وباء يجتاح المدن والقرى اسمه الأميّة!
نشر بواسطة: Adminstrator
الثلاثاء 20-09-2011
 
   
بغداد - سها الشيخلي
وقفت حسيبة في احد مراكز محو الأمية  لتكتب كلمة ( الرفق بالحيوان ) على  السبورة وهي تحمل طفلتها  أمل  البالغة من العمر 4 سنوات والتي أبت الا ان  تحضر مع أمها حتى وهي تتلقى دروسها وعندما فاجأت عدستنا كل من أمل وحسيبة  لاذت الصغيرة بأمها واخفت وجهها في عباءتها ،



أما أم أمل فقد ابتسمت لنا وهي تشرح كيف استطاعت أن تهرب من مدينتها ( أبو غريب ) قبل سنوات، وكيف لاذت بأهلها في بغداد لتحتمي من أحداث العنف التي كانت جارية  عام 2006 وتختتم أم أمل حديثها قائلة: إنها تأمل الحصول على شهادة الدراسة الابتدائية من احد مراكز محو الأمية في أطراف بغداد ،  لتستطيع أن تعمل وتعيل ابنتها أمل ، بعد أن اختطف الإرهاب والد الطفلة.

كشفت وزارة التخطيط أن شباب العراق يعاني من الأمية بنسبة محزنة تصل إلى 40% وقد يكون أحد أسباب انتشار هذه  الظاهرة هو عدم وعي الأسرة بضرورة انخراط الأبناء في التعليم ، إضافة الى الظروف المعيشية والأمنية والسياسية غير المستقرة التي عاشها المجتمع العراقي في الآونة الأخيرة ، وعدم وجود مدارس قريبة ، ونقص في عدد المدرسين بعد أن غادر بعضهم إلى خارج البلاد،إضافة إلى أن 22.9% من السكان يعيشون دون مستوى خط الفقر، بناء على احدث الإحصائيات والتقارير التي أعدها الجهاز المركزي للإحصاء العراقي ،لذا بات من الضروري أن تعمل الدولة على تخفيف هذه النسبة وإشراك منظمات المجتمع المدني للتقليل من هذه الظاهرة رغم أن العراق قد أعلن عام 1990 خلوه من الأمية .
40% من الشباب أميّون
أشار تقرير أعدته وكالات الأمم المتحدة إلى أن نسبة الأمية في العراق تبلغ 24%،منها 11% بين الرجال، وفي المناطق الريفية 25%،وفي المناطق الحضرية 14% ، واقر مجلس النواب مؤخرا قانون محو الأمية الذي حدد المشمولين به من عمر 15 سنة فما فوق من الذين لا يجيدون القراءة والكتابة .
ووصف مفتش عام وزارة التربية مظفر ياسين خطوة مجلس النواب بمصادقته على قانون محو الأمية بأنها خطوة مهمة في تشريع قانون محو الأمية في العراق، مبينا أن الظاهرة بدأت تنتشر انتشارا كبيرا ، وان الوزارة ستعمل بجهود كبيرة للحد من من الظاهرة ، وقام الجهاز المركزي للإحصاء بمشاركة صندوق الأمم المتحدة للسكان والمشروع العربي لصحة الأسرة في جامعة الدول العربية بمسح شمل مقابلة 6730 أسرة عراقية، موزعة على جميع المحافظات بما فيها إقليم كردستان ، حيث شارك 15080 فردا من عمر 10- 30عاما،ومن نتائج المسح ظهر أن 2و39 %من الشباب العراقي بين الأعمار 25-30 سنة، لا يجيدون القراءة والكتابة ، ولم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة ، بسبب التحاقهم بسوق العمل ، وعدم وجود هدف محدد يريدون تحقيقه .
وبين المسح أيضا أن الشباب بين الأعمار10 -14 لم يستكملوا تعليمهم  وبنسبة 9و13%، لأسباب اقتصادية ، وترك 51%،من الشباب بين 15-24 سنة، دراستهم لعدم الرغبة في مواصلة التعليم .
وينص القانون الجديد على تشكيل هيئة عليا مستقلة لمحو الأمية ذات سلطة تنفيذية مكونة من جهات تربوية وعلمية عدة ولها فروع في جميع المحافظات، كما لها صلاحيات بإصدار عقوبات ضد المشمولين الذين يتخلفون عن الالتحاق بالدراسة من الفئات التي نص عليها القانون وتشمل المواطنين من أعمار 15-55 سنة من كلا الجنسين، ممن لا يجيدون القراءة والكتابة ، وستقوم الجهات ذات العلاقة ، بتنفيذ مهامها وإلزام الدوائر بوضع خطة تحدد فيها التزاماتها في ما يتعلق بالحملة ، وأكدت وزار ة التربية أن تكون الدراسة على مرحلتين تستمر كل منها على سبعة أشهر، تسمى الأولى الأساس، والثانية التكميلي وبينهما عطلة لمدة 15 يوما ، على أن تبدأ الامتحانات في نهاية كل مرحلة على دورين ،وتجري بصورة شفوية وتحريرية ويحق للحائزين على شهادة التكميلي في الصف الخامس الابتدائي مواصلة دراستهم ، ولهم الحق بالاشتراك في الامتحانات البكالوريا للدراسة الابتدائية .
مبادرة وطنية
تحدث للمدى عبد الزهرة الهنداوي من الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط عن اليوم العالمي لمحو الأمية الذي صادف يوم الأربعاء الموافق 8/9 / 2011، حيث تم إطلاق المبادرة الوطنية لخفض نسبة 50% من الأمية، خلال 5 سنوات قادمة ، وقد جاءت هذه المبادرة على أساس المؤشرات التي حددت نسبة 19%، من العراقيين يعانون تفشي ظاهرة الأمية ، وأكد الهنداوي أن هذه النسبة تمثل الواقع الحقيقي وليس رجما بالغيب ، وحدد  أن 26%، من النساء يعانين تفشي الأمية وخاصة  في الريف حيث  ترتفع، عما هو في المدينة ، ولما كان التعليم احد أهم الركائز لخطط التنمية ، جاء الاهتمام بالتعليم ولمن فاتهم قطار التعليم في الصغر يمكن تداركه في محطات لاحقة واللحاق بركب العالم المتمدن ، فكلما كان الشعب متعلما تلاشت مشاكل البطالة والفقر وتراجعت معدلات الجريمة وانخفضت الأعمال الإرهابية ، لذا كان من الضروري إيجاد المبادرة الوطنية هذه ، وعما تناقلته الصحف من أن نسبة الأمية في المجتمع قد وصل حدها إلى 40% من الشعب العراقي ، أكد الهنداوي أن الرقم مبالغ فيه كثيرا..
تربية الرصافة
لما كانت وزارة التربية الجهة المعنية الأولى للحد من  تفشي ظاهرة الأمية، التقينا مدير تربية الرصافة احمد بند فرحان ليحدثنا عن هذه الظاهرة المحزنة فقال :
ظاهرة تفشي الأمية ليست بالظاهرة الجديدة بل هي ظاهرة قديمة ،  بسبب إهمال النظام المباد للعلم والعلماء ، واشتدت الظاهرة عند  دخول العراق إلى الكويت أي منذ التسعينات من القرن المنصرم ، حيث تدهور المستوى التربوي  في العراق بدرجة كبيرة بسبب الإهمال المتعمد من قبل الحكومة آنذاك حتى وصل راتب المدرس إلى 3 آلاف دينار، وهو مبلغ لا يكفي لشراء طبقة بيض ، وكان الوضع الاقتصادي المتردي للكثير من أبنائنا الطلبة والتلاميذ سبباً في التسرب من المدارس والانخراط في العمل حيث الرجال في جبهة القتال ولا توجد مقومات لسد رمق العائلة العراقية ، ثم زاد الطين بلة دخولنا الى الكويت واستمرار الحروب لحد الآن ، لكن الذي أفرحنا الان هو إقرار قانون محو الأمية في مجلس النواب وستشكل هيئة برئاسة وزير التربية  أو من ينوب عنه لكننا لم نكن ننتظر فقط هذا القرار بل كانت لدينا العديد من مراكز محو الأمية ، موزعة على  كل قواطع مديريتنا  كما ولدينا بحدود عشرين  ألف دارس من كلا الجنسين، وقد طالبنا وبإلحاح رجال بأعمار الستين والسبعين بالدخول الى مدارس محو الأمية من اجل قراءة الجريدة أو القرآن الكريم أو الأدعية ، إلا أن معاناتنا تنصب في ازدواجية مدارسنا وليست لدينا مبان خاصة لدارسي محو الأمية ونستغل أيام العطل ( الجمعة والسبت ) في بعض الأحيان لتقديم الدراسة في مراكز محو الأمية ، وأكد فرحان أن الأمية متركزة في مناطق الأطراف من بغداد وفي المناطق الشعبية الأكثر فقرا وقال: لنا دور فاعل من خلال مجالس الآباء والندوات الاجتماعية في الحد من ظاهرة انتشار الأمية وسيشمل القانون المذكور مدارس كل من اليافعين والتعليم المسرع ، وجعلنا مراحل الدراسة ثلاث مراحل ( الصف الأول والثاني مرحلة ، الثالث والرابع مرحلة ،الخامس والسادس مرحلة ) لكي يستطيع الدارس إكمال دراسته ، وهذا كله يصب في خدمة المجتمع .
وتحدث إلينا رئيس قسم تربية بغداد الجديدة / الأطراف جواد كاظم حيث قال:إن أرقام الأمية المعلنة في العراق أرقام مخيفة تصل إلى مابين 5-6 ملايين فرد ، ونحن كدائرة معنية ،  لنا دور متميز في مجال محو الأمية إلا أن الصحافة مع الأسف لم تلتفت إلى أعمالنا وقد استطعنا أن نفتح أكثر من 36 مركزا لمحو الأمية منذ عام 2009 ،وبمرحلتين الأساسية والتكميلية ، وطلبنا العون من منظمات المجتمع المدني لكنها لم تستجب لنا سوى منظمة الثقافة للجميع التي دعمتنا بشكل مباشر واستطعنا أن نخرج طلابا بمرحلتين الأساسي والتكميلي ، وأكد كاظم أن نسبة الأمية مرتفعة في أطراف بغداد ، وان الأمية متفشية بين النساء أكثر من الرجال وان الدارسين كانوا من عمر 18 سنة فما فوق ، وبعضهم كان قد تسر ب من المدرسة لكنه يرغب الان بالحصول على شهادة الدراسة الابتدائية  وكل من المراحل تكون لفترة 6 أشهر ، وعن أسباب تفشي الأمية، أشار كاظم إلى أن السبب الرئيس هو اقتصادي ، إلى جانب الأسباب الأمنية ، وأننا نعمل جاهدين على إنجاح برامج محو الأمية .
وأشار مدير مراكز محو الأمية / الأطراف  في مديرية تربية بغداد الجديدة  نافع عبد مزري  إلى أن عدد مراكز محو الأمية في قسم  بغداد الجديدة هو 28 مركزا ، وان عدد المراكز في منطقة الفضيلية هو 5 مراكز، وفي منطقة المعامل 13 مركز ،وفي منطقة العبيدي 5 مراكز، وفي كل صف يتراوح عدد الدارسين بين 25 – 30 طالبا ويتم تحديد محاضر واحد لكل 25 طالبا ، وأكد نافع أن منظمة الثقافة للجميع هي التي تدعم جهودنا بدفع أجور المحاضرين التي لا تقل عن 250 ألف دينار شهريا  لكل محاضر ،وتقدم لنا أيضا القرطاسية ، والكتب الدراسية نأخذها من الوزارة ، كما تقدم المنظمة هدايا للمتفوقين الدارسين، تشجيعا لهم وهي إما عباءة نسائية أو قطعة قماش أو جبة نسائية .
مشكلة الأبنية
من مديرية التعليم العام تحدث إلينا جمعة عطية رئيس قسم محو الأمية في المديرية المذكورة حول القانون الجديد لمحو الأمية فقال :
وفق القانون الجديد فسوف تشكل هيئة تضم مديريتين عامتين، الاولى فنية، والثانية إدارية، إلا أن المشكلة تكمن في عدم وجود مبان خاصة لمراكز محو الأمية، ما يجعلنا نزحف على الأبنية العامة وهي الجوامع والحسينيات ، وعن عدد المراكز الخاصة بمحو الأمية، أشار عطية الى أنها تبلغ 700 مركز في عموم العر اق ما عدا اقليم كردستان ، منهم أكثر  من 50 ألف دارس  من الرجال والبقية من النساء ، وان القرطاسية والكتب توزع مجانا من وزارة التربية ، أما عن نسبة الأمية في العراق الآن، فقد أكد عطية أنها تتراوح بين 18-20 %، من السكان أي اقل من 5 ملايين نسمة .                                             
نساء فاتهن قطار العلم
في إحدى مناطق بغداد دخلنا مركزا لمحو الأمية للنساء من اللواتي  فاتهن قطار  العلم  وكان لمرحلة التكميلي ، وكانت مادة الدرس ( التربية ، الرفق بالحيوان )  ومن اللافت للنظر أن الدراسات قد احضرن معهن الأطفال ، وعند الاستفسار عن السبب قالت أم فاطمة: إنها لا تستطيع  أن تترك ابنتها فاطمة البالغة من العمر سنتين لوحدها ، لعدم وجود آخرين معها في البيت، وان ابو فاطمة يعمل بائعا متجولا ( بائع سكائر ) وان ظروفا عائلية جعلتها تترك الدراسة وهي في الصف الثاني الابتدائي ، وان زوجها قد شجعها على الالتحاق بمركز محو الأمية، فهو يريد أن تعمل بعد حصولها على شهادة الدراسة الابتدائية لتعينه على متطلبات المعيشة التي أصبحت صعبة ، وتختتم أم فاطمة حديثها بالقول أن زوجها يحمل شهادة  الدراسة الإعدادية لكنه لم يجد عملا سوى أن يكون بائعا متجولا ، وعن الفائدة التي اكتسبتها غير الحصول على الشهادة قالت أم فاطمة: إنها تستطيع الآن أن تقرأ بعض سطور الجريدة ، ودخلنا صفا آخر كانت المعلمة امتثال تدرس فيه مادة الجغرافية وقد رسمت على السبورة خارطة العراق وحددتها بأسماء دول الجوار ، وبعد انقضاء الدرس سألنا الدارسات عن أهمية التعليم فقالت إحداهن وقد تجاوزت سن الأربعين عاما:إنها كانت تعيش في ظلمة وقد انقشع الظلام الآن عن عيونها بعد ان تعلمت الكثير، والاهم في رأيها أنها استطاعت عبر درس الجغرافية أن تعرف موقع العراق وما يحيط به من دول، ما يشكل أهمية ذلك الموقع، كما تعرفت على منابع جريان النهرين العظيمين دجلة والفرات ، وأخذت تتفهم لماذا انحسرت المياه في بلادها وهي تستمع إلى نشرة الأخبار عبر التلفاز .

المدى

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced