الإسلاميون والمرأة.. لماذا كل هذا الهوس؟
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 10-09-2025
 
   
إبراهيم عيسى

في برنامجه على المنصات الرقمية لـ”الحرة”، تناول الكاتب والصحافي إبراهيم عيسى هذا الأسبوع هوس الجماعات الإسلامية بقضية المرأة والجنس، وكيف يتم استغلال قضية المرأة سياسيا في سبيل الوصول إلى السلطة.

النص التالي هو أهم ما جاء في الحلقة، أعيد تحريره لتسهيل القراءة.

تعيش المرأة في قلب عاصفة فكرية صنعها الإسلاميون. فهم يشغلون عقولهم وفتاواهم بها إلى حد الهوس. هذا الهوس لا يمكن النظر إليه إلا بتأمل ورؤية أوسع.

في القرون الأولى من الإسلام لم يكن المجتمع المسلم بهذا القدر من التزمت.

كان هناك انفتاح. كانت الأسواق تضم نساء ورجالاً يتعاملون، كانت هناك حركة اجتماعية طبيعية. من صدر الإسلام وحتى العصور اللاحقة، لم يكن الحال عدائياً تجاه المرأة كما هو اليوم.

فما الذي حدث؟ ما الذي تغير؟

هوس مرضي

عندما نتحدّث عن هوسٍ جنسيٍّ لدى التيّارات الإسلاميّة، بكل أطيافها من السياسيّ إلى التكفيريّ، وحتى التقليديّ السلفيّ، فإننا لا نبالغ أبدًا.

قد يظنُّ المرءُ أنهم لا يفكّرون إلا في المرأة والجنس، وكأنّ هذا الهوس بلغ بهم حدًّا مرضيًّا يستدعي علاجًا نفسيًّا.

هذا الهوس قد يدفعُ بالجماعات بأكملها للذهاب إلى طبيبٍ نفسيّ. فالأمراضُ النفسيّةُ الشهيرةُ تقوم على ثلاثةِ أعمدةٍ: الدين والجنس والسياسة.

ويبدو أن هذه الأعمدة قد تزاحمت في عقول هؤلاء التكفيريين، حتى صار الأمرُ يتطلب محلّلاً نفسيًّا أكثر من كونه محللاً سياسيًّا أو حتى مفكرًا دينيًّا أو اجتماعيًّا.

أفضلُ مثالٍ على هذا الهوس هو ما تفعله حركةُ طالبان في أفغانستان تجاه المرأة اليوم. من منعها من الخروج، والتعليم، ومن الزيّ الذي يخفيها تمامًا حتى عينيها. هذه هي أحلامُ الإسلاميين في كلّ مكان، وقد استطاعوا تحقيقها في أفغانستان، لكنهم لم يتمكنوا منها بعد في غيرها من البلدان.

عندما ظهرت داعش ودولة الخلافة المزعومة في عامي 2015 و2016، كانت المرأةُ بالنسبة لهم تحظى بهذا القدر من الهوس.

روح الصحراء

في القرون الأولى للحضارة الإسلاميّة كانت المرأة حاضرة بقوة في المجتمع. كانت تتاجر وتبيع وتعمل وتدرس وتقرأ القرآن في المساجد.

لم يكن هناك هذا الانغلاق، ولا هذه الروح المتزمتة التي تجد المرأة نفسها فيها مخنوقة ومحبوسة داخل فقه وفتاوى، أو داخل مجتمع منعزل تمامًا.

بالعكس، قوامُ التاريخ الإسلاميّ كله بعد النبيّ قائمٌ على امرأتين، سيدتين: فاطمة وعائشة.

من فاطمة وُلد المذهب الشيعي، أما عائشة فيمكن القول إنها “جذرٌ من جذور الخلاف الإسلامي” الذي أدى إلى أهل السنة والجماعة. الصراع الذي تمّ في صدر الإسلام كان صراعًا بين مجموعتين، رمزهما فاطمة وعائشة.

وبغض النظر عن طبيعة الصراع، كانت المرأة لاعباً أساسيًا ورئيسيًا في التاريخ الإسلامي، بل وفي المذهب الدينيّ من اللحظة الأولى.

حتى في العصر الأموي والعباسي كانت المرأة موجودة وحاضرة، سواء في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، أو التجارية، أو الفنية، أو الإنسانية. وعندما تقرأ الكتب والتاريخ، تجد المرأة مؤثرةً إلى حدٍّ كبير.

حتى الكلامُ في الجنس كان متاحًا ومباحًا، سواء في الأشعار والقصائد، أو في قصص الحب على طريقة قيس وليلى وما إلى ذلك، أو في الكتب التي صدرت عن الأئمة والفقهاء. أقرأوا فقط ما قاله السيوطي، وابن حزم، والنفزاوي عن المرأة والجنس والمتعة.

من أين جاءت حالة العداء هذه إذن؟ ما الذي جعل الجماعات الإسلامية على هذه الدرجة من الهوس بالمرأة والجنس؟

البعض يظن أن الأمر مرتبط بتأثر مفترض بالفقه المسيحي أو اليهودي. “الإجابة لا. هذه الروح لم تأت من الأديان الأخرى، بل من روح الصحراء والبداوة والذكورية”. ثم جاء التصحر في الفهم الديني في المراحل التالية، ربما في عهد الدولة العثمانية، وربما تأثرت هذه الروح أيضاً بما كان سائداً في القرون الوسطى في أوروبا من تحقير للمرأة وتشييئها. لكن في النهاية، الأمر أصبح جزءاً من مشروع سياسي.

المرأة هدف سياسي

إذا كان هذا التزمت لم يأت من جوهر الدين، فما هو السبب الحقيقي وراءه؟ الإجابة تكمن في “الاستخدام السياسي للدين” من أجل تحقيق أهداف الحكم والسيطرة.

تسعى التيارات الإسلامية إلى الحكم عبر “ضعضعة المجتمع وتفتيته” كخطوة أولى. تبدأ بـ”القسمة الأولى” بين الرجل والمرأة. ثم تتسع هذه القسمة لتشمل المذاهب، ثم الأديان، ثم تنتهي بتقسيم الأتباع حتى لو كانوا من نفس الدين. هذه العملية المستمرة من التفتيت تهدف إلى عزل المجتمع وتقسيمه ليكون أسهل للسيطرة عليه.

استهداف المرأة، كأول خطوة في هذه الاستراتيجية، ليس صدفة، بل خيار مقصود. فالمرأة تُعَد “الطرف الأضعف”. السيطرة على المرأة تُعد نصراً مرئياً وملموساً يمكن تقديمه كدليل على تطبيق الشرع. إنها أسهل طريقة لبدء عملية “التفتيت” الاجتماعي.

يتضح هذا الاستخدام السياسي بشكل جلي في قضية الحجاب. ففي ستينيات القرن الماضي مثلا، كان مظهر المرأة المسلمة يخضع في الغالب للأعراف والتقاليد المحلية، وليس لضرورة دينية.

في الكويت مثلاً، لم تكن المرأة محجبة بالضرورة، بينما في مناطق أخرى كانت لا تزال بالبرقع. وكان وضع المرأة في صعيد مصر يختلف عن وضعها في الدلتا، كما كانت المرأة في دمشق تختلف عن المرأة في العشائر السورية. لقد كان وضع المرأة يستند إلى الجغرافيا والعرف والعصر لا إلى الدين بشكل صارم.

لكن في السبعينيات، ومع ظهور ما سُمّي بـ”الصحوة” والغزو السلفي الوهابي، عملت الجماعات الإسلامية على “التغلغل” في المجتمع. وقد وجدوا في المرأة، باعتبارها الطرف الأضعف، عنواناً يمكنهم من خلاله إظهار سيطرتهم. فقرروا نشر فكرة أن الحجاب “فريضة”.

تحولت المرأة في هذا السياق من مجرد كائن طبيعي إلى نموذج للسيطرة، كما تحولت النظرة إلى الجنس من “فقه النكاح” الذي كان يتحدث عن الحب والمتعة، إلى “جهاد النكاح” الذي يستخدم المرأة كسلاح سياسي، جهادي، وترفيه للإرهابي.

هذا التحول من مفهوم شرعي إلى سلاح سياسي يبرهن أن الدافع الحقيقي وراء هذا التزمت هو السلطة وليس التقوى.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced