الزواج المبكر.. مرة اخرى!
بقلم : مديحة البياتي
العودة الى صفحة المقالات

لطالما اعتبرت اغلب الامهات والجدات ان زواج الفتاة وهي صغيرة من أهم اسس نجاح الزواج وإدامته، ولاسباب مختلفة، من وجهة نظرهن. ولكن الغريب أن هناك اباء وامهات يعتقدون بذلك في وقتنا الحاضر، رغم التغيرات التي مر بها المجتمع، ويفضلون تزويج ابنتهم الصغيرة، التي يعتقدون انها قادرة على ادارة بيت ورعاية اسرة وتربية اولاد، ونسوا انها هي من بحاجة الى التربية والرعاية. وتقريباً أجمعت اراء من التقينا بهم على مساوئ الزواج المبكر وما يتركه من آثار سلبية على الصحة النفسية والجسدية، فضلا عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي ايضا.
هل الزواج فرحة العمر؟
* تباهت (آية) أمام زميلاتها وهي في الصف الثالث المتوسط بخطبتها من شاب ثري. لم تعد تخرج معهن. ولم يعد لها إهتمامات إلا التفكير بجهاز العروس وبالحفل الكبير الذي سيقام لها، وبالحديث عن خطيبها. لقد أهملت الدراسة، ولأن العريس مستعجل يريد الزواج، لم تحصل على الشهادة (المتوسطة)! تقول آية:
- نعم فرحت بحفل الزفاف وبالفستان الأبيض ولم أكن أعرف ما ينتظر الفتاة بعد الزواج. تزوجت وانا في الخامسة عشرة من عمري، وطلقت وخسرت اولادي الاربعة وأنا بعمر الخامسة والعشرين من عمري. لم أستطع خلال عشر سنوات التفاهم مع زوجي. ولم أعرف كيف أوجه أولادي، لأنني كنت صغيرة السن وظلت إهتمامات الفتاة المراهقة تسيطر على تفكيري. أولادي الان مع والدهم. لا أتمنى أن يحصل لإبنتي ما حصل لي. أحاول اكمال تحصيلي العلمي رغم صعوبة الامر، لاشق طريقي في الحياة، لانه افضل من الجلوس في البيت مطلقة وعاطلة عن العمل.

العلم ضروري!
* أما ميساء سعد التي تزوجت أيضاً في سن مبكرة وأنجبت أربعة أطفال تضع كل ثقلها في تربية أطفالها تربية صالحة تحاول أن تقرأ وتتعلم وتثقف نفسها وتشاهد برامج التلفزيون التوجيهية. تقول: رغم أنني أنجبت أولادي قبل أن أبلغ الثالثة والعشروين من عمري إلا أنني كنت أربيهم بالفطرة من دون تخطيط أو وعي أو تطبيق لمبادئ تربوية. تعلمت بهم ومعهم، ولكنني أرفض ان تعيش أبنتي تجربتي، بل والزمها وأخوتها بمتابعة تحصيلهم الدراسي رغم معارضة زوجي الشديدة لذلك، لاني اريدهم ان يتمتعوا شخصية قوية وثقة كبيرة بالنفس، ليتخذوا قراراتهم بوعي وفهم واقتناع وادراك بالمسؤولية.

مراحل العمر الطبيعية
* وإكتشفت ميعاد أحمد فجأة أنها لم تعد صغيرة، وقد أصبحت زوجة وأماً، وهي مازالت في السادسة عشرة من عمرها. تقول:
- تصرفاتي محسوبة. لباسي يجب أن يتغير. لم أعد أعرف معنى للمرح أو الخروج من المنزل. لم يكن العائق أبني، أنما الزواج بحد ذاته، الذي يغير الكثير من الأمور ويبدل الكثير من العادات، ولكني مازلت أشعر بسرور كبير وأنا أشاهد افلام الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال وحتى المسلسلات التي تحكي عن تصرفات المراهقين ومشاكساتهم لأهلهم. لا بد ان يمر العمر بمراحله الطبيعية (الطفولة، المراهقة، الشباب) ومن ثم زواج وأسرة، ذلك يساعد في إيجاد مجتمع قوي متماسك واع مثقف. ولكن للاسف فهمت ذلك متأخرة، ومن هنا عرفت معنى مجتمع متقدم ومجتمع نامٍ.
الصحة الإنجابية
* وحالة فيان تشبه حالات كثيرة، فهي أم لثلاثة أطفال، لكنها لم تستطع إكمال فترة حملها لمرتين وولد لها طفل ميت في المرة الثالثة، عن هذا تقول: لم يكن جسمي قد تهيأ بشكل كامل لاحتضان الجنين، هذا ما أكده الطبيب لي ولأسرتي، وسبب لي الاجهاض المتكرر نقصاً حاداً في الكريات الحمر.
*أما هدى وليد ذات الـ19عاماً فهي مهددة بزواج ثان اذا لم تنجب، لاسيما أن عمر زواجها خمس سنوات.
بين المسؤولية والواقع
*أما نهاد مهيمن ذات الثمانية عشرة ربيعاً تقول بأسى: اهلي السبب. وتضع اللوم على أم الشاب التي تبحث لابنها عن عروس صغيرة لتكون تحت سيطرتها. وعلى الشاب الذي يضع مصيره بين يدي والدته ولا يعرف ماذا يريد. يختار الفتاة فقط لانه اعجب بها من بين كثيرات تختارهن له والدته بعد ان يضعها في الميزان. اما الفتاة فلا حول ولا قوة لها وقد اختارت هذا الزواج دون وعي وادراك ولان والديها لم يقفا موقفا حاسما ومسؤولا اتجاه ابنتهما. ولا يبقى امامها الا التمرد او الطلاق وكلاهما صعب ومؤلم. أنا الان مطلقة بعد زواج دام سنتين أنجبت خلالهما طفلاً.
تباين في المواقف
* ديما سرمد في الرابع الاعدادي. فرح والدها حين تقدم إلى خطبتها شاب هو أيضا في مقتبل العمر وتزوجها.
* بينما والد هدى، الطالبة في المعهد التجاري، رفض أن يتم زواجها إلا بعد حصولها على الشهادة. وقال للعريس: كلما أضعت فرصة لحصول هدى على الشهادة أطلت فترة الزفاف.
* أما رانيا خالد، إبنة طبيب خضع لرأي زوجته، وزوج أبنته وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة بعد. ولكنها عادت اليه مطلقة بعد خمس سنوات.
كيف ينظر الاختصاصيون للموضوع؟
* المحامي مهند الجريصي يقول: أن النساء اللواتي لم يحصلن على قسط ضئيل من التعليم يصعب عليهن التحكم في شؤونهن الخاصة، ويكون نصيبهن من الاستقلال المادي محدوداً. من جهة أخرى فإن الزواج المبكر يرفع أخطار الحمل عند الأمهات الصغيرات، وبالتالي يرفع من الاخطار المتوقعة على صحة أطفالهن. مؤكداً أن تعليم الإناث وتأهيلهن يشكلان المنطلق الأساسي لتحريرهن من التبعية الاقتصادية، والقيام برسالتهن في الاسهام بشكل فعال في تنمية مجتمعهن. بالتالي فإن الاستقلال الاقتصادي الذي تتيحه العمالة للنساء يعزز مكانة المرأة ومركزها.
* وتؤكد الدكتورة نضال أن سن بلوغ الفتاة يتراوح بين 9 الى 16 عاماً، إلا أنه لا يعني أبداً أن رحم الفتاة جاهز لاستقبال الجنين لأنه يحتاج بين 5 ـ 8 سنوات لإتمام الدورة الإباضية بشكلها الكامل، وإذا ما تم الزواج قبل هذه الدورة، فإنها غالباً تكون غير قادرة على الانجاب فتحصل المشكلات، التي تؤدي الى الطلاق أو تعدد الزوجات. ومن المشكلات الصحية التي قد تتعرض لها الفتيات أثناء المراهقة ما يسمى بـ(تسمم الحمل) وتعرضها إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم بسبب حساسية الأنسجة الداخلية، إضافة إلى جهل الفتاة بكيفية حدوث الحمل والتعامل معه، وكيفية التصرف مع آلام الولادة، جميعها قد تسبب إشكالات مرضية عديدة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 30-01-2012     عدد القراء :  2124       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced