لا تضربني .. كسّرت الخيزرانة !
بقلم : سليمة قاسم
العودة الى صفحة المقالات

توجهت مع مجموعة من قريباتي لتلبية دعوة زواج ابنة احدى قريباتنا، وعندما وصلنا الى بيتها الذي كان يقع في منطقة ريفية جميلة، استقبلتنا ومجموعة من النسوة من جاراتها وقريبات العريس بثيابهن الزاهية وزينتهن المبالغ فيها.
تطلعت في وجوه تلك النسوة اللواتي.. كن يعشن على الهامش، ولم يجدن سوى الاذعان وتنفيذ اوامر الرجل. كانت احاديثهن، التي اتسمت بالسخرية، تدور حول ما يفعله بهن الرجال من الازواج او الاخوة او الاباء وحتى الابناء، وما يتعرضن له من سوء المعاملة والضرب والاهــانة وفــرض الرأي.
كانت اغنية (لا تضربني لا تضرب كسرت الخيزرانة...) تصدح في ارجاء البيت كأنها تحكي معاناة تلك النسوة، او تتنبأ بمصير العروس المقبلة على حياة جديدة، يبدو انها لن تختلف كثيرا عن حال قريباتها ونساء قريتها اللاتي يعشن الظروف نفسها وان اختلفت التفاصيل.
تحدثت امرأة ما تزال في مقتبل العمر عن زوجها الذي اصبح شيخ العشيرة رغم صغر سنه، وكيف كان يجيد حل مشاكل قريته واقاربه لكنه لا يجيد حل مشكلته معها، فقد كان لا يكرر طلبه اكثر من مرة، وفي المرة الثانية يكون طلبه مصحوبا بضربة قوية، وبكل ما تقع عليه يداه.
استمرت النسوة، وقد وجدن متنفساً لهن، بسرد معاناتهن وبأسلوب ساخر، فالحديث عن المعاناة حتى مع اقرب الاقرباء مرفوض رفضا باتا وفقا لعرف المجتمع الذي يرى في موضوعة العنف شأنا عائليا بحتا.
بعد فترة هدأت النسوة وقد شعرن بالتعب، وهنا جاء دوري ورحت احدثهن عن الظلم الذي يتعرضن له، وكيف ان المراة كائن لا يختلف عن الرجل في شيء، ولها حقوق مثلما عليها واجبات، وعلى الرجل ان يحترمها ويقدر مشاعرها وانها تستطيع ان ترفض ما يفعله الرجل بها.
تفاجأت النسوة بهذا الحديث، ولكن بعدها رحن يطرحن الاسئلة عما يمكن فعله للتخلص من اضطهاد الرجال وتحكمهم فيهن. فأجبت بطريقة بسيطة قريبة لفهمهن.
اما ام العروس، ويبدو ان حديثي لم يرق لها، فقد سألتني عما فعلته انا بالذات للدفاع عن المرأة. اخبرتها انني سخرت قلمي للدفاع عن قضايا بنات جنسي وكشف ما يتعرضن له اولا، وثانيا انا عضوة في سكرتارية احدى منظمات المجتمع المدني التي لها تاريخ مشرف في الدفاع عن المرأة.
كان لا بد ان اطرح حلا معينا بدلا من الكلام، اقترحت مثلا تنظيم تظاهرة لنساء القرية وللمدافعات عن حقوقهن في ساحة التحرير. ردود الافعال كانت متباينة، بعضهن رفض الفكرة رفضا قاطعا، اما البعض الاخر فادرك صعوبة تنفيذها، فإقترحن الذهاب الى الساحة منقبات خوفا من بطش الرجال بهن، وبالنتيجة لم توافق اي امرأة على الذهاب معي الى ساحة التحرير.
ساد صمت مطبق حين دق موبايل ام العروس. طريقتها في الحديث اوضحت ان زوجها هو المتصل، بعد انتهاء المكالمة طلبت مني مرافقتها الى بيتها لجلب حاجة ما. اعتذرت عن الذهاب معها لكوني متعبة. بعد مدة عادت لكن وضعها غير الطبيعي اثار انتباهي. وحين جاء اهل العريس لاصطحاب العروس الى بيت الزوجية، بكت امها بكاء مريرا، اقتربت منها لتهدئتها، فاشارت الى خدها الذي احمر وهمست في اذني ان زوجها فعل ذلك حين ذهبت للبيت قبل قليل لانها نسيت كيّ ثوبه، ثم عبرت بحزم عن استعدادها للذهاب معي الى ساحة التحرير...

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 07-02-2012     عدد القراء :  2233       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced