فيلم (ضع روحك على كفك وإمش ) مصورة فلسطينية في فرنسا بعد موتها في غزة
نشر بواسطة: mod1
الخميس 25-09-2025
 
   
ترجمة : عدوية الهلالي -المدى

فاطمة حسونة، المصورة الفلسطينية التي قُتلت في غزة، خاضت معركتها الأخيرة في فيلم «ضع روحك على يدك وامشِ». لقد عُرض هذا الفيلم الوثائقي المروع لمخرجة إيرانية تعيش في المنفى بفرنسا في مهرجان كان السينمائي في آيار الماضي، ويُعرض الآن في دور العرض مع استمرار تدهور الوضع في قطاع غزة ليكون شهادة مؤثرة بقدر ما هي ضرورية.

عنوان الفيلم، الذي يُعرض في دور العرض ابتداء من 24 أيلول، «ضع روحك على يدك وامشِ»،وهو مُقتبس من عبارة قالتها فاطمة حسونة0: «عندما تذهب إلى غزة، تضع روحك على يدك وتمشي». كان من الممكن أن تُسمى هذه المعركة الأخيرة لفاطمة لأن شهادة هذه المصورة الفلسطينية الشابة هي جوهر الفيلم الوثائقي الذي أخرجته الفرنسية الإيرانية زبيدة فارسي.

كان من المفترض أن تحضر فاطمة حسونة مهرجان كان السينمائي في آيار الماضي، إذ اختاره صناع فيلم «أسيد» (جمعية السينما المستقلة) لتوزيعه. لكن فاطمة قُتلت بصاروخ من الجيش الإسرائيلي، وهي في الخامسة والعشرين من عمرها فقط، قبل أن تتمكن من الفرار من «سجن غزة» لتشهد بنفسها على المصير المرير الذي حلّ بأبناء وطنها.

وأوضحت المخرجة، وهي سجينة سياسية سابقة في إيران، عاشت في المنفى في فرنسا أربعين عامًا، حول غيابها أن الكاميرا كانت «سلاحًا» بالنسبة للمصورة الشابة، وأنها أرادت «موتًا صاخبًا ومدويًا». ويُقدّم هذا الفيلم الوثائقي سردًا مرعبًا، وإن كان ضروريًا، لمعاناتها وموتها البطيء.

في بداية الفيلم، تروي زبيدة فارسي محاولتها الفاشلة للسفر إلى غزة، عبر مصر، لتصوير فيلم وثائقي. وفي القاهرة، التقت بلاجئين فلسطينيين عرّفوها على فاطمة حسونة. وعبر الهاتف، سألت هذه المصورة الشابة، التي كانت في الرابعة والعشرين من عمرها آنذاك، إن كانت ترغب في تصوير غزة، الأمر الذي أصبح مستحيلاً على الأجانب. كانت مأساة غزة تتكشف خلف أبواب مغلقة، حيث فرضت السلطات الإسرائيلية حصاراً على الصحفيين الدوليين. لهذا السبب ،وافقت الشابة الغزية، المتلهفة لتوثيق هذه الحرب، على إعارة عينيها لزبيدة. ثم بدأ حوارٌ مفاجئٌ عن بُعد بين هاتين المرأتين، وهما من جيلين مختلفين ويفصل بينهما خمسة وثلاثون عاماً. يشهد الفيلم الوثائقي على حياة فاطمة منذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023 في إسرائيل، ولكنه يشهد أيضاً على نشأة صداقتهما عبر الشاشة إذ كانتا تتواصلان باللغة الإنجليزية.

أكثر ما يلفت انتباهنا هو ابتسامة فاطمة المبهرة في بداية الفيلم،وهي ابتسامة عريضة تأسر القلوب وتضيء وجهها بنور قديسة. ترتدي الشابة، التي تبدو عليها علامات الغزل، حجابًا ملونًا، وغالبًا ما تخفي نظارتها عينيها الخضراوين الواسعتين. ومن حولها، على شاشة هاتفها المحمول الصغيرة، يظهر أحباؤها أحيانًا: أطفال صغار، وشقيقاها اللذان يبلغان من العمر 20 و15 عامًا، ووالدها.

ابتداءً من 24 نيسان 2024، حالما سمح لها الاتصال عبرالإنترنت، تُخبر فاطمة زبيدة، بذكاءٍ وفهمٍ نادرين، عن حياتها اليومية. فهي تُصوّر وتصف العالم الذي ينهار حرفيًا من حولها. هذه المرأة الملتزمة لا تغفل أبدًا عن أن كلماتها تُسجّل باستمرار. وبحديثها مع زبيدة، تُخاطب العالم، وتُخاطبنا نحن المشاهدين. وفيما يتعلق بالفلسطينيين، تُؤكد بجرأةٍ قائلةً: «نحن أشخاصٌ مهمون في العالم.. سنضحك ونعيش حياتنا، شئنا أم أبينا».

وعندما يبدأ الحوار في ربيع عام ٢٠٢٤، تكون فاطمة قد فقدت بالفعل ثلاثة عشر من أحبائها، بمن فيهم عمتها التي قُطع رأسها في القصف. أما أسئلة المخرجة البسيطة والمباشرة فهي نفسها التي نطرحها على أنفسنا عندما نشاهد الصور المروعة لقطاع غزة المدمر على التلفزيون: ماذا تشرب، ماذا تأكل، كيف تختبئ، هل تشعر بالخوف؟

وتكمن المشكلة الرئيسية في جودة الفيلم الوثائقي إذ يبدو كل شيء مُرتجلًا ومُركّبًا، مثل مقاطع فيديو الهواة المنتشرة بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا الأمر سهل الفهم بالنسبة لفاطمة، التي تُصوّر نفسها في منطقة حرب، تُقذف من مخبأ إلى آخر. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للمخرجة، الجالسة في شقتها الباريسية، التي تُصوّر شاشة هاتفها دون تثبيت الجهاز.فالصور تتقطّع باستمرار، مما يُسبّب إزعاجًا للمشاهدة ويُعيق الفهم أحيانًا.وفي جهدٍ جديرٍ بالثناء لعرض الواقع كما هو، تُسلّط زبيدة فارسي الضوء على انقطاعات الإنترنت المُتكررة والجهود التي تبذلها فاطمة لمشاركة قصتها مهما كلف الأمر. ربما لم يكن من الضروري تكرار ذلك، خشية أن يُثبّط ذلك همّة بعض المُشاهدين.

رغم هذه الهفوات، التي تبدو تافهة مقارنةً بالتحديات، لا بدّ من الإنصات إلى فاطمة حتى النهاية. لابد أن نسمع أحلامها بالسفر إلى روما، بالدجاج، وبالشوكولاتة. أن نفهم مصادر صمودها. أن نستمع إلى غنائها. أن نرى ابتسامتها الجميلة تتلاشى تدريجيًا، أن نشعر بالتعب يتسلل إلى ملامحها مع الاكتئاب، أن نقيس آثار المجاعة على جسدها. حتى النهاية، لا بدّ من الإعجاب بصور فاطمة حسونة الرائعة، التي تُزيّن الفيلم بأكمله، وصولًا إلى هذا المشهد المؤثر الذي صُوّر بين أنقاض غزة .

ينتهي الفيلم الوثائقي بآخر محادثة بين الصديقتين، في 15 نيسان 2025. أخيرًا، لدى المخرجة خبر سارّ لتشاركه مع فاطمة: لقد اختير فيلمهما لمهرجان كان السينمائي الشهير. وتستغرق المرأة الغزّاوية المنهكة بعض الوقت لفهم ما يجري قبل أن تقول: «رائع» لكنها تريد السفر إلى فرنسا فهل صدقت الفتاة حقًا أنها تستطيع مغادرة جحيم غزة وعبور البحر الأبيض المتوسط؟ لن نعرف ذلك أبدًا فقد لقيت فاطمة حتفها في الليلة التي تلت هذا التسجيل الأخير، ضحيةً مع إخوتها وأخواتها لصاروخ إسرائيلي أودى بحياة سبعة من أفراد عائلتها، ولم ينجُ سوى أمها المسكينة.

وفيما يتعلق بالحرب في غزة، قالت الشابة الفلسطينية: «لا أعرف متى، لكنني أعلم أنها ستنتهي». فلنأمل أن تكون على حق يومًا ما، وفي أقرب وقت ممكن.

تقول المخرجة زبيدة فارسي عن الفيلم :»ضع روحك على يدك وامشِ» هو ردّي كمخرجة على المجازر المستمرة بحق الفلسطينيين. لقد حدثت معجزة عندما التقيت بفاطمة حسونة ، إذ أعارتني عينيها لأرى غزة.. كانت تقاوم بتوثيق الحرب، وأصبحتُ حلقة وصل بينها وبين بقية العالم، من «سجن غزة» كما كانت تسميه. حافظنا على هذا الترابط لأكثر من 200 يوم. وأصبحت تلك اللقطات والأصوات التي تبادلناها هي الفيلم الذي تشاهدونه. لكن اغتيال فاطمة في 16 نيسان 2025، إثر هجوم إسرائيلي على منزلها، غير معناه إلى الأبد.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced