وباء الشهادات المزيفة في العراق يهدد حياة المواطنين
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 08-10-2025
 
   
ترجمة : المدى

تواجه المؤسسات الصحية والتعليمية في العراق أزمة غير مسبوقة نتيجة انتشار الشهادات الأكاديمية المزيفة، ما تسبب بدخول آلاف الأطباء والمعاونين غير المؤهلين إلى المستشفيات والعيادات، وأدى إلى ارتفاع الأخطاء الطبية والوفيات التي كان يمكن تفاديها، في ظل ضعف إجراءات المتابعة والمحاسبة.

يشير تقرير نشره موقع «ميديا لاين» الأميركي، وترجمته المدى، إلى أن العراق يعاني «وباءً» من الشهادات الجامعية المزورة، التي تُشترى عبر الرشاوى والفساد أو بوسائل احتيالية أخرى داخل البلاد وخارجها، ما جعل تأثيرها يمتد من قاعات الدراسة إلى أعلى المناصب الحكومية.

ويحذر التقرير من أن أخطر أشكال هذه الظاهرة هو انتشار الشهادات المزيفة في مجالات الطب والصحة، إذ تسلل آلاف غير المؤهلين إلى النظام الصحي، فتسبّبوا بكوارث إنسانية وصلت إلى حالات إعاقة دائمة ووفاة.

يقول الدكتور مهدي محمد، العضو السابق في نقابة الأطباء العراقية، إن «ما لا يقل عن 30 % من العاملين في المجال الطبي بالعراق يحملون شهادات غير حقيقية»، مضيفًا أن كثيرين منهم درسوا في بلدان معروفة بانتشار «مصانع الشهادات»، فيما اشترى آخرون شهاداتهم من جامعات أهلية داخل العراق من دون استحقاق أكاديمي.

ويضيف محمد أن «الطب مختلف عن بقية التخصصات؛ فغياب الكفاءة الحقيقية لا يؤدي إلى أخطاء مهنية فحسب، بل إلى إحداث ضرر جسيم للمريض، قد يصل إلى الوفاة».

وتبرز المشكلة بشكل خاص في مجالات الطب التجميلي وطب الأسنان، حيث تكررت حوادث سوء الممارسة المهنية، في ظل غياب رقابة حقيقية.

ولا تقتصر الأزمة على القطاع الصحي. فبحسب موظف في وزارة التخطيط يدعى صادق (ت)، فإن «أكثر من نصف الوزراء والمديرين والسياسيين العراقيين ربما يحملون شهادات مزورة»، مضيفًا: «الجميع يعرف ذلك، لكن لا أحد يجرؤ على محاسبتهم».

ويشير التقرير إلى أن بعض العراقيين لا يسعون من وراء الشهادات المزورة إلى الوظائف، بل إلى المكانة الاجتماعية. رجل الأعمال رافد خلف قال للموقع: «أردت فقط اللقب الأكاديمي لأبدو متعلماً، فالشهادة تغيّر نظرة الناس إليك حتى لو حصلت عليها في عامين بدلاً من أربعة».

ووفق التقرير، أصبحت تجارة الشهادات المزيفة صناعة مربحة في الداخل والخارج، خصوصًا في لبنان، حيث تُباع شهادات الماجستير بأسعار تتراوح بين 5 و15 ألف دولار، والدكتوراه بين 10 و20 ألف دولار. وفي عام 2023 اكتشفت السلطات العراقية أكثر من 27 ألف شهادة مزورة صادرة من مؤسسات لبنانية، ما دفعها إلى تعليق الاعتراف بتلك الشهادات مؤقتاً.

كما أشار التقرير إلى أن عشرات الجامعات الأهلية العراقية، المرتبطة بأحزاب أو عوائل نافذة، تُصدر شهادات جامعية من دون التزام بالمعايير الأكاديمية أو القوانين المعتمدة في الجامعات الرسمية.

وحكى الأكاديمي العراقي أمجد حسين تجربته قائلاً: «حصلت على الدكتوراه في علوم الحاسوب من جامعة لبنانية بعد أن اشتريت أطروحة الماجستير بخمسة آلاف دولار، ثم أطروحة الدكتوراه بعشرة آلاف. الأستاذ الذي باعني الأطروحة أعطاني أيضاً أسئلة المناقشة وإجاباتها».

وفي عام 2020، أقرّ البرلمان العراقي قانوناً للاعتراف بالشهادات سمح لعدد كبير من حاملي الشهادات المزورة بالإفلات من العقاب، إذ لا يُحاسب الموظفون والمسؤولون على صحة شهاداتهم ولا تُتخذ ضدهم إجراءات قانونية. ويحذّر الدكتور محمد الربيعي، الأكاديمي العراقي المتقاعد، من أن «الشهادات المزورة تشكّل خطراً على مصداقية الدولة، وتقوّض ثقة الناس بمؤسساتها. تجاهل هذه الممارسات يفضح ضعف النظامين القانوني والتعليمي، ويعمّق الفساد الإداري».

ويضيف أن «هذه الظاهرة تضر بسمعة العراق الدولية، وتعيق التعاون الأكاديمي وتبادل المعرفة، مما يعزل الجامعات العراقية عن العالم ويهدد مستقبل البلاد». أما الدكتور هادي علوي، المسؤول السابق في وزارة التعليم العالي، فقال إن تجارة الشهادات المزورة «متجذّرة بعمق، وتكلف الدولة مئات ملايين الدولارات سنوياً»، مضيفاً أن «المنظومة التعليمية تنهار تدريجياً لأن المناصب تُمنح لغير المؤهلين، ما يفقد المجتمع ثقته بالعلم والمؤسسات».

ويخلص التقرير إلى أن «الارتفاع الكبير في عدد الشهادات المزورة يمزّق النسيج المدني في العراق، ويقوّض النظام الصحي، ويفسد مؤسسات الدولة»، محذراً من أن غياب حملة وطنية جادة لمكافحة الظاهرة سيؤدي إلى تفاقمها بشكل يهدد مستقبل البلاد.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced