قمتُ يوم الخميس 28 أوكيستي- آب 2025زيارة المكتبة المركزية لمدينة ستوكهولم في ضاحية أودن بلان المثيرة التي تحوي على ما يقارب المليون كتاب بجميع لغات العالم ، أنزويت في القسم المخصص للغة العربية والأنكليزية وسط صمت مثير للقراء ، أخترتُ حينها : رواية أنا يوسف للروائي الأردني أيمن عتوم وأحتويتها حسب نظام الأستعارة .

تأريخ الأصدار 8-9-2019

عدد الصفحات 355

الناشردارالمعرفة للنشر والتوثيق

وصف الكتاب أدب يعتمد على الحوار والخيال الفنتازي ، هل يطفيء الحزن ضوء العيون ؟ وجاء صوت الحزن نفسهُ : إن ضوء العينين ينطفيء إذا كان الحزن على من كان ضوء هاتين العينين ، ومشاعر خفية كشفها الروائي اللبيب والحاذق العتوم :

-مشاعر يوسف وهوفي البئر لعدة ليالي ، وكذا هو في السجن 12 عاما وهوبريء

- تفسير ملكة متوجة تحبُ عبداً حد الجنون !؟

- وكيف صبر يعقوب 40 سنة في غياب صغيره يوسف العزيز

الكتاب من أروع ما كُتب في سيرة يوسف فقد جاد وأبدع قلم العتوم في رسم ملامح القصة بأبهى صورة مستعينا بالجمال اليوسفي ، رواية " أنا يوسف" عمل أدبي رائع للروائي الأردني وليس الفلسطيني- كما ورد في ارشيف مقدم الكتاب – تعتبر الرواية من أشهر أعمال العتوم يعرض سرديات الحكاية حسب منظوره الشخصي يطرح تساؤلات مثيرة حول صبر يوسف في تحمل ظلمات القعر البارد للبئر لعدة ليالي كئيبة وتلقي الشيبة البيضاء الخبر الصادم والمؤلم ، أستغرقت قراءتي للكتاب سبعة أيام كنتُ ألتهم الصفحات ألتهاما وعقارب الساعة تنافسني بالتهام الدقائق التهاما ، وفي غفلة من أدراكي المأسور بسحر الرواية أرى الساعة تشير إلى الثالثة بعد منتصف الليل يخيل لوعيي المأسور سماع صوت أفتراضي وبأعلا نبرة (القراءة خير من النوم ) ، وحب الأستطلاع دفعني في البحث التأريخي عن ورود قصة يوسف فيها ، فوجدتُ قي العهد القديم وتحديدا في سفر التكوين الأصحاحات 30-50 حيث تروي تغاصيل قصة حياة يوسف بن يعقوب بشكل مغاير بعض الشيء تذكر شخصية يوسف الكاريزمي من قبل والده مما أثار غيرة أخوته ، بدأت الحكاية :

-مرحلة الحلم رواهُ يوسف ببراءة طفولية ( رأيت نفسي كالشمس القمر والنجوم يسجدون لي ) مما زاد نيران غيرة أخوته ،

- ثم تنتقل القصة إلى مرحلة ( النخاسة ) سوق العبيد حيث خطط الأخوة الأعداء بيع يوسف لمجموعة من التجار المارة لمصر وأشتراه العزيز بدراهم معدودات ، وتمكن أن يثبت كفاءته وولاءه أن يرتقي مركزا ماليا رفيعا ( العهد القديم) مغاير لسيناريو البئرالوارد في القرأن الكريم .

- مرحلة تفسير الأحلام حيث أشتهر به يوسف وصلت أخباره إلى الملك حيث جعله مستشارا له .

- مرحلة العفو والغفران عندما يأتي اخوته لصواع الملك لبيع بضاعتهم من الحنطة عرفهم يوسف لكنهم لم يعرفونه فأضطر أن يكشف هويته ويجمع شمل العائلة ، ويتم لقاء الحبيب بالحبيب يعقوب ويوسف عند ضفاف النيل الخالد .

وحسب مفاهيم قواعد الأدب المقارن أرى ميل الكاتب اللبيب أيمن العتوم إلى (تماهي) روايته أنا يوسف برواية الأخوة كارمازوف لديستوفيسكي من حيث ثيمة الخير والشر والتي هي محور الجدل الكراهية والغيرة وبنهاية تراجيدية ويبرز العتوم

ثمة أفكار رئيسة في روايته أنا يوسف : الغيرة ، الصبر ، العفة ، الغفران ، الايمان ، أوجزها الروائي بمحاور

-الخير والشر

- الصيرفي المحن

- الحب بمفهومه الأنساني

رغم إن كثير من الناس يعرفون نهاية الحكاية فإن الرواية تعتمد على التشويق في وصف التفاصيل في أعماق النفس البشرية كما إن الكاتب حرص على أن لا يخرج عن الثوابت الدينية في النص القرأني بيد أنهُ أضفى وصفا فنيا شيقا أثناء السرد النصي للرواية ، وهكذا ترسو المشاعر المتضاربة عند شواطيء نهر النيل الخالد حيث يلتقي المحب حقاً بالمحبوب صدقا حيث يعانق الأبن البار الشيبة البيضاء وهكذا تسير الأيام { تذلُ عزيزاً وتعز ذليلا }

كاتب وناقد أدب عراقي مغترب

في أكتوبر2025