يعلن التحالف المدني الديمقراطي موقفه الرافض لأي محاولة لتشريع قانون يُستخدم لتقييد حرية التعبير أو قمع الرأي تحت أي مسمى، ويؤكد أن ما يُطرح حالياً من مشروع قانون "حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي" بصيغته المتداولة، يُشكل تهديداً حقيقياً للحقوق والحريات العامة، ويُعيد إنتاج مناخ الخوف والتكميم، تحت غطاء قانوني يُراد له أن يكون أداة للهيمنة على الفضاء العام، بدلاً من أن يكون حماية دستورية لصوت المواطن. إن حرية التعبير مكفولة بنص المادة (٣٨) من الدستور العراقي، ولا يمكن لأي نص قانوني أدنى مرتبة أن يُفرغ هذه المادة من مضمونها أو يُقيدها بتعابير فضفاضة كـ"النظام العام" أو "الآداب العامة" دون تعريف دقيق، فذلك يفتح الباب واسعاً أمام التأويلات القمعية ويمنح السلطات التنفيذية صلاحيات غير محدودة لملاحقة الآراء والتجمعات والنقد السلمي. كما يعبّر التحالف عن رفضه القاطع لإقرار أي قانون لم يُطرح للنقاش المجتمعي، ولم يُعرض بشفافية على الرأي العام، ولم تُشرك في صياغته الجهات المعنية من نقابات ومنظمات مجتمع مدني وخبراء قانونيين، إذ لا يمكن أن يُشرع قانون بهذا المستوى من الخطورة في غياب شراكة وطنية حقيقية.
وفي الوقت الذي ينتظر الشعب العراقي من القوى السياسية تشريع القوانين التي تحافظ على تماسك الشعب والحفاظ على حقوقه الدستورية، نشهد توجه غير مسوغ للفت الأنظار بعيداً عن تشريع القوانين التي تحافظ على المال العام ومنها تشريع القوانين الخاصة برواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث، وقانون "من أين لك هذا؟" الذي تعهدت قيادات أحزاب السلطة في ثلاثة "مواثيق شرف" بعد احتجاجات العراقيين في 2011، و2015، و انتفاضة تشرين 2019 بتشريعه. وقانون "تجربم الطائفية والخطاب الطائفي" الذي توجبه ظروف العراق والمنطقة لكبح تصاعد نبرة هذا الخطاب المريض.
ويذكّر التحالف بأن المجتمع العراقي، الذي واجه الدكتاتورية وانتفض ضد الفساد، لن يقبل العودة إلى الوراء، ولن يسمح باستنساخ أدوات تكميم الصوت وقمع الكلمة وتقييد الحق في التظاهر والتجمع. إن تمرير هذا القانون بصيغته الراهنة سيفتح باباً خطيرا نحو شرعنة القمع، ويكرس دولة سلطوية لا مدنية، وسيحمل البرلمان والقوى السياسية الداعمة له مسؤولية أخلاقية وتاريخية أمام الشعب. إننا في التحالف المدني الديمقراطي نعلن موقفنا الثابت دفاعاً عن حرية التعبير باعتبارها جوهر العملية الديمقراطية، ونرفض أي محاولة لاستغلال القانون لتصفية المعترضين أو إسكات الأصوات الحرة، ونؤكد أن الطريق نحو الاستقرار لا يمر عبر تكميم الأفواه، بل عبر احترام الدستور، وصيانة الحقوق، والاستماع إلى صوت الشارع الذي لا يزال ينزف من قمع الأمس، ويأمل بكرامة الغد.
التحالف المدني الديمقراطي
بغداد – 1 آب 2025