تعديل قانون الأحوال الشخصية يثير الجدل.. تهميش القضاء واضطهاد النساء
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 06-08-2025
 
   
طريق الشعب

في خضم السجال المستمر حول التعديلات الأخيرة على قانون الأحوال الشخصية، تتعالى الأصوات المحذرة من تداعياتها على استقلال القضاء وحقوق النساء والأطفال، وسط غياب مدونة قواعد التي كان يفترض إصدارها في حزيران الماضي. شخصيات قانونية وحقوقية، إلى جانب ممثلي قوى سياسية، أكدوا على أن ما يحدث اليوم هو تراجع خطير عن المكتسبات القانونية والدستورية، ودعوا المحكمة الاتحادية إلى إعادة الأمور إلى نصابها.

القضاء أصبح ناقلا للقضايا

وفي هذا الصدد، قال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي لـ "طريق الشعب" إن موقف الحزب الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية انطلق من أسس مبدئية تتعلق بحقوق المرأة، موضحا أن "من بين الأسباب التي استندنا إليها في رفض التعديل، إضعافه لسلطة القضاء.

وأشار فهمي إلى قيام القضاء بإحالة شكاوى تتعلق بنساء تعرضن لمشاكل عائلية، إلى المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي، وأن هذا المجلس غالبا ما يصدر قرارات لا تنصف المرأة. وأضاف "نحن اليوم أمام قضيتين سبق أن نبهنا إلى خطورتهما، الأولى أن القضاء تحوّل إلى مجرد ناقل للمشاكل إلى المجلس العلمي، ما يضعف سلطته، والثانية أن قرارات المجلس ليست في صالح المرأة وتتعارض مع المادة 188".

وبيّن أن القانون 188 طبق منذ عام 1960 ولم تسجل أي مشاكل تذكر، حسب اعتراف القضاء نفسه، وأن التعديل الأخير أعاد البلاد إلى الوراء بعكس الاتجاه العالمي في حماية حقوق المرأة.

وتابع فهمي "بينما يخطو إقليم كردستان خطوات متقدمة في قوانين الأحوال الشخصية، نحن في بغداد نسير إلى الوراء. المجلس العلمي لم يصدر حتى الآن المدونة المفترضة التي كانت مقررة في حزيران الماضي، وهو ما يضعنا أمام فراغ قانوني خطير".

وأكد أن هناك حاجة ملحة لرصد حالات الانتهاك ومتابعة الطعن المقدم للمحكمة الاتحادية، مضيفا: "بناء على قرار المحكمة، ستتواصل منظمات المجتمع المدني إجراءاتها في كشف الانتهاكات والضغط باتجاه تعديلات جديدة".

القاضي يدون الحكم ورجل الدين يصدره

من جانبه، قال المحامي محمد جمعة لـ "طريق الشعب" إن "التعديلات سلبت القضاة سلطاتهم"، مضيفا: "اليوم يصدر الحكم القضائي بناء على رأي المجلس العلمي في الوقف الشيعي، فيصبح رجل الدين هو من يصدر الحكم، بينما القاضي يقتصر دوره على التدوين فقط".

ووصف جمعة هذه الممارسة بأنها "مؤلمة" للقانونيين، مؤكدا على أن "الدولة المدنية وحقوق الإنسان في أنفاسها الأخيرة، ولم تعد هناك حقوق للمرأة والطفل".

وأشار إلى أن دعوى قضائية تم رفعها لدى المحكمة الاتحادية العليا، معربا عن أمله أن تنتصر المحكمة للدستور، خاصة وأن ما يجري الآن مخالف للمادة 88 التي تنص على "لا سلطة على القضاء غير القانون".

وأضاف: "هناك مئات القضايا التي تحسم اليوم بأحكام صادرة من المجلس العلمي، أما المدونة فلاتزال لدى مجلس الدولة، وعدم إنجازها يخدم الجهات التي أجرت التعديلات ولا تجد مصلحة في إصدارها".

انتهاك لحرية المذهب

في السياق ذاته، قالت المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات، أمل كباشي، لـ "طريق الشعب" إن متابعة تنفيذ قانون الأحوال الشخصية أظهرت وجود انتهاك لحرية المذهب، حيث تتم التحولات إلى المذهب الجعفري بقرار منفرد من الزوج دون علم أو موافقة الزوجة.

وأكدت على أن القضاء بدأ يأخذ بآراء شرعية صادرة من المجلس العلمي في الوقف الشيعي، رغم أن الأخير ليس جهة مختصة بإصدار الأحكام الشرعية حسب قانون الوقف. واعتبرت كباشي أن ما يجري يعد تدخلا تنفيذيا في عمل القضاء، ويتعارض مع مبدأ استقلاليته ووحدة أحكامه، قائلة إن "هذا مخالف للدستور الذي نص صراحة على استقلال القضاء".

وأضافت أن الموقف لا يزال غامضا بشأن مدونة قواعد السلوك، التي كان يفترض أن تصدر بالتزامن مع التعديل، ما يزيد من إرباك المشهد القانوني والقضائي في البلاد.

هل يسري التعديل على الطلاق  بأثر رجعي؟

وفي سياق الجدل القانوني حول التعديلات، أكد القاضي المتقاعد سالم روضان الموسوي في تصريح اطلعت عليه "طريق الشعب" أن التعديل الجديد لا يسري على حالات الطلاق التي وقعت قبل تاريخ نفاذه، أي قبل 17 شباط 2025، وهو تاريخ نشره في جريدة الوقائع العراقية.

وبيّن الموسوي أن توصيات المجلس العلمي التي حرمت الزوجة المطلقة من حقوقها، ومنها المهر المؤجل أو التعويض عن الطلاق التعسفي، تخالف التشريعات النافذة، لا سيما وأن تلك الحقوق كانت مقررة للمرأة قبل نفاذ التعديل، ولا يجوز إلغاؤها بأثر رجعي.

واستند الموسوي إلى مواد قانونية ودستورية عدة، منها المادة (19/تاسعا) من الدستور التي تمنع سريان القوانين بأثر رجعي، وكذلك المادة 10 من القانون المدني، والمادة (1/ثانيا) من قانون النشر في الجريدة الرسمية.

وأضاف أن توصيات المجلس العلمي اعتمدت على المادة 2 من القانون المعدل، لكنها لا تسري على الحالات السابقة لنفاذه، وبالتالي فإن المحاكم ليست ملزمة بالإحالة إلى المجلس في مثل تلك القضايا.

وختم بالقول: "الحقوق التي كسبتها المرأة المطلقة قبل 17/2/2025 تبقى قائمة بموجب التشريعات النافذة لحظة وقوع الطلاق، ولا يجوز الالتفاف عليها تحت أي مبرر قانوني أو ديني".

وأخيرا، ان تعديلات قانون الأحوال الشخصية لم تمر بهدوء، إذ فجرت جدلا واسعا حول سيادة القانون، ودور الدين في التشريع، ومستقبل الدولة المدنية. الجميع يترقب قرار المحكمة الاتحادية، فيما تتكثف جهود المنظمات الحقوقية لإعادة الاعتبار للقانون والدستور وضمان إنصاف المرأة العراقية.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced