دولة عراقية غير متحققة.. والسبب الفساد ونزعة الاستبداد
نشر بواسطة: Adminstrator
الأربعاء 28-09-2011
 
   
عن موقع: كرايسس غروب
(www.crisisgroup.org)
أصدرت مجموعة الأزمات الدولية (انترناشنال كرايسس غروب)، التي مقرها في  بروكسل، تقريرا مطولا عن العراق كرسته لدراسة حقيقة غياب دور الهيئات  الرقابية ما أدى الى تفشي الفساد المالي والإداري على نحو غير مسبوق وتردي  مستوى الخدمات العامة، وهو ما تساعد عليه نزعة استبدادية لدى الحكومة.



التقرير يقع في 29 صفحة من القطع الكبير، وهنا عرض موجز له

بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار، يبدو ان الدولة العراقية تتعزز من خلال تقليص اعمال العنف بما يكفي للسماح بعودة الحياة الى مظهرها الطبيعي. لكنها سمحت للفساد ان يتأصل و ينتشر في مؤسساتها، وهذا بدوره ساهم في تردي الخدمات العامة بشكل كبير.
وقد زادت حكومة نوري المالكي من تفاقم المشكلة بتدخلها في عملية  محاربة الفساد والتلاعب بمجريات قضايا التحقيق من اجل منافع سياسية و ترهيب المنتقدين لمنع تكرار الحركات الشعبية التي اسقطت حتى الان ثلاثة انظمة في المنطقة .  نتيجة لذلك فقد تآكلت مصداقية الحكومة في مكافحة الفساد، ما أدى مع النزعات الاستبدادية الى  إعطاء مبرر  لمناوئي  رئيس الوزراء. ولإضفاء الشرعية على تعثرها، فعلى حكومة المالكي  إطلاق حملة قوية لمكافحة الفساد، وتحسين  الخدمات وخلق الضوابط والتوازنات في نظام الدولة.
عند انتشار العنف بعد سقوط النظام السابق عام 2003 ، عانت الدولة كما عانى عموم المواطنين. وفي جو من اعمال الخطف المتصاعدة والتفجيرات و الاغتيالات، تدهورت الخدمات العامة بشكل كبير. و في صباح تفجير سامراء بداية شباط 2006 كانت الوزارات مهجورة بسبب عدم جرأة الموظفين على الالتحاق بأماكن عملهم.
و بين عشية و ضحاها تم التخلي عن مشاريع طويلة الأمد و اصبح القضاة و البرلمانيون اهدافا للقتل ما ادى الى تلاشي عمل هيئات الرقابة مع غياب وجود إجراءات فعالة لمكافحة الفساد. نتيجة لذلك أصيبت الدولة بالشلل  لعدة سنوات رغم الزيادة السنوية في الميزانية نتيجة ارتفاع أسعار النفط . هذا الشلل ساهم في تفشي العناصر الإجرامية و المصالح الشخصية في دوائر الدولة . في عام 2009 سمحت جملة من العوامل للدولة بإثبات  وجودها . فالاندفاع الأميركي (2007 – 2009 ) كان عاملا أساسيا في تحسين الوضع الأمني، لكن ، بقدر تعلق الأمر بالمؤسسات ، فان إعادة بناء القوات الأمنية بشكل دقيق زادت من الأمن ليتمكن الضباط من العودة الى العمل بدون حماية او مساعدة من الجيش الأميركي. فاليوم ينعم القضاة بحماية قوات وزارة الداخلية. و يعتمد مجلس النواب فقط على الشرطة المحلية و المتعاقدين الأهليين في توفير الأمن. لقد استأنفت الدولة معظم وظائفها .
رغم هذا التحسن فان الخدمات العامة مازالت تعاني من معوقات كثيرة اهمها الفساد الذي انتشر كالفايروس في مؤسسات الدولة خلال سنوات غياب القانون الذي ساد حتى عام 2008 . احد الاسباب الرئيسية لتدهور شؤون الدولة هو فشل الإطار الرقابي لها. دستور 2005 و الإطار القانوني الموجود يتطلب عددا من المؤسسات كديوان الرقابة المالية ، هيئة النزاهة ، المفتش العام ، البرلمان و المحاكم لمراقبة اعمال الحكومة . مع ذلك لم تستطع هذه المؤسسات من اثبات وجودها بوجه التدخل الحكومي و العناد و التلاعب و الإطار القانوني العاجز و تهديدات العنف المستمرة . هذه العوامل اضطرت كبار المسؤولين الى الاستقالة من بينهم رئيس هيئة النزاهة في التاسع من أيلول الحالي . حتى منظمات المجتمع المدني – التي واجهت الترهيب الحكومي بشكل تهديدات و اعتقال الناشطين السياسيين و العنف – قد اثبتت عدم قدرتها على مراقبة اداء الحكومة .
ورغم عدم اكتشاف مرتكبي هذه الأعمال ، فان مقتل احد الصحفيين البارزين و منظمي الاحتجاجات الأسبوعية ضد الفساد الحكومي يوم 9 أيلول 2011 قد ساهم في تصاعد المخاوف من استبداد حكومة المالكي .
ان اطار الرقابة الحالي قد تأسس على يد سلطة التحالف المؤقتة عام 2004، حيث شرّعت السلطة عددا من الإصلاحات التي لم ينظر اليها بشكل صحيح منذ البداية. حيث جردت هيئة الرقابة المالية من سلطاتها الاساسية مثل السلطة الحصرية للإشراف على المشتريات العامة وإحالة قضايا الفساد المشتبه بها الى المحاكم، حيث حولت السلطة تلك الصلاحية الى هيئة  النزاهة و هي هيئة تأسست في 2004 كبؤرة اساسية لكل نشاطات محاربة الفساد.
رغم تغلبها على التهديدات الخطيرة التي تواجه وجودها في سنواتها الاولى، فان الهيئة لا تستطيع الى يومنا هذا اجراء  تحقيقاتها بشكل مستقل نتيجة المشاكل في كادرها و تقييد دخولها الى بعض دوائر الحكومة. لذا فقد اعتمدت على المفتشين العامين ، و هو منصب آخر اسسته سلطة التحالف المؤقتة لوضع مدققين و مراقبين في كل الوزارات و غيرها من مؤسسات الدولة. و بسبب الاطار القانوني و الاداري القاصر فلم تتمكن هذه المؤسسة من تنظيم عملها و بقيت واحدة من الكيانات الجامدة في الدولة . مجلس النواب ، و هو اهم هيئة في اطار الرقابة الجديدة لأنها تحمل مفتاح الاصلاح في كل مفاصل الحكومة ، ربما يكون اكثر تاثيرا من الهيئات الاخرى . نشاطاته  الداخلية هي نشاطات طائفية و قوانينه الفرعية ثقيلة و قاصرة بحيث لم يتمكن من تشريع قوانين طويلة الامد مصممة لاصلاح الاضرار التي اصابت مؤسسات الدولة منذ 2003 . و نتيجة للموازين السياسية الهفهافة التي جاءت بعد انتخابات 2005 و 2010 و التي شهدت صعود حكومات ائتلافية خالية من المعارضة البرلمانية الحقيقية ، فلم يتمكن المجلس من ممارسة دوره الرقابي على الحكومة خوفا من غضب التحالفات السياسية التي تساندها . في نفس الوقت ، فان المنظومة القضائية و خاصة المحكمة الفيدرالية العليا، كانت ضعيفة تحت الضغط السياسي . حيث قررت على عدد من النزاعات المهمة بطريقة منحت  حكومة المالكي الحرية في الحكم كيفما تشاء دون قيود  من الرقابة المؤسساتية . فكانت النتيجة واضحة : فقدان مليارات الدولارات من خزينة الدولة بسبب الثغرات في الايرادات العامة ، حيث تعامل الاحزاب الوزارات على انها حسابات مصرفية خاصة ، بالاضافة الى المحسوبيات و الرشاوى و السرقات . نتيجة لذلك هبطت مستويات المعيشة حتى بالمقارنة مع السنوات الاخيرة للبلاد، و هذا ينطبق على كافة جوانب الحياة من الصحة و التعليم و قطاع الكهرباء التي كانت دون المستوى المطلوب رغم الزيادة في الميزانية . و من الامور المهمة الكبرى الاخرى التدهور في الاحوال البيئية خاصة تزايد العواصف الترابية و التصحر. لقد عرقل الفساد قدرة الدولة على التعامل مع هذه المشاكل . اذا كان الفساد قد تجذر و تأصل فليس سبب ذلك قلة فرص الاصلاح . اذ ان الخبراء الفنيين قد نجحوا في تقديم مقترحات فاعلة لكن لم يتم الاخذ بأي منها . و بسبب اطار عمله القاصر و إعاقة الحكومة له فلم يتمكن البرلمان من تمرير أي من الإصلاحات التشريعية التي كانت على جدول اعماله منذ 2007 ، منها قانون يجبر الأطراف السياسية على كشف اوضاعها  المالية ، و احكام تحسّن اداء المؤسسة الرقابية ، و قانون يحمي استقلالية المحكمة العليا . الاصلاحات القليلة التي تم تبنيها اعادت قصور  الاطار الموجود و لن تحسّن اداء الدولة . و حتى يتم العمل بهذه الاجراءات و غيرها ،فان الحكومة ستستمر بالعمل من دون رقابة مما يطيل اجل الاساءة و الفساد و التسلط المتنامي الذي هو نتيجة حتمية للرقابة الفاشلة .
توصيات : إلى حكومة العراق و مجلس النواب
1- تعزيز اطار محاربة الفساد لفسح المجال امام المزيد من التعاون البناء و التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة المتورطة بالفساد عن طريق :
أ) السماح لكل مسؤولي محاربة الفساد و الرقابة بإحالة القضايا الجنائية الى المحاكم .
ب) ضمان استقلالية المفتشين العامين عن وزارات الحكومة بشرط ألا تلعب تلك الوزارات و رئيس الوزراء أي دور في تعيين و تنحية المفتشين .
ج) صياغة التعاون بين وكالات الرقابة عن طريق منحها صلاحيات خاصة المفتشين العامين لكي تتبنى إجراءات عمل قياسية .
د) زيادة ميزانية تدريب كل مؤسسة رقابية لغرض تطوير المهارات اللازمة لتنفيذ العمل الرقابي و المهمات التحقيقية بشكل مستقل عن بقية المؤسسات .
ه) تمرير قانون حماية الشهود و ضمان حصول المواطنين على المعلومات الخاصة بالحكومة .
2- تمرير قانون الأحزاب السياسية لعرض الشفافية المالية و نشر الحسابات السنوية المفصلة بضمنها كل مصادر الدخل و النفقات .
3- اصلاح القوانين الفرعية لمجلس النواب ، من خلال الغاء المسائل الادارية من حق رئيسه و تسهيل صياغة اللوائح التشريعية و تعجيل عملية صنع القرار .
4- تقليص العملية التشريعية من خلال :
أ) توضيح و تعزيز علاقة العمل بين المؤسسات المشاركة في تهيئة التشريع الجديد .
ب) توضيح دور كل مؤسسة .
ج) تأسيس خطوط واضحة من الاتصال بين هذه المؤسسات.
5- إصلاح وظيفة رقابة مجلس النواب لتركز على تنفيذ السياسة من خلال مساءلة التكنوقراطيين الكبار و المسؤولين الاداريين و ليس السياسيين .
6- تشريع قانون يمنع رئيس مجلس القضاء الاعلى من ان يشغل منصب رئيس القضاة و حماية استقلالية المحكمة العليا من خلال منع أي تدخل سياسي .
الى الولايات المتحدة و غيرها في المجتمع الدولي :
7- التعبير علنيا عن عدم موافقتها على فشل الحكومة و البرلمان العراقي فيما يخص الاصلاح طويل الامد .
8- توفير الدعم المباشر و الفوري لمجلس النواب من خلال تسهيل عمل خبراء  التطوير البرلماني للعمل مباشرة في دوائر المجلس على اساس طويل الاجل .
9- دعم جهود اصلاح اطار محاربة الفساد من خلال تقديم المشورة لجعل الوظائف الادارية اكثر فاعلية .

 
   
 


 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced