تحالف ندى | أحد عشر عاماً على الإبادة الإيزيدية: من سنجار إلى بغداد، لا عدالة تسقط بالتقادم
نشر بواسطة: mod1
الخميس 07-08-2025
 
   

الى الرأي العام:

في الثالث من آب عام 2014، ارتُكبت بحقّ المجتمع الإيزيدي واحدة من أفظع الجرائم في العصر الحديث، إبادة جماعية ممنهجة نفّذها تنظيم إرهابي بوحشيةٍ ممنهجة حصدت آلاف الأرواح، وخلّفت آلاف المختطفين والمختطفات، من شهيدات ومفقودات وناجيات ما زلن يحملن الندوب في الجسد والذاكرة. هذه الجريمة، التي توفّرت لها كل شروط “الإبادة” وفق القانون الدولي، لم تكن مجرد فصلٍ مأساوي في تاريخ العراق، بل اختباراً أخلاقياً ووطنياً لا يزال مفتوحاً أمام الدولة والمجتمع معاً.

بعد مرور أحد عشر عاماً، لا تزال آثار الجريمة حاضرة بوجوهٍ متعددة: أكثر من 2600 من المختطفين والمختطفات في عداد المفقودين، آلاف الناجين والناجيات دون تعويض أو رعاية كافية، عشرات آلاف العوائل العالقة في مخيمات النزوح، بلدات وقرى مدمّرة تنتظر إعادة إعمار، ومقابر جماعية لم تُفتح بعد. كل ذلك، فيما لا تزال العدالة غائبة، والاعتراف الرسمي ناقصاً، والمعاناة مستمرّة.

وفي هذا السياق، لم تكن الفعاليات محصورة بسنجار، بل امتدت إلى بغداد، فأحيا الإيزيديون ذكرى الإبادة في سنجار ومدن عدة، بإصرارٍ على تحويل الذاكرة إلى فعل سياسي، والمأساة إلى صوتٍ للمحاسبة. ففي بغداد، نُظّمت وقفة تأبينية تضامنية في ساحة التحرير بمشاركة مكونات عراقية متنوعة، جسّدت وحدة الدم والمصير، ورفضت اختزال قضية الإبادة ضمن أطر ضيقة. وهذه المرة لا تقف سنجار ضمن حدود معاناتها، بل في قلب الوطن، إيماناً بأنّ صوت الضحايا والناجين والمفقودين يجب أن يكون حاضراً في مركز القرار، ليقولوا: نحن هنا، ونبعث برسالة محبةٍ وسلام، نؤمن من خلالها أننا وكل العراقيين شركاء في الوطن والمحنة، وشركاء في العدالة المرتقبة.

غير أن السلطة الأمنية ردّت على هذا الفعل الوطني السلمي بالتهديد والاستهزاء، إذ تعرّض المنظمون لمضايقات مباشرة، بلغت حدّ الإساءة والتجاوز والتهديد بفضّ الوقفة التأبينية بالقوة يحجة “ازعاج السلطات”. إنّنا في تحالف ندى النسوي الديمقراطي الإقليمي، ندين هذه الانتهاكات، ونعتبرها مساساً خطيراً بحرية التعبير والحق في إحياء الذاكرة. إنّ التضامن مع ضحايا الإبادة ليس جريمة، بل واجبٌ وطني، وإنّ استهداف المشاركين بهذه الفعالية يؤكد عمق الأزمة التي يعيشها العراق في التعامل مع قضاياه الإنسانية.

كما نرفض بشدة أيّ تصنيف للضحايا وفقاً لهوياتهم الدينية أو العرقية، ونؤكد أن هذه العقلية الإقصائية ذاتها هي التي مهّدت للإبادة، وهي اليوم تعيد إنتاج العنف على مستوى الخطاب والسلوك المؤسساتي والمجتمعي. فالعدالة لا تُجزّأ، والشهداء والشهيدات لا يُقسّمون بحسب الانتماء، بل يُكرّمون بما يليق بإنسانيتهم ووطنيتهم.

وبالقدر الذي نرفض فيه اختزال الشهداء في هوياتهم، نرفض كذلك تحويل معاناتهم إلى أوراق سياسية، ونؤكد على ضرورة صون ذاكرة الإبادة من كل أشكال التوظيف السياسي أو الانتخابي، ونشدد على أن العدالة للضحايا يجب أن تُفهم كاستحقاق قانوني وأخلاقي، لا كأداة للتنافس أو الظهور. فكرامة الشهداء والمختطفات والناجين أكبر من أن تُختزل في برامج مرحلية أو حسابات آنية.

كما أننا نؤمن بأن مسؤولية ما جرى لا تقتصر على طرف واحد، بل هي نتيجة تقاعس تاريخي مؤلم لم تتم معالجته إلى اليوم. إننا إذ نسلّط الضوء على جذور هذه الجريمة، فإنّ الإبادة الجماعية التي وقعت بحق الإيزيديين لم تكن وليدة لحظة، بل نتيجة تراكم خطاباتٍ وممارسات متطرفة، تواطأت فيها البنى الأبوية والسلطات الذكورية والتفسيرات التكفيرية، مع صمتٍ اجتماعي طويل الأمد. لقد مهّد التطرف الديني، والتهميش السياسي، والقمع الأبوي، والإفلات من العقاب، وما لم تتم معالجة هذه المنظومة البنيوية، فإنّ خطر تكرار المأساة سيظل قائماً، ولو بأشكالٍ مختلفة.

وقد وثّقت تقارير أممية وأوروبية عديدة، بأن ما جرى في آب 2014 يُعدّ جريمة إبادة جماعية. فيما اعترفت حتى اليوم 14 دولة وهيئة رسمية بها، بينما لا يزال العراق متردداً في الاعتراف الكامل والفعلي بها، لا سياسياً، ولا قانونياً. يُضمّنها في سياساته التعليمية أو الوطنية، ما يخلّف جرحاً مفتوحاً لدى كل ناجٍ وناجية وكل أم تنتظر خبراً عن بناتها وأبنائها.

وعليه نناشد السلطات العراقية الثلاث – التنفيذية، التشريعية، القضائية – وكل القوى الوطنية والمجتمعية العراقية والإقليمية، والمجتمع الدولي وهيئاته الإنسانية والأممية، بالوقوف بجدية ومسؤولية أمام واجباتهم الأخلاقية والإنسانية والتاريخية، ونضع أمامهم المطالب التالية:

1-  الاعتراف الكامل بالإبادة الجماعية من قبل الدولة العراقية، وإدراجها ضمن السياسات الوطنية، والمناهج التعليمية، وخطاب الدولة الرسمي، بما يعكس التزاماً تاريخياً وأخلاقياً تجاه الضحايا.

2- إقرار القراءة الثانية لقانون الإبادة الجماعية للإيزيديين داخل مجلس النواب العراقي، واستكمال الإجراءات التنفيذية المرتبطة به دون تأخير

3- تفعيل وتوسيع قانون الناجيات الإيزيديات (رقم 8 لسنة 2021) ليشمل جميع الناجين والناجيات، رجالاً ونساء، وضمان تطبيقه بعيداً عن البيروقراطية الإدارية.

4- الكشف عن مصير المختطفين والمختطفات من خلال تشكيل لجنة وطنية دائمة بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة.

5- فتح جميع المقابر الجماعية وتوثيقها ودفن الضحايا بما يليق بهم كشهداء وشهيدات، وبما يضمن لذويهم حقّهم في الوداع والعدالة.

6- إعادة إعمار سنجار والمناطق المتضررة وفق خطة شاملة للبنية التحتية والخدمات، تضمن عودة آمنة وكريمة وطوعية للنازحين.

7- ضمان الحماية الأمنية والمجتمعية لمناطق الإيزيديين، وتحديد ترتيبات أمنية لا تسمح بتكرار ما جرى، مع ضمان إشراك السكان المحليين في إدارة مناطقهم.

8- حاسبة جميع الجناة والمتورطين في جرائم الإبادة ضد الإيزيديين داخل وخارج العراق، عبر القضاء الوطني والدولي، ومنع الإفلات من العقاب.

إنّ هذه الإبادة، التي لم تنتهِ بعد، تذكّرنا يوماً بعد يوم بواجبنا تجاه الضحايا، وخاصة النساء اللواتي حملن ندوبها في أجسادهن وذاكرتهن. ومن موقعنا كتحالف نسوي ديمقراطي إقليمي، نُجدّد التزامنا بمواصلة النضال من أجل عدالة شاملة لا تسقط بالتقادم، ومن أجل كرامة تُنصف الشهداء والمختطفات والناجيات، وتُعيد الحق لأهله، مهما طال الزمن .لذا نرفع صوتنا مجدداً، مطالبين بحقوقٍ لا يمكن تأجيلها، وكرامةٍ لا ينبغي المساومة عليها.

6 آب 2025

تحالف ندى

(التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي)

في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced