"مهرجان لوكارنو" يكرم غولشيفته فراهاني المرفوضة في إيران
نشر بواسطة: mod1
الثلاثاء 05-08-2025
 
   
اندبندنت عربية-هوفيك حبشيان

تتويج عالمي لمسيرة فنية ونضالية عابرة للحدود ولصوت ظل مرفوعاً على رغم محاولات الإسكات

ملخص

اختار مهرجان لوكارنو السينمائي المقبل (من السادس وحتى الـ 16 من أغسطس الجاري) تكريم الممثلة الإيرانية الاربعينية غولشيفته فراهاني بـ "جائزة التميز" (دافيدي كامباري) تتويجاً لمسيرة فنية ونضالية عابرة للحدود، ولصوت ظل مرفوعاً على رغم محاولات الإسكات الكثيرة التي تعرضت لها.

في ليلة افتتاح الدورة الـ 78 من مهرجان لوكارنو، ستقف غولشيفته فراهاني، على مسرح ساحة "بيازا غرانديه" أمام 8 آلاف متفرج، كشاهدة على قدرة الفن على أن يكون بديلاً عن الوطن الضائع، فهذه التي رأيناها في دور الأم قبل شهرين في "ألفا" لجوليا دوكورنو ستجري أيضاً لقاء مفتوحاً مع الجمهور في محاولة لتعريف العلاقة بين الفنان والمتلقي، وهذا التكريم ليس تتويجاً فقط وإنما اعتراف بموهبة فنية من واحد من أعرق المهرجانات السينمائية في أوروبا، وهو يمثل أيضاً مباردة سياسية صريحة الهدف منها الانتصار للمضطهدين، وهو دور يعشقه الغرب عموماً، فأن تُكرم فنانة في مهرجان سويسري بعد أن منعت من مهرجانات بلدها رسالة واضحة إلى سلطات بلادها، مع التذكير بأن هذه الجائزة سبق ان أُسندت إلى أسماء كبيرة في مجال التمثيل من طراز ميشال بيكولي وسوزان ساراندون وشارلوت رامبلينغ.

فراهاني ليست مجرد نجمة بالمعنى التقليدي بل هي ممثلة تعبر، كما قال مدير المهرجان جونا نازارو، بين الأفلام التجارية وسينما المؤلف من دون أن تفقد جوهرها الإنساني، سواء ظهرت إلى جانب ليوناردو دي كابريو في "كتلة أكاذيب" أو في "باترسون" لجيم جارموش، أو في سينما فرنسية حميمية كتلك التي قدمتها مع كريستوف أونوريه وأرنو ديبليشان، فهي تظل الشخصية التي تقاوم القوالب الجاهزة.

وفي إحدى مقابلاتها مع "لو موند" صرحت أنها في إيران كانت تكره "أن تكون امرأة" لما في واقع النساء من صعوبات وتحديات، ولطالما دافعت عن كل ما حدث في بلادها خلال الأعوام الأخيرة من هبّات ضد النظام الديني الأبوي مذ غادرتها عام 2008 ولم تعد لحضنها، لكن على رغم شهرتها الدولية وتعاونها مع بعض من أهم السينمائيين والممثلين في الغرب، وخط النجاح الذي رسمته لنفسها خارج جدران العائلة والوطن، فإنها تعيش حالاً من الاغتراب تعود لتظهر في كل حواراتها، فهذه التي تعيش اقتلاعاً من بيئتها تتجول بين بلدان عدة متنقلة بين البرازيل وأستراليا وإسبانيا والبرتغال، ولا تمكث في مكان واحد بل إنها لم تعرف معنى الاستقرار منذ أعوام، وتقول إن الغربة تجعلنا نفقد شيئاً من ذواتنا، إنه الجرح الذي لن يندمل قط، فترى نفسها مواطنة عالمية رافضة للانتماء الضيق والهويات القاتلة، وربما لكل هذه الأسباب مجتمعة غادرت باريس عقب إقامة طويلة في ربوعها بعدما شعرت أنها تسأل دائماً عن ماضيها الذي أصبح عبئاً عليها.

الفوضى العارمة

وعن الجيل الإيراني الذي تنتمي إليه تقول في مقابلة "ولدتُ في حمأة الحرب مع العراق، وبعبارة أخرى فقد كانت فترة من الفوضى العارمة، وعندما أرى المتظاهرين الشباب اليوم الذين ولد معظمهم خلال تسعينيات القرن الماضي وما بعدها، أدرك تماماً إلى أي حد كان جيلي جيلاً محروقاً بالكامل، ولقد عشنا طفولتنا الباكرة، تلك المرحلة الحاسمة التي تتكون فيها النفس والثقة وردود الفعل تحت القصف، وفي ضجيج صفارات الإنذار رأينا الخوف في عيون آبائنا وشهدنا البيوت المهدمة في شوارع طهران، وتذوقنا طعم الموت قبل أن نفهم معنى الحياة، إني أنتمي إلى جيل عاش مرعوباً".

ابتعدت فراهاني من فرنسا مع أن كل شيء بدأ فيها، فبمجرد ظهورها مكشوفة الصدر في إعلان جوائز "السيزار" الفرنسية تحرك أحد ضباط محكمة الثورة الإيرانية الذي لم يتردد في الاتصال بوالدها مهدداً بتقطيع جسد ابنته، ولم يكن هذا المشهد بداية القطيعة لكنه مثّل ذروتها العلنية، ومذاك أصبحت فرنسا ملجأها القسري، وتقول إنها لم تعد تملك جذوراً وإن الرياح تحملها من مكان إلى آخر، فهذا اللايقين الجغرافي هو تعبير مجازي بقدر ما هو توصيف مباشر لحياة ممثلة بوهيمية.

نشأت فراهاني في عائلة تنظر إلى الفن كنوع من الطهارة على رغم تحفظها على المفردة، وكان والدها يعتبر الفنان "خادماً للناس"، ومنه ورثت هذا المبدأ وإن تكن بدايتها في التمثيل لم تلق موافقته، وعندما اختارها المخرج الإيراني القدير داريوش مهرجوي وهي في الـ 14 لأداء دور رئيس في "شجرة الكمثرى" لم تخبره، ولكن عندما اكتشف الأمر رفض التواصل معها طوال فترة التصوير، ولاحقاً قبِل الأمر الواقع بعد أن اتضح له أن ابنته اختارت المهنة التي تناسبها.

وعلى رغم أن السينما الإيرانية وفرت لها انطلاقتها فلم تكتف بها، ومشاركتها في "كتلة أكاذيب" لريدلي سكوت إلى جانب ليوناردو دي كابريو مثلت نقطة تحول حاسمة، فالدولة الإيرانية وضعتها على اللائحة السوداء ووصمتها بـ "العمالة للعدو" وجرى احتجاز جواز سفرها وخضعت لاستجوابات مطولة، ولم يكن أحد في الحكومة قد شاهد الفيلم، ولم يكن قد عرض بعد أصلاً، ومع ذلك حوكمت نية مشاركتها كمواطنة إيرانية في إنتاج أميركي، وتضاعف الخناق عليها فاختارت مغادرة البلاد نهائياً.

تصف فراهاني نفسها بأنها "لاجئة بلا جذور"، وتعترف أنها بعد خروجها إلى الحرية ما عادت قادرة على التمثيل وهي ترتدي الحجاب، ولم تخفِ رفضها له إذ ترى أنه في إيران شكلي لا ديني بالمعنى الكامل، وتربطه بثقافة الذكور الذين لا يريدون للمرأة أن توجد من دون غلاف قماشي.

وعلى رغم مشاركتها في أعمال عدة داخل إيران لكنها لم تنل الجوائز المحلية، والسبب واضح بالنسبة إليها وهو أنها تؤدي أدوار نساء قويات، و"الجوائز هناك لا تمنح لمن تتخذ قراراتها بنفسها، بل لمن تطيع زوجها".

وفي المقابل تكره فراهاني أن تُقدم بوصفها ضحية ولا تريد أن تتحول إلى "جان دارك" الممثلات الإيرانيات، وتقول إنه يحلو للغرب أن يرى المرأة القادمة من بلاد مضطهدة في هيئة كائن مكسور ليشعر بالطمأنينة إلى نفسه وغفراناً ذاتياً، وفي مواجهة هذا كله كانت السينما ولا تزال الأداة التي ساعدتها في تثبيت جذورها في العالم ولو موقتاً.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced