أشار إلى أن بعض المستشفيات تفتقر حتى إلى أسس فرز النفايات الطبية أو معالجتها قبل الحرق، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الصحية والبيئية.

وأضاف ان "المشكلة لا تتوقف على وجود المحارق فقط، بل تمتد إلى فوضى واضحة في إدارة النفايات الطبية داخل المستشفيات. لا يوجد التزام بطرق الفرز، ولا رقابة فعلية على عمليات النقل أو الحرق، وبعض المستشفيات تقوم بإحراق النفايات مباشرة دون تعقيم، ما يجعل من هذه الممارسة تهديدًا مضاعفًا للصحة العامة والبيئة".

وأكد أن حملات عدة نفذت سابقا من قبل أطباء ومختصين وناشطين في المجال البيئي للتحذير من هذه الكارثة، وتم تقديم دراسات وبيانات توضح حجم الضرر الناتج عن استمرار هذه الممارسات، إلا أن الجهات المسؤولة بحسب تعبيره "إما غير واعية بخطورة الملف أو تتعامل معه بجهل ولا مبالاة مقلقة".

وأوضح أن تجاهل هذه التحذيرات سيقود إلى عواقب صحية كبيرة، وقد بدأت تظهر بوادرها بالفعل في ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية والحساسية والسرطان في المناطق المجاورة لتلك المحارق، داعيا إلى الإسراع في إنشاء منظومة وطنية متكاملة لإدارة النفايات الطبية، وإبعاد المحارق عن المناطق السكنية، واعتماد تكنولوجيا صديقة للبيئة وفق المعايير الدولية.

واختتم حديثه بالقول: "نحن لا نطالب إلا بتطبيق أبسط قواعد السلامة. أرواح الناس ليست هامشا، واستمرار هذا الإهمال يعني أننا نسير نحو كارثة صحية بصمت".

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced