من أوراق معلمة متقاعدة (6)
بقلم : نبيهة أحمد النعيمي
العودة الى صفحة المقالات

مرت أيامنا براحة ودعة، كنا نسكن في بيت أهل حسام في منطقة الدوريين، ورغم أن خالتي كانت تهتم بي كثيرا وتعاملني بمودة كبيرة، إلا أنني كنت أرغب في أن ننتقل إلى بيت يكون لنا وحدنا. وفي الحقيقة كنت أرغب في الاستقلال عن الجميع، ويكون زوجي لي وحدي، ربما هو الحب الذي احمله إلى حسام، والذي أصبح كالجنون، خاصة بعدما شعرت من أن هناك شيئا ما يتحرك في أحشائي. كنت لا أدعه يذهب إلى دوامه الرسمي إلا في اللحظات الأخيرة. كنت أطلبه على التلفون قبل أن يصل إلى وزارة الدفاع، وأصبح عامل بدالة الوزارة يعرف صوتي، لكثرة ما أتصل يوميا. احتفلنا في ليلة رأس السنة مع مجموعة من أصدقائه الضباط وعوائلهم، وكالعادة كاد نقاشهم حول الزعيم عبد الكريم قاسم أن يتحول خصاماً، لو لا تدخل أحدهم بأغنية ريفية وكان صوته جميلا، فصمت الجميع من أجل أن يستمتعوا بالغناء، وقد طلبوا منه أن يستمر في الغناء، وعندما إقترح عبد المسيح (وكان هذا إسم الضابط الذي نحتفل في بيتهم والواقع في كرادة مريم)، بأن تعد النساء العشاء، نهضت أنا وزوجة إسماعيل (وكان هذا من أصدقاء زوجي حسام والقريبين إليه جدا)، إضافة إلى زوجة عبد المسيح، وبينما نحن نعد الطعام، دار بيننا حديث جعلني أنسى احتفالنا بهذه الليلة، حيث قالت لي زوجة عبد المسيح، ويبدو أنها على معرفة بتعلقي الشديد بحسام:
- شلون بعد يومين إذا سافر حسام للاتحاد السوفيتي شراح تسوين أنتِ؟
سقط الصحن الذي كنت أريد غسله من يدي في حوض الغسيل، وحسنا لم ينكسر، وسألتها وأنا كمن تلقت ضربة على رأسها:
- منو اللي گلچ؟
- ليش مو زوجي عبد المسيح هم راح يسافر وياه لمدة 6 أشهر، عجيب يعني حسام مگلچ؟
كدت أصرخ ولولا تماسكي لسقطت على الأرض، عدنا إلى الصالة وكان الحزن الذي يغلف عيني ووجهي لا يخفى حتى على الأطفال، همس بأذني حسام مستفسرا، أجبته أن لا شيء، تبادل الجميع التهاني بعد الساعة الثانية عشرة، حيث الدقائق الأولى من عام 1963 بدأت وهي تحمل معي حزنا لا يمكن أن أنساه، طلبت من حسام أن نعود إلى البيت، وقد قدر حسام من أن هناك شيئا ما عكر مزاجي. في الطريق حاول أن يفهم مني سبب هذه الدموع التي سخت بها عيوني، في البيت ارتميت على الســـــرير بملابسي، وكان صوت بكائي مسموعا، ولم أسكت إلا بعد أن وعدني أن يعتذر من الزعيم على سفره، ويا ليت لم أفعل ذلك.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 02-01-2012     عدد القراء :  1810       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced