أدوات الرقابة غير فاعلة ولا تردع المال السياسي.. مختصون: سقف الإنفاق الانتخابي يكرّس عدم التكافؤ بين المرشحين
نشر بواسطة: mod1
الأربعاء 08-10-2025
 
   
طريق الشعب

أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، لائحة جديدة بالتعليمات الخاصة بالإنفاق المالي على الحملات الدعائية التي تنفذها الشخصيات والتحالفات السياسية المرشحة لخوض الانتخابات البرلمانية العامة المقررة في 11 تشرين الثاني المقبل، إذ حددت مبلغ 250 دينارا عن كل ناخب، ينفقه المرشح في داخل المحافظة الواحدة. وهذا يعني أن السقف الأعلى المسموح للتحالفات إنفاقه، يكون ناتج ضرب المبلغ المخصص لكل مرشح في عدد مرشحي التحالف.

ووفقاً للقانون، جاءت العاصمة بغداد في المرتبة الأولى من حيث سقف الدعاية الانتخابية، إذ يبلغ عدد ناخبيها 4 ملايين و314 ألفًا و866 ناخبًا، وطبقا للائحة، يصل السقف الأعلى فيها إلى مليار و78 مليونًا و716 ألفًا و500 دينار عراقي للمرشح الواحد!

فيما حلت محافظة نينوى في المرتبة الثانية بسقف إنفاق بلغ 525 مليونًا و607 آلاف و250 دينارًا، تلتها البصرة بمبلغ 405 ملايين و713 ألفًا و750 دينارًا، ثم السليمانية بـ 300 مليون و414 ألفًا و500 دينار، وبابل بـ 286 مليونًا و364 ألفًا و500 دينار، والمثنى بـ 284 مليونًا و673 ألفًا و500 دينار، ثم أربيل بـ 271 مليونًا و970 ألف دينار.

وجاءت بعد ذلك ديالى بسقف قدره 262 مليونًا و785 ألفًا و750 دينارًا، تلتها الأنبار بـ 245 مليونًا و117 ألفًا و750 دينارًا، ثم كركوك بـ 239 مليونًا و535 ألفًا و250 دينارًا، وميسان بـ 213 مليونًا و762 ألفًا و250 دينارًا، وصلاح الدين بـ 209 ملايين و567 ألفًا و500 دينار، وواسط بـ 196 مليونًا و946 ألف دينار، ودهوك بـ 194 مليونًا و711 ألفًا و500 دينار، والنجف بـ 182 مليونًا و267 ألفًا و500 دينار، وكربلاء بـ 169 مليونًا و889 ألف دينار، وذي قار بـ 153 مليونًا و786 ألفًا و750 دينارًا، فيما جاءت الديوانية في المرتبة الأخيرة بسقف دعائي بلغ 127 مليونًا و716 ألفًا و750 دينارًا.

وبناءً على هذه الأرقام، فإن الحد الأعلى المسموح لتحالف انتخابي يمتلك 138 مرشحًا في بغداد يبلغ نحو 149 مليار دينار، وإذا ما طُبّق ذلك على بقية المحافظات، فإن التحالف الواحد يسمح له بصرف تريليون دينار على أقل تقدير على حملته الانتخابية، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول جدوى تحديد الحد الأعلى للإنفاق الانتخابي.

سقف الإنفاق مرتفع جداً

من جهته، انتقد المختص في الشأن الانتخابي دريد توفيق، آليات المفوضية في ضبط الإنفاق المالي للحملات الانتخابية، مؤكداً أن المفوضية "حددت التعليمات، لكنها لم تصدر العقوبات على مخالفتها".

وقال توفيق إن سقف الإنفاق الحالي مرتفع جداً، وكان يفترض أن يكون محدداً بمبلغ ثابت لا يعتمد على عدد الناخبين، لضمان العدالة والتساوي بين المرشحين، مضيفاً أن السقف المالي يجب أن يكون معتدلاً وغير مبالغ به حتى يتيح فرصاً متقاربة بين جميع الأطراف.

وأضاف أن "المشكلة الأساسية تتمثل في أن تبويب الإنفاق المالي تحول من الدعاية الانتخابية إلى شراء الأصوات"، مشيراً إلى أن "المفوضية أنشأت مراصد في كل دائرة انتخابية، بينها اثنان في بغداد بالكرخ والرصافة، لكنها تواجه صعوبة في متابعة الأموال فعلياً".

وبيّن توفيق، أن الكيانات السياسية لم تلتزم بفتح حسابات مصرفية معتمدة لدى المفوضية كما هو مطلوب، ولم تُقدَّم تقارير رسمية عن الإنفاق الانتخابي، مبيناً أن الرقابة حالياً تعتمد فقط على ما يُرى من مخرجات مثل عدد اللوحات واللافتات الدعائية.

واختتم توفيق بالقول: إن المفوضية بمفردها لا تستطيع السيطرة على ملف الإنفاق، وتحتاج إلى فريق ساند ودعم حكومي حقيقي لتطبيق معايير الشفافية والمحاسبة.

ضعف القدرة على الرقابة الفعلية

ورغم أن تحديد سقف أعلى للإنفاق الانتخابي يبدو خطوة تنظيمية تهدف إلى ضبط التنافس ومنع المال السياسي من ترجيح كفة بعض المرشحين على حساب آخرين، إلا أن الواقع العملي في العراق يثير تساؤلات جدية حول جدوى هذا الإجراء.

فالأرقام التي حددتها المفوضية تكشف أن السقوف الموضوعة، تصل إلى مبالغ هائلة تتجاوز قدرة المرشحين المستقلين والقوى ذات الإمكانيات المالية المحدودة وتفتح المجال عملياً أمام القوى السياسية المتنفذة؛ فحين يُسمح للتحالف بإنفاق يناهز التريليون دينار، فإن ذلك يكرّس هيمنة الأحزاب المهيمنة على السلطة بدل أن يحقق العدالة الانتخابية.

أما المشكلة الأعمق، فتكمن في ضعف القدرة على الرقابة الفعلية. فالتجارب السابقة أثبتت أن آليات تتبع حجم الإنفاق الفعلي تكاد تكون معدومة أو شكلية، حيث تُصرف أموال طائلة بطرق التفافية، سواء عبر الوسطاء أو الدعاية غير المباشرة في الإعلام ومواقع التواصل أو حتى عبر شراء الولاءات والخدمات.

وبالتالي، فإن وضع حدود عليا للإنفاق دون وجود أجهزة رقابية مستقلة وفعالة قادرة على التدقيق والمحاسبة لا يتجاوز كونه إجراءً تجميلياً يفتقد للتأثير الواقعي، بل قد يساهم في إضفاء شرعية شكلية على إنفاق ضخم وغير متكافئ، ما يعمّق الفجوة بين القوى المهيمنة على السلطة والمال السياسي والقوى محدودة الامكانات والمستقلين ويضعف تكافؤ الفرص في العملية الانتخابية.

وتضمنت لائحة الإنفاق التي أصدرتها المفوضية تعليماتٍ اخرى، أبرزها حظر قبول أو استلام أي مساهمة مالية من أشخاص أو جهات أجنبية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما يُمنع استلام أي دعم من المؤسسات والشركات العامة الممولة ذاتياً، أو من الشركات التجارية والمصرفية التي يساهم رأس مال الدولة في جزء منها.

ويتوافق هذا الشرط مع إحدى مواد قانون الأحزاب النافذ، والذي يحظر على الأحزاب الارتباط التنظيمي أو المالي بأي جهة غير عراقية، أو توجيه نشاطها بناءً على أوامر أو توجيهات من أي دولة أو جهة خارجية.

لجان لرصد الحملات الانتخابية

من جانب اخر، حذرت مفوضية الانتخابات من استغلال النفوذ الوظيفي وشراء الذمم في الحملات الانتخابية المقبلة.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي إن المفوضية شكلت لجانًا لرصد وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ضمن نظام الحملات الانتخابية، لمتابعة أي استغلال للموارد العامة أو النفوذ الوظيفي، مثل منح كتب شكر، توزيع الأراضي، تقديم وعود بالتعيينات، أو أي استخدام غير قانوني للمرافق الحكومية.

وأكدت الغلاي أن المفوضية تحاسب كل من يخالف القانون، مشيرة إلى توقيع غرامة قدرها 10 ملايين دينار على أحد المرشحين قبل انطلاق الحملات.

وأوضحت أن عملية الرصد مستمرة في المكتب الوطني ومكاتب المحافظات الانتخابية، وأن المفوضية ملتزمة بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 11 تشرين الثاني المقبل، مع نتائج واضحة لإنجازاتها، لا سيما في مرحلة توزيع البطاقات الانتخابية.

من جانبه، أشار المختص بالشأن الانتخابي سعيد كاكائي إلى أن الحملات الانتخابية تتسم بالقوة والتنافس الشديد بين المرشحين والأحزاب، إلا أنها تواجه مشكلة انتشار ظاهرة شراء الذمم.

وأوضح كاكائي، أن القانون رقم 12 لسنة 2018 في الفصل الخامس من قانون الانتخابات يحظر هذه الممارسات من المادة 24 إلى 34، لكن غياب آلية فعالة لمنعها يجعل الظاهرة مستمرة.

 
   
 



 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced