الزواج المبكر
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

هو ارتباط الرجل بالمراة حياتيا بشكل شرعي وانجاب اطفال وتكوين عائلة مستقلة لها سكنها الخاص وشخصيتها المعنوية بزعامة الرجل والتسمية باسمه فيعيش الرجل والمراة تحت سقف واحد وبموافقة المجتمع ومباركته لهما 00 وقد يكون لهذا الاجراء الاجتماعي علاقة وثيقة بنوع الحياة التي يعيشها المجتمع 00 ونجدها في المجتمعات الشرقية وخاصة الاسلامية شرطا حاسما لاجازة هذه المعاشرة والموافقة على معيشة الرجل والمراة في بيت واحد 00 فبغير الزواج يمنع ويحرم على الرجل او المراة معاشرة بعضهما او الالتقاء بل وحتى التحدث او الجلوس 00 فهو امر ممنوع ومحرم حتى بين الاقرباء في كثير من الاحايين 00 بينما لانجد مثل هذه القيود موجودة في المجتمعات الاوربية والغربية بشكل عام 00 عليه فعند دراستنا والبحث في هذا الموضوع عليه ان تكون دراستنا من خلال مجتمعنا الاسلامي ونقارن من خلال هذا المجتمع بين الزواج المبكر والزواج المتأخر وايهما افضل بالنسبة للرجل والمرأة على حد سواء 00
فكما نعلم ان الذكر يكتمل نضجه ويصبح مؤهلا للزواج والانجاب بين سن الثالثة عشر والرابعة عشر بينما الانثى يكتمل نضجها قبل ذلك ويكون ذلك بين سن الحادية عشر والثانية عشروعندها تصبح مؤهلة للزواج والانجاب 00 وحيث ان في هذه السن يكون الطرفان في اعلى درجات النشاط الجنسي وهي سن المراهقة كما هو متعارف عليه وهي سن حرجة وخطرة في حياة الصبايا فقد يتعرضان الى منزلقات جنسية مدمرة اذا لم يتعامل معها الاباء بطريقة صحيحة نفسيا وجسديا تؤهلهما بالمرور خلالها بسلام دون ان يتعرضان الى هزات تؤثر في حياتهما وتلازمهما طيلة حياتهما المديدة وتقضي على مستقبلهم الاجتماعي داخل هذا المجتمع الذي تحكمه الاعراف والتقاليد المتشددة والمتزمتة في بعض الاحيان 00 ما قد يدفع الاهل في كثير من الاحيان تجاوزا لكل الاحتمالات وتجنبا لللانزلاقات الجسدية والاخلاقية ان يبادروا الى تزويج اولادهم في سن مبكرة جدا قد لايكونوا فيها في كثير من الاوقات مؤهلين لتكوين الاسرة وتحمل مسؤلية الانجاب وتربية الاطفال والعيش في هذا المكون الجديد وهما لايزالان يافعان لايدركان عظم هذه المسؤولية 00 ولايدرك الاهل خطورة ما هم يقدمون عليه من تزويج اولادهم في هذه السن المبكرة فيعالجون جانبا من جوانب هذه الازمة الناشئة من بلوغ اولادهم سن البلوغ وما يرافقها من تهيجات جسدية غير انهم يقعون في مطبات قد تكون اشد خطورة واقسى نتائج يتسببونها لاولادهم منطلقين من المنفذ الوحيد الذي يجدونه مناسبا لتجنب اولادهم من المنزلقات الاخلاقية المدمرة 00 متماشين مع ما تفرضه عليهم تقاليدهم واعرافهم وقيمهم الدينية وعقائدهم السماوية التي لاتسمح للمراهق والمراهقة الاتصال الا عن طريق الزواجات الشرعية وهو الباب الوحيد الذي يعترف به المجتمع الاسلامي ويجيزه لمعاشرة الرجل والمراة والمعيشة سويا في بيت واحد 000 وهذه هي الحلول السريعة والحاسمة التي تجعل الاهل يقدمون على تزويج اولادهم وانقاذ الموقف الذي قد ينجم نتيجة الضغوط الجسدية والغريزية التي تدفع هؤلاء المراهقين الى التمرد على كل المعايير الاخلاقية المنضبطة التي تسود المجتمع الاسلامي فتثير المشاكل للاهل وتثير النقمة الاجتماعية على المراهقين مما يدفع الاهل للبحث لاولادهم عن فرص زواج لهم والموافقة على أي متقدم لابنتهم او أي فتاة لابنهم دون مراعاة التوافق الثقافي والاجتماعي والنفسي او لاي عامل اخر من ا لعوامل المؤثرة في العلاقة الزوجية لمجرد التخلص مما قد يسبب بقاء الاولاد دون زواج وتجنبا من انفلاتهم واتجاههم الى دروب سيئة غير محمودة 00 وقد يندم الاهل بعد تزويجهم لاولادهم دون دراسة وبحث وتمحيص يوم لاينفع الندم ويقولون ليتنا لم نستعجل ونقدم على هذه الزيجات الفاشلة التي لو تريثنا لكنا في منجاة من هذه النتائج الوخيمة التي حلت بنا 00 ولكن ومع كل ما اسلفنا فالحقيقة حتى لو فعلوا العكس وامتنعوا عن تزويج اولادهم بصورة مبكرة فقد يقعون في مشاكل اعقد واقسى 00 فلا الزواج المبكر على علاته ناجح ولا الزواج المتاخر كذلك على علاته ناجح 00فهناك العديد من العوامل المادية والمعنوية تؤثر في نجاح او فشل الزواج بغض النظر عن كونه مبكرا او متأخرا 00 ولابد لنا ان نطرح ايجابيات الزواج المبكر وكذلك سلبياته كما يجب ان نطرح ايضا على بساط البحث ايجابيات وسلبيات الزواج المتأخر وما يجب على المجتمع مراعاته وقد يكون ذلك متضاربا للتقاليد والاعراف بل والمعتقدات في بعض الاحيان ولكنها هذه الطبيعة البشرية التي ستفرض نفسها على الاهل وبغض النظر عن طبيعة حياة المجتمعات الشرقية وخاصة الاسلامية منها وان فرض الامر الواقع على المراهقين خلافا لطبيعتهم الجسدية والنفسية سوف يديم العقد والمشاكل والانزلاقات ولن تستطيع كل القيود الاجتماعية ان تقف في وجهها وتحد من تيارها الجارف 000 وعلينا ان نضع الصور واضحة امام العوائل المسلمة كي تتبصر امرها عسى ان تصل الى قناعات جديدة اخرى غير ما تعايشت عليه تحت ضل الضغوط العقائدية والعرفية والتزمت فيها بشكل يدفع الشبان الى التمرد عليها فنكون بذلك قد خسرنا اولادنا ولم نستطع ان نحافظ على قيمنا وتقاليدنا وحتى عقائدنا 000 بل التصرف بشكل عقلاني توفيقي لما هو متعارف عليه عرفا وما هو مفروض شرعا وما هو موجود على ارض الواقع من طبيعة جسدية ومشاعر ملتهبة في نفوس المراهقين لايمكننا تجاهلها 00ولابد لنا ان نتحرر من غلوائنا ونتطلع الى الحياة الاوربية ونستخلص منها ما يلائمنا وما يمكن تطبيقه داخل مجتمعنا بالقدر التدريجي والممكن متماشين مع عقائدنا واعرافنا بالشكل الذي لايؤدي الى صدامنا معها ولكن دون تزمت او تصلب 00 ودون ان نتقاطع مع مشاعر واحاسيس اولادنا ودون استبداد او اغفال 00 وان نتذكر على الدوام باننا نحن الاباء اننا كنا في يوم من الايام شبانا مراهقين مثل اولادنا في الوقت الحاضر 00 فالانسان هو الانسان في كل زمان ومكان وفي جميع الفترات منذ الطفولة والمراهقة وحتى الشيخوخة 00
اما الزواج في الحياة الاوربية فيختلف مفهوما وطبيعة عن الزواج في العالم الاسلامي بشكل جذري فكما قلنا بان الزواج في العالم الاسلامي هو الوسيلة الوحيدة الشرعية التي تمكن الرجل بالارتباط بالمرأة ومعاشرتها جنسيا مما جعل هدف الشبان المراهقين من الجنسين اللجوء الى الزواج كي يتمكنوا من الالتقاء أ والتعايش مع بعضهم واستطاعتهم من خلال ذلك المعاشرة الجنسية وتلبية تأججاتهم الجسدية التي تقض مضاجعهم وتحيل حياتهم الى جحيم مستعر 00 كما ان هدف الوالدين هو المثابرة على ايجاد الفرص الفورية لتزويج ابنائهم وبناتهم كي يتخلصوا من التبعات الاخلاقية المترتبة على بقائهم عزاب دون زواج 00 اما في العالم الغربي فمفهوم الزواج يتخذ منحى اخر يختلف عن مفهومه لدى العالم الاسلامي فبامكان الرجل والمراة ان يعيشوا سوية وفي بيت واحد دون الحاجة الى عقفد زواج ودون اعتراض او امتعاض المجتمع الاوربي الذي يعيشون داخله فهو امر عادي لايثير أي استغراب او استهجان 00 وانما قد يتزوج المرأة والرجل ليس لمجرد المعاشرة الجنسية التي هي متوفرة لديهم في أي وقت وانما لتكوين اسرة وانجاب الاطفال او الحاجة المعيشية التي تلجأئهم للتزوج او الاستقرار بعد ان تعبوا من حياة العبث واللهو لسنين عديدة قد تكون تجاوزت الاربعين من اعمارهم فيكونوا عند ذاك بحاجة الى الاستقرار في بيت يقضون فيه بقية عمرهم او قد يكون نتيجة ثورة حب عنيف ينتاب الرجل والمراة فيخشيان ان يفتقد احدهم الاخر يدفعهما للارتباط بعقد زواج او قد تكون المصلحة تقضي بذلك او لاي غرض اخر بعيدا عن الحاجة للمعاشرة الجنسية 0000 وهذا الذي جعل عملية الزواج تأتي في معظم الاحيان متأخرة قد لاتتم بين الشبان المراهقين وانما تحدث لدى اصحاب الاعمار الكبيرة 00 وسبب ذلك هو الحرية المطلقة المتاحة للمراهقين من الاتصال الجنسي دون الحاجة الى عقد زواج رسمي او الى عقود عرفية ملتوية كما هي الحالة في العالم الاسلامي من العقود العرفية وعقود المتعة وغيرها 00 فليس هناك حرج او اعتراض اجتماعي يمنع اويحلل للرجل والمرأة ان يصادقوا ويمارسوا الجنس مع بعضهما وما يتبعها من تبعات قانونية او عرفية بل ان العديد من القوانين الاوربية قد نظمت هذه العلاقات المرفوضة في العالم الاسلامي واجازت بعض الممارسات الشاذة من العلاقات المثلية وغيرها واباحت نوادي الدعارة باسم نادي العراة التي تسمح للجنسين داخله بالتعري التام وممارسة ما يشاؤون من الممارسات الفضيعة الخليعة دون أي اعتراض 00 كما سمحت حتى انجاب الاطفال خارج نطاق العلاقات الزوجية المشروعة فكثيرا ماتلد الفتاة وتنجب دون عقد زواج ويسجل الوليد باسم صديقها او باي اسم تختاره له وهو ما تحرمه قوانيننا الشرعية بل وحتى الوضعية منها 00 وقد برر الاوربيون اباحة هذه العلاقات بين الجنسين باعتبارها حقوق شخصية تنبعث من الضغوط والاحاسيس والمشاعر الغريزية التي اعترفوا باهميتها واقروا بفاعليتها في جسد الانسان ما جعلهم يرضخون للامر الواقع حيث تأكدوا واقتنعوا بعدم القدرة على اغفاله ومقاومته والتصدي له 00 وهذا ما جعل المشاكل العائلية والمترتبة عن العلاقة بين الرجل والمراة اقل حدوثا مما هي عليبه في مجتمعنا الاسلامي المحافظ 00 ومع ان البشر في العالمين الاوربي والاسلامي لهم نفس الخصائص الجسدية المادية وكذلك المعنوية العاطفية والمشاعر والاحاسيس التي اعترف بها العالم الاوربي غير ان العالم الاسلامي رفض الاعتراف بها الا بما نظمه لها الشرع والاعراف دون الالتفات الى الاحاسيس الذاتية للفرد في هذا المجتمع واخضعوها لمشيئة هذه النظم والشرائع التي كانت ولازالت تفسر وتوجه من قبل رجال الدين او القادة والزعماء والمتنفذين في هذه المجتمعات الاسلامية وتلزم بها جميع ابناء هذه المجتمعات وتجبرهم على الخضوع لها والا تعرضوا الى اعنف العقوبات التي قد تصل في بعض الاحيان حد القتل غسلا للعار 00 وهكذا اخضعوا مشاعر واحاسيس الناس الى سبيل واحد هو باب الزواج الذي تفننوا في صوره واشكاله مدعمين منافذهم هذه بما يفسرونه بحسب اهوائهم من كتب الشرع فابتدعوا زواج المتعة وزواج العرفي والمصياف وتعدد الزوجات للاغنياء والمقتدرين واصحاب النفوذ وكأنه ثوب يفصلونه بالشكل الذي يعجبهم ويلائم اجسادهم فهذا هو شأن الدنيا سطوة القوي على الضعيف في كل زمان ومكان 000 ومع ان العالمين الاسلامي والاوربي يعيشان نفس الحياة ويمارسان افرادهما نفس المعاشرة لكن الاختلاف هو ان الرابطة التي تربط المرأة بالرجل في العالم الاسلامي رابطة قانونية مسجلة في السجلات الرسمية وتقع تحت سيطرة المحاكم وتخضع لقراراتها ولها مراسيمها وطقوسها الخاصة بينما العلاقة بين المراة والرجل في العالم الاوربي علاقة شخصية مباحة ومتحررة لاتلزم اطرافها بالتسجيل في الدوائر الرسمية الا اذا شاؤو ا ذلك ولا تخضع الى أي طقوس وانما يكون الارتباط فيها سهلا بمجرد الاتفاق والتحلل منها ايضا بنفس السهولة وبمجرد الافتراق وبرغبة الطرفين 00 مما يتيسر للمواطن الاوربي الارتباط لعشرات المرات باعتبارها علاقات صداقة ليس الا بينما في العالم الاسلامي يحتاج الارتباط الى الكثير من الاجراءات والقيود والمراسيم والطقوس وكذلك الانفصام ليس سهلا فهو بحاجة الى الكثير من الاجراءات القانونية لما يترتب عليه من الاثار المادية من اثباتات النسب وقوانبن الارث والى غير ذلك من الامور التعجيزية التي تقتضيها الحياة داخل العالم الاسلامي من اجراءات صعبة ومعقدة 000وقد حاول بعض الكتاب منذ عدة سنوات وعلى صفحات الصحف والمجلات البحث في الزواج المبكر وبيان مساوئه وسلبياته غير انهم اغفلوا دوافع هذا الزواج وعوامله المباشرة وهو الاتصال الجنسي بين الرجل والمراة والذي لا يمكن ان تقف في وجهه وتمنعه كل الشرائع والطقوس والنصائح ووجهات النظر والفتاوي والخطب والاستبداد او الرفض العائلي لانها قوة خارقة خلقها الله في اجساد البشر فعلينا ان نقرها ونعترف بها ونبحثها من خلال اجساد نا لا من منطلق امواعظ الفارغة والارشاد السقيم والتمويه والمخادعة فهي مشاعر متواجدة في اجساد جميع الكائنات الحية على وجه الارض ومقاومتنا الغير منطقية دون حلول واقعية وعملية سوف يكون مصيرها الفشل والانهيار لامحال فزواج مبكر مع جميع سلبياته مع احتمال فشله في كثير من الاحيان خير من الوقوع في الزلل الذي ليس بمقدور الاهل صده وردعه فهي تجربة جسدية لامفر من خوضها شرعا او خطيئة ولا نكون كالنعامة ندفن رؤوسنا في التراب كي لا نرى ما يحدث او نصم الاذان ....!!!

  كتب بتأريخ :  السبت 17-12-2011     عدد القراء :  1936       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced