مثقفون: أبرياء مما يحدث
بقلم : عبد المنعم الاعسم
العودة الى صفحة المقالات

البيان الذي تصدّر الكاتب الكبير محمد ملا عبدالكريم المدرس اسماء الموقعين عليه، نهاية العام الماضي، سجل اختراقا سياسيا استثنائيا لمعادلة "الصمت- التبعثر- التواطؤ" التي حُشر فيها الصوت الثقافي العراقي، تحت طائلة كواتم الصوت وشراء الذمم وهواجس الوظيفة والمكرمات المغشوشة، فيما الرطانات الرثّة الصاعدة، عن غفلة، الى مواقع النفوذ، تستطرد في انانيتها وغطرستها السياسية المدمرة، غير عابئة بالمصير المخيف الذي يتهدد البلد واثمن ما فيه: الانسان العراقي.
ان الثقافة هنا استيقظت قبل فوات الاوان لانقاذ نفسها من الملامة ولإعادة تشكيل العقل السياسي، ومنعه من ارتكاب المزيد من الذنوب. الثقافة، هنا، تقف على مشارف مدينة ماركيز الاسطورية المهددة بالكارثة "ماكوندو" لتطلق تحذيرها وتعلن براءتها مما يحدث، وانتمائها الى البديل عما يجري.
"الحلم تحوّل الى كابوس يومي ومتاهات بلا أفق.. نحذر من الكارثة" هكذا دخل البيان في ثنائية الوعي- المسؤولية، وكفّ الصوت الثقافي، المسؤول، الصادق، الشجاع عن تزجية الوقت بالفوازير، وباللعب بين نجوم السماوات العابرة، فلا وقت لدى اصحابه، الآن، كي يهدرونه في المحاباة او انتظار المعجزة او استجداء لفتة من المديح الاستهلاكي المُذّل، هكذا ينبغي التصدي للغلط الذي يركض في الشوارع: "فالخطاب الالغائي والقمعي دخل فضاءات جديدة، فضاء الدين السياسي والنزعات الشوفينية والقومية الضيقة الأفق، فضاء القمع الاجتماعي والتهميش الاقتصادي، وفضاء الفكر الطائفي السلطوي والحزبي".. ان الخلافات مقبولة لكن انظروا الى اي درك من البلاهة والاستهتار بلغت: "خلافات وصلت الى درجة التنازع بين هذا الوقف وذاك حول عائدية مقابر الائمة والأولياء".
ينبغي ان نودع فقه التواطؤ. انها ساعة الحقيقة. ساعة المواقف غير القابلة للبيع والشراء. الكابتن ميخايليس بطل رواية كازانتزاكي هتف بابناء جلدته: الحرية لا تأتي بالاستكانة "انها قلعة لا بد من اقتحامها" وكتب رسالته في وضح النهار بوجوب الاتحاد لدحر القدر المشؤوم "ان كريت ليست بحاجة الى ارباب بيوت.. نحن لسنا قطيعا من الحملان"
كم هي عظيمة (يقول بورديو) تلك الحكمة التي تحرضنا على التحرك والطرق على ابواب الحلول الموصدة، اما شيللر فقد تساءل بغضب: لماذا يخيروني بين العتمة والنور.. هنا مكاني".
"أننا مثقفو وأحرار العراق نناشد ابناء شعبنا بمختلف قومياته ودياناته ومذاهبه التصدي للقوى المتنفذة بدون استثناء لأنها المسؤولة عن آلآمهم وعذاباتهم..ولا حل سوى بالتسامح والتعايش السلمي ضمن دولة تضمن حقوق المواطن بغض النظر عن انتمائه الديني أو الطائفي أو القومي أو السياسي، وتكون إطاراً للتعايش والتفاعل الحضاري بين ابناء القوميات وأصحاب الأديان المكونة للشعب العراقي دون إقصاء أو تهميش".
البيان، تاريخي، بالمعنى الذي عرّف به هيرودوتس التاريخ كبصيرة ومعرفة.. ومواقف.

  كتب بتأريخ :  الأحد 08-01-2012     عدد القراء :  1600       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced