المرأة العراقية الضحية الأولى للإرهاب
بقلم : صابرين فالح
العودة الى صفحة المقالات

منذ ما يزيد على ثلاثة عقود ومجتمعنا يمر بالكثير من الأزمات السياسية والحروب، التي عصفت بكل مكوناته وخلفت وراءها الضحايا والارامل والايتام، وكان لها إنعكاساتها الخطيرة على جميع افراده. ولكن المرأة كانت المتضرر الاكبر من تلك الازمات والحروب، فقد عانت الكثير، خاصة بعد اسقاط النظام السابق. فمن نجت من الانفجارات والاغتيالات، تحملت مسؤولية من ذهب ضحية تلك الانفجارات والاغتيلات من اسرتها، سواء كان زوجاً ام اباً ام ابناً. وأصبحت الأرامل معيلات لأطفالهن وحتى اطفال اقرباء لهن، وعليهن رعايتهم وتنشئتهم. فضلا عن اضطرار الكثير من النساء للخروج الى العمل، الذي قد لا يصلح لهن، لكي يوفرن لقمة الخبز لأسرهن بعد فقدان المعيل.
كذلك عانت المرأة من أساليب الترهيب والتخويف، هذه الظاهرة التي عرفها مجتمعنا بعد 2003، وبعد الفتنة الطائفية التي مر بها البلد. وكان عليها هي وأسرتها التنقل من مكان الى آخر هروبا من التهديد بالقتل والتهجير، وما تبع ذلك من اعمال الأرهاب التي تمثلت بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة التي حصدت أرواح الكثير. وقد شكل هذا الأمر عبئا نفسيا مضافا على كاهل المرأة، حيث زاد من خوفها وهواجسها على أفراد عائلتها، وعلى نفسها كذلك. ناهيك عن اولئك اللاتي تحملن الاساءة وسوء المعاملة عندما اضطررن للسفر والعمل خارج العراق، والحال هذا لا يخص النساء الاميات اللاتي عملن بمهن بسيطة، كبائعات البسطات، بل حتى الخريجات بعدما حصلن على وظائف لا ترضي طموحهن، ولكن هذا ما فرضته الظروف الصعبة التي عانين منها.
وبسبب انعدام الأمن والتهديدات التي طالت الكثيرين، من قبل عصابات اجرامية او عصابات تتخفى بإسم الدين، وعزوف الكثير من الرجال عن الخروج الى العمل، اضطرت المرأة، سواء كانت اماً او اختاً او زوجة او ابنة، لإعالة أسرتها، والخروج بدلا من الرجل للعمل، والقيام بدورها ودور الرجل معاً.
كل هذا جعل المرأة تمر بحالة من الإحباط والشعور باليأس، وأصبح لدى عدد كبير من النساء ايمان مطلق بأن القادم أسوأ وأفظع لانعدام الأمل في تغيير واقعنا الذي نعيشه. وقد عزفت الكثيرات عن الزواج وتكوين أسرة بسبب الخوف من المستقبل، وما قد ينتظرهن من مصائب وويلات، مما ولّد خللا عظيما في بنية المجتمع. كذلك زادت حالات الطلاق بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية، التي تثقل كاهل المرأة، وتسبب عدم شعورها بالأمان، وخوفها من المجهول.
ولا ننسى ما عانته، وما زالت، من ارهاب فكري ومجتمعي، فهي لا تستطيع التعبير عن نفسها في مجتمع ينكر فيه الرجال دورها العظيم في الحفاظ على بنيته وتماسكه، رغم ما مر به من مصاعب.
لذا ليس في الأمر مبالغة اذا قلنا أن المرأة هي الضحية الأولى للحروب والأعمال الأرهابية التي عصفت بمجتمعنا. نعم أن ما مرّ به المجتمع طال الرجل والمرأة معا، لكن المرأة، وبسبب كل ما ذكرناه كانت العنصر الأكثر تضررا والأكثر معاناة من الرجل، وستبقى معاناتها ما بقيت التناحرات السياسية والأزمات الخانقة التي تفتعلها الكتل المتنفذة صاحبة القرار، لتحقيق مصالحها الذاتية والحزبية.
ولكن ليس على المرأة، وهي قادرة على التحدي وخوض الصعاب، ان تنتظر انصافها لتحظى بمكانتها التي تستحق، لان ذلك يبدو بعيداً، لذا عليها ان توحد جهودها مع ناشطات بدأن الحراك للمطالبة بالحقوق بكل الوسائل المتاحة، ليكملن مسيرة النضال في سبيل الحرية والعيش الكريم.
وليتذكرن قول الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني    ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

  كتب بتأريخ :  الإثنين 30-01-2012     عدد القراء :  1645       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced