انقلاب شباط أسود
بقلم : علي نافع حمودي
العودة الى صفحة المقالات

كثيرة هي الأحداث  في تاريخ العراق، وأغلبها شكّل مفترق طرق وأدى إلى نتائج ظلت سماتها بارزة في المشهد العراقي بكل أبعاده،ولعل أغلب الأحداث في العراق كانت تقود إلى برك من الدماء وتدمير لما هو موجود من بنى ومؤسسات لتبدأ مرحلة جديدة عادة ما تكون من الصفر. إذا كان هنالك حدث تأريخي بمعنى الكلمة غيّر مسارات بناء الدولة العراقية فيمكننا اعتبار تاريخ الثامن من شباط عام 1963

بداية النهاية لحلم راود الكثير من أبناء الشعب العراقي في أن يجدوا دولتهم تقوم على أسس صحيحة في عمليتي البناء المؤسساتي من جهة والاقتصادي المتكامل من جهة ثانية عبر مشاريع عديدة بعضها رأى النور وآخر ينتظر.
وعلى هذا الأساس كان هنالك تفاعل كبير بين الشعب العراقي وثورته الفتية التي تمكنت من أن تعالج الكثير من مواطن الخلل في المجتمع العراقي، حيث شهد العراق آنذاك جملة من المشاريع النهضوية خاصة في مجالي الصحة والتعليم والزراعة التي نهضت كثيراً عبر تشريع الكثير من القوانين التي يمكن القول إن النظم الحاكمة في العراق بعد عام 1963 فشلت في أن تصل إلى درجتها من حيث العدالة والتطبيق والرؤية الاقتصادية المنهجية لاستثمار ما متوفر في البلد من خيرات، وفي مقدمة هذه القوانين قانون الإصلاح الزراعي الذي ربما نظر إليه البعض نظرة اشتراكية، فيما وجده البعض ترجمة لثورة 14 تموز 1958 في كونها أنهت الإقطاعية، لكن لم ينظر أحد لهذا القانون باعتباره قانوناً ذا أبعاد اقتصادية كبيرة على الناتج الوطني من جهة، ومن جهة أكثر أهمية بوصفه قانوناً وفّر فرصة عمل لأكثر من مليون عراقي وجدوا أنفسهم أصحاب عمل حقيقي لا أجراء يتقاضون ثمناً بخساً عن أعمال كبيرة.
لهذا فإن إنجازات عبد الكريم قاسم رجل ثورة 14 تموز لم تكن ترضي الكثير من الذين تربصوا بهذه الثورة وحاولوا بين الحين والآخر تشويه ملامحها أو التقليل من قيمة ما أنجزته للشعب العراقي أو ما ستنجزه في خططها القادمة، خاصة ما يتعلق منه بقطاعات مهمة وخطيرة وهو قطاع النفط استثماراً وتصديراً، حيث ومن خلال مراجعتي المستمرة الكثير من الوثائق التاريخية نجد أن هنالك الكثير من القرارات ومشاريع القرارات كانت قد تمت مناقشتها بين الزعيم قاسم والوزراء والمستشارين وأبرزها الشروع بطرح مشروع تأميم النفط العراقي وجعل عملية الإنتاج والتصدير بيد العراق بعيداً عن الشركات البريطانية والهولندية وغيرها من الجنسيات، والكثير من الوثائق التاريخية تؤكد أن مشروع هذا القانون كان على مكتب الزعيم عبد الكريم قاسم ليلة الثامن من شباط 1963.
لهذا فإن ما حدث صبيحة الثامن من شباط لم يكن ثورة ولا حتى انقلاباً، بقدر ما كان محاولة لنسف الدولة العراقية الناهضة  وإرجاعها عشرات السنين للوراء، بغية استكمال حلقة التفرد بالخيرات وإبقاء الشعب العراقي  في حالة من الجمود والضياع وهذا ما حصل بعد شباط 1963 حيث دخل العراق في دوامة من الصراعات المتتالية. دخل العراق بعد الثامن من شباط نفقاً مظلماً استمر عقوداً طويلة أعادت العراق لعصر ما قبل عبد الكريم قاسم وها نحن نعيش اليوم في بلد يفتقد الكثير من البنى التحتية التي كانت موجودة قبل شباط 1963.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 08-02-2012     عدد القراء :  1520       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced