في مجتمعات تُثقلها الذهنية الذكورية، يتحول الطلاق من حق طبيعي إلى عقوبة غير معلنة، فالمطلقة تواجه أحكام الناس قبل أحكام القضاء، وتُحاصر بواقع اقتصادي هش، وتُجبر على التنازل عن حضانة أطفالها إذا اختارت الزواج مجدداً. إنها قصة نساء يواجهن قدراً لا يرحم، بين مجتمع متشدّد وقوانين جائرة.
في هذا السياق، تحدثت الناشطة وعضو تحالف ندى بشرى أبو العيس لـ”روج نيوز”، مؤكدة أن “النظرة الاجتماعية للمرأة المطلقة في الشرق، وخصوصاً في البلدان الإسلامية، تختلف جذرياً عنها في المجتمعات الأوروبية بسبب الخصوصيات الثقافية والاجتماعية، وترى أن هذا الاختلاف يضع المرأة المطلقة في دائرة ضغوط مضاعفة.
وتوضح بشرى، أن “المرأة المطلقة غالباً ما تواجه التحديات الأولى من أسرتها نفسها، خاصة إذا كانت صغيرة السن، أو لديها أطفال صغار، أو تفتقر لعمل ووضع اقتصادي مستقر، حيث تصبح تحت هيمنة العائلة، وبالأخص الهيمنة الذكورية السائدة في المجتمع”.
وتابعت أن التحديات تختلف من مجتمع لآخر تبعاً للوضع الاقتصادي والفارق بين الريف والمدينة، لافتة إلى أن “غياب الحماية القانونية العادلة يجعل المرأة أكثر عرضة للهشاشة، القانون لا يحتسب الظروف الخاصة للنساء، وبالتالي لا يستطيع أن يحميها أو يوفّر لها مقومات حياة كريمة”.
وتقول “نحن نرى اليوم ارتفاعاً في نسب الأميات والعاطلات عن العمل بين النساء، وهذا نتيجة مباشرة للهيمنة الذكورية، لذلك حين نتحدث عن أغطية الحماية، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية، يجب أن نفكر بها وفق النوع الاجتماعي، والمنطقة الجغرافية، وظروف المرأة، وهل لديها أطفال أم لا، لأن هذه العناصر تحدد مصيرها”.
وتصف هذه الظاهرة بأنها “تحولت إلى وضع رجعي يضع المرأة دائماً في موقع الدفاع، تحاول فيه أن تحمي نفسها من الاتهام والتهميش، ما يجعلها تواجه واقعاً سلبياً يثقل كاهلها”.
واختتمت الناشطة حديثها بالقَول، “الطلاق حق شرعي وقانوني مثل الزواج، لكن المرأة في مجتمعاتنا حين تمارس هذا الحق تجد نفسها في مواجهة قوانين وتشريعات تضعها في موقع الضعف. ففي حال رغبت بالزواج مرة أخرى، وكانت لديها أطفال، قد تُحرم من حضانتهم بسبب القوانين الظالمة التي تُجبرها على الاختيار بين أمومتها وحياتها كإنسانة”.
ظاهرة الطلاق ليست جديدة، لكنها آخذة بالتصاعد في مجتمعاتنا الشرقية، حيث تتشابك أسبابها مع ضعف العدالة الاجتماعية، وغياب التشريعات المنصفة، وتعمّق الهيمنة الذكورية، وفي ظل غياب سياسات حكومية تضمن حقوق النساء المطلقات، تظل هذه الفئة الأكثر هشاشة، تدفع ثمن التقاليد الجامدة والقوانين غير العادلة، لتتحول من صاحبة حق إلى ضحية مجتمع ونظام سياسي لم يضع العدالة بين الجنسين في سلّم أولوياته”.