من أوراق معلمة متقاعدة (10)
بقلم : نبيهة أحمد النعيمي
العودة الى صفحة المقالات

الساعة قاربت منتصف النهار، وليس هناك ما يبعث على الطمأنينة في روحي، ليس سوى والدتي التي ربما تخشى في داخلها عليّ وعلى الجنين، اكثر من خشيتها على زوجي وحبيبي حسام. أعرف ان في داخلها قلق نتيجة ما يجري، وليس هناك من مؤشر يدلل على إنهاء هذه الحالة، بل العكس، فقد بدأ المذيع بقراءة برقيات التهنئة المرسلة من قادة عسكريين. تمنيت ان تكون خالتي والدة حسام موجودة، كي تقاسمني هذا القلق الذي بدأ يأكل روحي بشكل لا يطاق، فهي أم، وقد قرأت الكثير عن حب الأم لأبنها، خاصة عندما يتعرض إلى خطر، وحسام في خطر. ولكن من يستطيع أن يريحني وينقل لي خبرا ينفي هذا الخطر، لا أحد، بالتأكيد لا أحد ما دام صوت الطلقات يرتفع بين فينة وأخرى. وكان أكثر ما يثير قلقي صوت الطائرات، فقد كانت تملأ سماء بغداد بضجيجها، وما يجعلني أكثر قلقا، هو عدم معرفتي أين تلقي بحممها، فإذا كانت على وزارة الدفاع، يعني أن حبيبي هو أحد ضحايا هذه القنابل.
كنت ماسكة أحدى ظلفتي الباب ومواربة فتحته، لعلني أرى بارقة أمل تطفئ النار التي تستعر في روحي، وما عادت والدتي غير مُسكّن باطل المفعول، صلاحية تأثيره انتهت منذ أن عرفت هدفها في المحافظة على الجنين، وهي تكرر عبارتها الممجوجة (يوم موزين عله اللي ببطنك هذا القلق)، وهي لا تدري أن (الزين) هو أن أرى حبيبي حسام بطوله وطلعته البهية أمامي واقفا، اقبّل وجنتيه وأضمه إلى صدري، أخبئه بين أضلاعي كي لا يراه احد. في هذه الأثناء وأنا واقفة عند فتحة الباب المواربة، مرت تظاهرة مسرعة أو في الحقيقة راكضة، وهي تردد (ماكو زعيم إلا كريم) ولا أدري كيف شب بصدري فرح طفولي، وكدت أفتح الباب على مصراعيه وأهتف معهم، لولا حاجز الخجل. عدت إلى أمي مسرعة، كانت في المطبخ منشغلة بإعداد طعام العشاء، أخبرتها عن التظاهرة التي مرت مسرعة، وعن ما تردده، فقالت دون أن ترفع عينيها عن حفر حبة من الفلفل الأخضر:
-                    يوم مو كَتلج هذا الرئيس هواي ناس تحبه، وهسه راح تشوفين اشكد تطلع تظاهرات تأييد إله.
وللحقيقة اقتنعت بقول والدتي أو تنازلت عن قلقي لبعض الوقت، حتى يعود حسام إلى البيت.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 30-01-2012     عدد القراء :  1606       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced